الأمم «غير المتحدة»
![مشاري ملفي المطرقّة](https://www.aljarida.com/uploads/authors/778_1682431386.jpg)
ولعل من أهم أسباب ضعف الأمم المتحدة وإصابتها بالعقم والشيخوخة عدم تعاون الدول الأعضاء مع بعضها، فهي عبارة عن أجزاء وتكتلات تعمل ضد بعضها، ومن ثم فإن النتيجة الحتمية ستكون الجمود والعجز، بل إن إحدى منظمات الأمم المتحدة وهو مجلس الأمن يعرقل باستمرار جهود حل الانقسامات من خلال حق النقض "الفيتو" الممنوح للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والتي تستخدمه لحماية حلفائها مثل إسرائيل بالنسبة إلى الولايات المتحدة وسورية بالنسبة إلى الروس وكوريا الشمالية بالنسبة إلى الصين والعديد من مشاريع القرارات لا تصل حتى إلى مرحلة التصويت بسبب التهديد باستخدام الفيتو.وما يجعلني أستسلم لليأس كغيري أنه مراراً وتكراراً حدثونا عن جهود إصلاح منظمة الأمم المتحدة ولكن الخلافات الكبيرة تعطل هذه المسار، فرغم اتفاق الجميع على ضرورة توسيع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ما زالت هناك خلافات على الدول التي يحق لها تمثيل كل قارة، كما أن دعوات إلغاء حق النقض "الفيتو" لا تجد قبولاً ودعماً من القوى الكبرى والمؤثرة، وكثيراً من القرارات التي تريد أن توقف الصراعات لا ترى النور ويتم وأدها في مهدها.إن سياسات القوى الكبرى المسيطرة على العالم أفقدت هذه المنظمة الدولية المهمة هيبتها، ولم تعد قادرة على ممارسة دورها المنوط واتسعت نسب الفقر والمرض والفشل في الكثير من الدول وانتشر السلاح النووي بشكل غير مسبوق في ظل عدم احترام القرارات الصادرة عن هذه المنظمة، وتفشى الإرهاب في الكثير من المجتمعات، حيث تركت الدول المتضررة منه تكافحه بمفردها في الوقت الذي تقدم فيه دول أخرى له المال والسلاح، وتؤوي بعضها العناصر الإرهابية وتمنحها حق اللجوء والجناسي. والسؤال الآن: هل بعد هذا نتحدث عن أمم متحدة أم أن المصطلح الصحيح الذي يجب أن يطلق عليها هو "الأمم غير المتحدة"؟