أطلقت لجنة مهرجانات عنجر الدولية مهرجاناتها الأولى في قلعة عنجر التاريخية عام 1972، وما لبثت بعد ذلك أن اندلعت الحرب في لبنان فتوقفت المهرجانات إلى أن أعيد إحياؤها في عام 1991، ثم توقفت وعادت مجدداً في عامي 2003 و 2004 من ثم عام 2009، واستعادت زخمها عام 2013.

تزامنت مهرجانات عنجر السياحية هذا العام مع احيائها الذكرى الـ 78 لإعادة بناء البلدة (1939) ومع عيد الصليب، فضلا عن ذكرى المعركة البطولية لجبل موسى التي سطرها أرمن عنجر بوجه الظلم والاضطهاد والإبادة وانتصروا، وهي مناسبات لها خصوصيتها في المدينة.

Ad

تضمنت المهرجانات حفلات فنية وتراثية شاركت فيها اسماء أرمنية لامعة توجت ليالي عنجر بفنونها وتراثها، فضلا عن فرق أرمنية، من بينها فرقة هماسكيين، قدمت لوحات فلكلورية بهدف التعريف بهذا التراث الفني.

اضافة الى الفنون التراثية والغنائية شهدت عنجر افتتاح سوق الأكل الذي تضمن منتوجات عنجر الزراعية المستوفية للشروط البيئية والصحية والغذائية السليمة، ورفوفاً واجنحة لأهم المطاعم التي تقدم وجبات سريعة وأطباقاً شرقية وغربية والطبق اللبناني .

كان للبرامج الترفيهية مكانتها في المهرجانات عبر «كرمس» حفل بألعاب ونشاطات توجت بمنطاد سياحي هو الأول من نوعه في لبنان سيتكفل بتنظيم رحلات سياحية على طول البقاع .

قرار جريء

انطلقت المهرجانات هذا العام بحضور وزير السياحة كيدنيان وافتتحت بالنشيدين اللبناني والأرمني، فدقيقة صمت على أرواح شهداء الجيش ثم كلمة رئيس جمعية انماء عنجر جورج بوشكيان الذي أعرب عن فرحه بما وصفه القرار الجريء الذي اتخذ لإحياء مهرجانات عنجر هذا العام، لافتاً إلى أن حركة مهرجانات واحتفالات منقطعة النظير عمت لبنان من أقصاه الى أقصاه، و«هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا العمل الدؤوب لوزير السياحة بالرغم من التحديات الأمنية»، على حدّ تعبيره.

بدوره رحب رئيس بلدية عنجر بضيوف عنجر وأهلها في هذا المهرجان الذي «أردناه تحية لأجدادنا والتعبير العملي عن تطلعات أهل بلدتنا عنجر، ودعم وجودهم من خلال تنظيم مشاريع إنمائية حياتية وتقديم كافة منتجات هذه البلدة الى الجمهور».

وأشار رئيس بلدية عنجر الى أن عنجر التي يزورها الألاف كل عام بفضل موقعها المميز على الخريطة السياحية اللبنانية، تقدم تجربة مختلفة في مهرجاناتها.

أما وزير السياحة فأوضح أن وزارة السياحة رعت أكثر من 130 مهرجاناً سياحياً في لبنان، وأنه تحدث في أكثر من 30 مهرجاناً، وقال: «يشرفني أنا إبن عنجر أن أكون في هذا المهرجان المتواضع الذي سيتطور مع العلاقات الأخوية التي تربط عنجر بمحيطها، الأمر الذي ساهم بازدهارها».

ووعد كيدانيان بمهرجانات مقبلة في عنجر، «واعدة وأساسية في خريطة المهرجانات السياحية التي ستلحظ تواريخ محددة تراعي توقيتاً مختلفاً لكل مهرجان».

رمز الحضارة العربية

تقع عنجر أو حوش موسى في محافظة البقاع شرقي لبنان، معظم سكانها من الأرمن. بناها الخليفة الوليد بن عبد الملك (705-715م) على بعد نحو كيلومتر واحد إلى الجنوب الغربي من نبعها المعروف بـ «عين جرا»، وأرادها مدينة محصنة. لتنفيذ مشروعه، استعان بمهندسين وحرفيين وصناع بيزنطيين وسوريين يتقنون تقاليد العمارة والزخرف القديمة الموروثة من الرومان والإغريق. وقد استخرج هؤلاء الحجارة اللازمة للمشروع من المقالع المجاورة، ونقلوا عناصر بنائية أخرى، كالأعمدة وقواعدها وتيجانها وتعتيباتها، من بقايا الأبنية الرومانية والبيزنطية التي عثروا عليها في الجوار.

عام 744، دمرها الخليفة مروان الثاني على أثر انتصاره على إبراهيم بن الوليد في معركة دارت رحاها على مقربة منها، فراحت البلدة تتداعى حتى تحولت في القرن الرابع عشر إلى أطلال وتراب وسط مساحات شاسعة من المستنقعات. وظلت على هذه الحال حتى سنة 1934، عندما بدأت المديرية العامة للآثار اللبنانية أعمال استكشافها.

تعدّ قلعة عنجر الموقع اللبناني الوحيد الذي يعود إنشاؤه إلى الحقبة الزاهرة في تاريخ الحضارة العربية.