في خطوة تمهد الطريق أمام إنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 10 سنوات، وافقت حركة "حماس" الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة، أمس، على حلّ حكومتها التي شكلتها تحت مسمى "اللجنة الإدارية"، ودَعَت حكومة رامي الحمدالله، ومقرها رام الله، للمجيء لممارسة مهامها، كما أعلنت موافقتها على اجراء انتخابات عامة.

وقالت الحركة، في بيان، إن الخطوة التي اشترطتها السلطة الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس جاءت "استجابة للجهود المصرية الكريمة بقيادة جهاز المخابرات العامة".

Ad

وأكد البيان: "استعداد الحركة لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه الفصائل الفلسطينية الموقعة على الاتفاق".

وينص اتفاق القاهرة الذي توصلت إليه "حماس" و"فتح" والفصائل برعاية مصرية على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.

وكان وفد "حماس" برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية الذي وصل قبل أسبوع إلى القاهرة أجرى مباحثات مع رئيس المخابرات العامة خالد فوزي، في حين التقى وفد برئاسة القيادي في حركة فتح عزام الأحمد مسؤولين مصريين مساء أمس الأول.

ترحيب فتحاوي

في غضون ذلك، رحبت "فتح" بخطوة "حماس"، وقال عضو اللجنة المركزية للحركة مفوض العلاقات الوطنية عزام الأحمد الموجود حالياً في القاهرة: "سيتم عقد اجتماع ثنائي بين فتح وحماس، يعقبه اجتماع لكل الفصائل الموقعة على اتفاق المصالحة من أجل البدء في الخطوات العملية لتنفيذ الاتفاق بجميع بنوده، باعتبار الخطوة تعزز وحدة الصف وتنهي الانقسام البغيض الذي دفع شعبنا ثمناً غالياً نتيجة له".

وأثنى الأحمد على الجهد المصري المتواصل، مؤكداً أن "الأيام المقبلة ستشهد خطوات عملية ملموسة تبدأ باستئناف حكومة الوفاق عملها وفق القانون في غزة، كما هو في الضفة، من أجل استكمال الجهود للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع، والعمل على رفع الحصار الظالم المفروض عليهم".

وبينما أشادت القاهرة بموقف حركتي "فتح" و"حماس"، تجاه جهودها التي تهدف إلى "الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة"، رحب عدد من الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية بحل "لجنة حماس"، بينها "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" و"المقاومة الشعبية".

إلغاء العقاب

في هذه الأثناء، أفاد مصدر فلسطيني شارك في لقاءات القاهرة بأن الرئيس عباس "سيصدر مرسوما لإلغاء جميع القرارات التي اتخذتها السلطة ضد لجنة حماس التي تشكلت في مارس الماضي، وذلك كخطوة تلي تلك التي اتخذتها الحركة المسيطرة على قطاع غزة، وتمهيدا لبدء حوار وطني".

وكانت السلطة التي تتخذ من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا لها، اتخذت سلسلة قرارات للضغط على "حماس"، بينها وقف التحويلات المالية إلى القطاع وخفض رواتب موظفي السلطة، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها إسرائيل القطاع.

دوافع واختبار

وأكدت الحركة الإسلامية أن خطوتها جاءت بعد توفر الضامن الحقيقي للالتزام بالمصالحة، وهو مصر والقيادة المصرية.

وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم: "إن أسهل قرار هو حل اللجنة الإدارية، ولكن لم تكن هناك ثقة بالرئيس وحركة فتح، ولم يكن هناك ضامن حقيقي لإجبار وإلزام عباس بكل استحقاقات الوحدة والمصالحة".

وأشار برهوم إلى أن مصر تبذل جهودا كبيرة من أجل تذليل العقبات أمام الوفاق، مضيفا أن وفدي "حماس" و"فتح" موجودان حاليا في القاهرة، و"أن الفرصة اليوم كبيرة وسانحة والقوة الدافعة أكبر من ذي قبل باتجاه إنجاح الجهد المصري".

واعتبر برهوم "أن حماس قدمت الكثير وحلت اللجنة الإدارية، وأنه ليس أمام أبي مازن وفتح الآن إلا التحلي بالمسؤولية الوطنية العالية والتجاوب مع الجهد المصري وهم اليوم أمام اختبار جديد".

وعبر عن أمله في نجاح الجهد المصري لتوحيد الفلسطينيين، حتى يتفرغوا للتحديات التي تواجههم، بما فيها "التهويد والاستيطان والعدوان والحصار".

استيضاح والتزام

وطالبت حكومة الوفاق الوطني من "حماس" توضيحات بشأن "طبيعة قرارها" بحل اللجنة الإدارية، وعبرت في الوقت نفسه عن ترحيبها بالخطوة، وقالت إنها "في الاتجاه الصحيح".

وشدد متحدث باسم حكومة الحمدلله على استعدادها للتوجه إلى قطاع غزة، وتحمل كل المسؤوليات، مطالباً بضرورة أن تكون هناك توضيحات لطبيعة قرار "حماس" حل اللجنة الإدارية، وتسليم الحكومة الوزارات وجميع المعابر، وعودة الموظفين القدامى لأماكن عملهم، ومؤكدا التزام الحكومة التام باتفاق القاهرة والعمل على تنفيذه.

وقال المتحدث إن الحكومة ملتزمة "بما تمليه المصلحة الوطنية العليا بإنهاء الانقسام الأسود واستعادة الوحدة الوطنية ووحدة الصف من أجل ضمان مواجهة كل التحديات الخطيرة التي تواجه شعبنا وقضيتنا الوطنية".

ثناء وفرصة

في موازاة ذلك، أثنى المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، على الدور المصري ورحب بقرار "حماس".

وأكد ملادينوف أنه "يجب على جميع الأطراف اغتنام الفرصة لاستعادة الوحدة، وفتح صفحة جديدة للشعب الفلسطيني".

وأعرب عن استعداد الأمم المتحدة لدعم الجهود المبذولة، موضحاً أنه "لمن الأهمية البالغة أن يتم معالجة الوضع الإنساني الخطير في غزة، وبالأخص أزمة الكهرباء، كأولوية".

وتفرض إسرائيل منذ عشر سنوات حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني شخص.

ويعتمد أكثر من ثلثي سكان القطاع الفقير على المساعدات الإنسانية.

من جهة أخرى، وصفت الرئاسة الفلسطينية تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسعي نحو تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بـ"العود المهم"، وقالت إنها تنتظر ترجمته على الأرض.