توجهت الزعيمة البورمية اونغ سان سو تشي الثلاثاء إلى المجتمع الدولي قبل ساعات من افتتاح الجمعية العامة للأمم الأمتحدة، معلنة أن بلادها «مستعدة» لتنظيم عودة أكثر من 410 آلاف لاجىء من المسلمين الروهينغا الذين فروا إلى بنغلادش، لكن من دون تقديم حل ملموس لما تعتبره الأمم المتحدة تطهيراً إثنيا.وقالت سو تشي في كلمة متلفزة في البرلمان بالعاصمة نايبيداو في أول مداخلة لها بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الاضطرابات في غرب البلاد «نحن مستعدون لأن نبدأ التحقق في هويات اللاجئين بهدف تنظيم عودتهم».
وأوضحت أن «بورما ستستقبل من تعتبرهم لاجئين من دون أي مشكلة مع ضمان الحفاظ على أمنهم بالإضافة إلى حصولهم على المساعدات الإنسانية».إلا أن الشروط التي تفرضها بورما على الروهينغا صارمة جداً إذ أن هؤلاء لا يملكون أي مستند لإثبات إقامتهم منذ عقود في البلاد.وينشط الرأي العام البورمي إثر الانتقادات الدولية حول مصير أكثر 410 آلاف من الروهينغا لجأوا إلى بنغلادش بعد أن فروا من ولاية راخين في غرب بورما حيث يقوم الجيش بحملات عسكرية رداً على هجمات المتمردين الروهينغا منذ 25 أغسطس، وتحدثت الأمم المتحدة عن «تطهير إثني».ووجهت سو تشي «رسالة دبلوماسية» إلى الأمة أمام السفراء في نايبيداو، بعد أن واجهت انتقادات لاذعة لصمتها وبرودتها طوال الأزمة المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، ودعت إلى إنهاء الانقسامات الدينية في بورما بين الأكثرية البوذية والأقلية المسلمة.وقالت سو تشي في خطابها الخالي من كلمة «روهينغا» المحظر استخدامها في بورما، «نشعر بالحزن الشديد لآلام الأشخاص العالقين في الأزمة»، مشيرة إلى المدنيين الذين فروا إلى بنغلادش وأيضاً إلى البوذيين الذين هربوا من قراهم في المنطقة.ومضت تقول «لا نريد أن تكون بورما منقسمة حول المعتقدات الدينية»، في الوقت الذي تتعرض فيه لانتقادات شديدة لمماطلتها في وجه التيار القومي البوذي القوي، الذي يعتبر المسلمين بمثابة تهديد للهوية الوطنية.وتوجهت سو تشي إلى الجيش الذي قدمت له دعمها الثابت حتى الآن، رغم الاتهامات بارتكابه انتهاكات تحت غطاء إجراء عملية مكافحة الارهاب، وقالت إن «قوات الأمن تلقت تعليمات» من أجل «اتخاذ كل الاجراءات لتفادي الأضرار الجانبية وإصابة مدنيين بجروح»، مضيفة «نندد بكل انتهاكات حقوق الانسان».وتعهدت سو تشي العام الماضي، على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالدفاع عن حقوق هذه الأقلية التي تعتبر واحدة من الأقليات الأكثر اضطهاداً في العالم ووعدت بـ «مواجهة الأحكام المسبقة والتعصب».اعتبرت منظمة العفو الدولية الثلاثاء أن سو تشي تمارس «سياسة النعامة» تجاه «الفظائع» التي ترتكب في ولاية راخين.وأشارت إلى أن «هناك أدلة دامغة تثبت أن قوات الأمن تورطت في حملة تطهير إثني» آسفة لعدم تنديد الزعيمة البورمية الحائزة جائزة نوبل للسلام في خطابها الثلاثاء، بدور الجيش في هذه الاضطرابات.وقالت سو تشي أن منذ 5 سبتمبر «توقفت المعارك وانتهت عملية التطهير التي قام بها الجيش».ردّ العضو في منظمة «هيومن رايتش واتش» فيل روبرتسون من جهته، على كلام سو تشي عبر إبراز صور ملتقطة من الأقمار الصناعية تظهر أن «الدخان لا يزال يتصاعد من ولاية راخين»، مضيفاً «لا يبدو أن كل شيء انتهى في 5 سبتمبر»، وكررت المنظمة دعوتها إلى الأمم المتحدة فرض عقوبات على بورما.وكرّر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الإثنين موقفه من نيويورك «أحد لا يريد مشاهدة عودة النظام العسكري في بورما، لذلك من المهم أن تقول سو تشي والحكومة المدنية بوضوح إن هذه الانتهاكات يجب أن تتوقف».اعتبر المحلل المستقل في بورما ريتشارد هورسي أن «التزام بعودة اللاجئين بحسب اتفاق 1992، أمر جديد ومهم»، مشيراً إلى أن تقديم دليل بسيط على إقامتهم في بورما يجب أن يكون كافياً لعودتهم وليس تقديم دليل على حيازتهم الجنسية، التي حُرموا منها.لكن بعيداً عن هذا الخطاب الموجه إلى المجتمع الدولي، يعتبر البورميون أن الروهينغا ليسوا جزءاً من أمة بورما.واقترحت اونغ سان سو تشي الثلاثاء عكس ذلك مؤكدة أنها تسير على خطّ والدها اونغ سان، عرّاب الاستقلال البورمي، إذ أن دستور 1947 سمح إلى قسم كبير من الروهينغا بالحصول على وضع قانوني ومنحهم حق التصويت.إلا أن الدكتاتورية العسكرية التي أنشأت في 1962، لعبت دورها في تغذية الكراهية ضد الإسلام والقانون البورمي الصادر عام 1982 ترك الروهينغا من دون جنسية.دبلوماسياً، تنأى اونغ سان سو تشي بنفسها عن قائد الجيش البورمي الجنرال مين أونغ هلاينغ الذي يلعب في الخفاء دوراً أساسياً في هذا الملف.وحذر أونغ هلاينغ على حسابه على «فيسبوك» أن مسألة الروهينغا «هي قضية وطنية ويجب أن نكون موحدين لتبيان الحقيقة»، علماً أن هذه الجماعة المحرومة من الجنسية لا تمتّ بصلة إلى بورما.واندلعت أعمال العنف في أواخر أغسطس الماضي إثر شن مسلحين من الروهينغا هجمات شملت 30 مركزاً للشرطة في ولاية راخين في غرب بورما، ثم قيام الجيش بحملات عسكرية رداً على هذه الهجمات.وتسبب ذلك بنزوح نصف سكان ولاية راخين من الروهينغا، الذين اضطروا للتوجه إلى بنغلادش حيث يعيشون في أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم.كما نزح أيضاً نحو 30 ألفا من البوذيين والهندوس في ولاية راخين إلى مناطق أخرى داخل بورما بعد استهدافهم كما يقولون من قبل «جيش انقاذ روهينغا اراكان».
آخر الأخبار
سو تشي تعلن استعداد بلادها تنظيم عودة اللاجئين الروهينغا.. وتتجاهل التنديد بمجازر الجيش
19-09-2017