تفاؤل وهمي هذا الذي أعيشه أم هو واقع يستحق التفاؤل؟ لا أعلم، إلا أنني ومع كتابة هذا المقال أشعر بالتفاؤل وأتمنى أن أكون محقاً.لا أقول إننا نتجه إلى اللون الوردي سريعا، ولا أقول إنه لا منغصات في مجالات عدة تسعى إلى الانتقاص من هذا التفاؤل، إلا أنني أرى أمورا قد لا تكون مباشرة لكنها تشير إلى تغير إيجابي وشيك في الكويت.
أهم سبب يدعوني إلى التفاؤل هو انصراف الناس عن التركيز الشديد على السياسة ويوميات البرلمان والحكومة، الأمر الذي كان طاغيا قبل سنوات قليلة لدرجة جعلت الكثيرين في تلك الفترة يعرفون أدق التفاصيل عن مداخلة هذا النائب ورأي ذلك النائب وسجال هذا وذاك، فلو تتذكرون مثالاً لا حصراً، كيف كانت قناة «سكوب» تخصص الفترة المسائية كاملة ولمدة ثلاث ساعات للحوار مع نائب أو مرشح. وهو ما كانت تعمله قناة «الوطن» كذلك التي كانت تقدم أكثر من برنامج سياسي في أوقات ذروة المشاهدة، وكلها تدور في فلك اللقاءات السياسية، وكذلك كانت تعمل قناة «العدالة» ببرنامجها المسائي الذي يمتد لأكثر من ثلاث ساعات للحديث عن يوميات المجلس والحكومة، وهو الأمر نفسه الذي جرف مختلف القنوات التلفزيونية، بل استدعى أحيانا إنشاء قنوات تلفزيونية للحديث عن يوميات مجلس الأمة.كل هذا الأمر تضاءل، بل قد يكون اختفى أيضا، وحتى إن وجد فلا يلقى أي صدى اليوم، فلم تعد الناس تتطلع لمقابلة هذا النائب أو ذاك أو لمواجهة مرشح مع آخر ولساعات طويلة في التلفزيون.هذا العزوف عن التركيز الشديد على يوميات السياسة، وانصراف الناس عنها إلى أمور أعتقد أنها قد تعود بفائدة أكبر، كزيادة الإقبال الشبابي على تأسيس المشاريع التجارية الخاصة، والالتفات إلى الثقافة والفنون بشكل أكبر، وما يحدث من إقبال على فعاليات مركز جابر الأحمد الثقافي، كلها براهين جميلة على ما أقول، بالإضافة إلى التوظيف الجيد لدى شريحة بدأت تكبر نوعا ما، أقول التوظيف الجيد لوسائل التواصل الاجتماعي في نقل سلبيات بعض القطاعات، الأمر الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى إصلاح تلك السلبيات من القائمين عليها تفاديا للانتقادات، وهو ما أدى إلى التنافس بين بعض المسؤولين لنيل رضا الرأي العام من خلال الإصلاحات العامة لا الترضيات الخاصة.بالإضافة إلى سلوك جديد بدأ ينتشر بشكل مفرح، وأعني هنا عدم الاستسلام لما يقوله رجل الدين أو من يدعي التدين، بل نقد السلوكيات والأقوال والفتاوى غير المنطقية من قبل الرأي العام، وبالتالي إزالة صفة القدسية غير المستحقة لهم، وهو قيد طالما أثر على مجتمعاتنا وسلم العقول لأشخاص قد لا يستحقونها في كثير من الأحيان، ولعل ما حدث مع عمرو خالد في موسم الحج يثبت ما أقول، خصوصا أن ما حدث له لم يكن ليحدث للشخصية نفسها قبل عشرة أعوام أو أكثر بقليل.إن كل تلك العوامل السابق ذكرها تدعوني إلى التفاؤل بأن الوضع قابل للتحسن بشكل سريع وغير مدبر، بل هي متغيرات الزمن التي تقودنا اليوم على ما أعتقد إلى اتجاه أفضل.
مقالات
مسألة وقت
20-09-2017