يقول المخرج طارق العريان إن التصنيف العمري أمر متعارف عليه في العالم، «لكن لا أعرف على أي أساس صنِّفت الأفلام في مصر أخيراً وهي تخلو من أي مشهد أو لفظ مرفوض للأطفال، فضلاً عن أن وجود الأب مع الطفل كاف لدخول الأخير إلى الدار. كذلك يسأل: «لماذا عمر 12+ وليس 16+، وكيف أعرف أن هذا المشاهد تجاوز هذه السن من دون تحقيق شخصية؟ لذا أرجو أن يُراجع المسؤولون هذه الشروط بالعودة إلى الأزمات التي شهدها هذا الموسم وتعديلها، وهذا ليس اعتراضاً على التصنيف لأنه كما قلت أمر طبيعي، ولكن يجب أن يكون أكثر تنظيماً، فقد مُنعت عائلات بالكامل بسبب صغر سن أحد أفرادها». يتولى يوسف عزيز إدارة إحدى دور العرض الكبيرة في وسط القاهرة، وهو يؤكد أن قرار التصنيف سبّب أزمة كبيرة خلال أيام العيد، إذ «ازداد الازدحام لأنه والعاملين معه أصبحوا مطالبين بالتدقيق في الجمهور لمعرفة هل يبلغ هذا الصبي أو تلك الفتاة 12 عاماً، من ثم حدثت أزمات عدة، وانصرفت عائلات كاملة بسبب عدم تجاوز أحد أفرادها هذه السن التي تصعب أصلاً معرفتها من دون أوراق رسمية، وكان أولى بالرقابة أن تُحدد الـ 16 عاماً كي نتمكن من فحص بطاقة الشاب والسماح له بالدخول».
ويضيف: «الأفلام التي خضعت للتصنيف لا تتضمن ما يدعو إلى ذلك، ولكن هو قانون لا بد من تطبيقه وإلا نتعرض للغرامة وربما الغلق، وفعلاً حرِّرت محاضر عدة ضد دور عرض بسبب عدم الالتزام بالتصنيف العُمري».ويقول الفنان أشرف مصيلحي باعتباره مديراً لإحدى السينمات، إن هذا القرار يؤثر في صناعة السينما سلباً؛ لأنه سيمنع الأسر من دخول الدور لصعوبة ترك الأطفال في المنزل، مبدياً دهشته من قرار جهاز الرقابة. كذلك يشير إلى أنه استبشر خيراً بتطبيق قرار التصنيف العمري على الأعمال الفنية، ولكنه لم يتوقع أن تكون النتيجة بهذا الشكل. ويعبِّر مصيلحي عن انزعاجه الشديد من حملات يقوم بها موظفو الرقابة ومباحث المصنفات الفنية على بعض دور العرض، وتحرير محاضر مخالفة ضد تلك التي لا تنفذ القرار، معتبراً أن هذه الإجراءات تمثل خطورة على صناعة السينما. كذلك يطالب الرقابة بإعادة النظر في فكرة منع الأطفال من دخول الأفلام، خصوصاً أن الأولاد في سن 12 عاماً يشكلون جزءاً من الجمهور الحقيقي، وسيؤدي منعهم إلى خسارة المنتجين أموالهم، ثم انصرافهم عن العملية الإنتاجية.
رأي النقد
تذكر الناقدة ماجدة خير الله أن التصنيف في أميركا يطاول العرض التلفزيوني وليس السينمائي، حيث تُصنّف المواد المعروضة من برامج وأفلام ومسلسلات عمرياً ويوضع تنويه على العمل أثناء العرض، والمعنيون بالتصنيف هم المشاهدون لأنهم أعلم بسن أبنائهم. ولكن في مصر طُبِّق التصنيف على السينما من دون تفكير وتعديل بما يتناسب مع العرض ومع الجمهور، كما تقول.وتضيف خير الله: «كيف نعلم أن هذا الصبي عمره 12 عاماً أو 13 أو أقل؟ ألا يعلم من أصدر هذه اللائحة أن إثبات السن وتحقيق الشخصية يبدأ من 16 عاماً وهي السن الأولى بالتصنيف العُمري؟ مؤكدة أن «التصنيف جزء من حالة الفوضى والعشوائية في إصدار قوانين من دون مناقشة، علماً بأن القوانين عموماً هدفها تيسير وتسهيل حياة الناس وليس إعاقتها وافتعال الأزمات والمشاكل». ويرى الناقد نادر عدلي أن الهدف من التصنيف العُمري منح الرقابة سلطات فوق سلطاتها، «فبعد أن تُجيز الفيلم نصاً تُجيزه شريطاً ثم تضعه تحت تصنيف عُمري معين، فيما كان عليها الاكتفاء بأحد هذه التدابير». وأضاف: «الأفلام المعروضة راهناً كافة تجارية لا تحمل من الأفكار ما يتطلب التصنيف العُمري، ولكن الهدف من ذلك المزيد من السيطرة والتحكم في السينما وما تقدمه من أفكار، فضلاً عن أن هذا القانون يُطبّق بعشوائية وعدم دقة، والدليل أن «الكنز» الذي تحدث عن العدالة الاجتماعية والعلاقة بين السلطة والشعب صنِّف «عرضاً عاماً»، و«الخلية» الذي يحتوي على مشاهد عنف وحركة صنِّف كما «أمان يا صاحبي» لصافيناز «12+»، ذلك رغم أن السينما المصرية منذ بدايتها احتوت على الرقص وعُرض عبر التلفزيون ولم يتعرض للتصنيف».عملية تنظيمية
أكد رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية د. خالد عبد الجليل أن التصنيف عملية تنظيمية لا تهدف إلى التقييد والمنع على عكس ما يرى البعض، بل جاءت حماية للإبداع من الحذف والتشويه كما كان يحدث سابقاً، من ثم طُبِّق هذا القانون بوضع لافتة على ملصق الفيلم تفيد بأنه صنِّف طبقاً للقضية التي يناقشها. وأضاف: «هذا الأمر مفروغ منه ولا يؤثر في الفيلم لأن صاحب الأخير يعلم جيداً ما يقدمه، ويدرك القوانين، والحديث عن تأثر الإيرادات بالتصنيف العُمري أمر غير صحيح بدليل تصدر «الخلية» شباك التذاكر رغم تصنيفه، في حين جاء «الكنز» ثانياً وهو غير مصنف».