ذكر تقرير "الشال" الأسبوعي إن "ميزان العمالة أعمق وأخطر من خلل التركيبة السكانية، فهو خلل أصاب العمالة الوطنية، بما يجعله أكبر هموم المستقبل، وهو خلل، رغم اتساعه، لا يسمح معامل الإحلال ما بين العمالة المواطنة وتلك الوافدة بتعديله، لأنه غير مرن، نتيجة لاختلاف جوهري في نوعية الأعمال وأجورها. وهو خلل مستدام، ويستفحل بمرور الزمن، لأنه مجرد ظاهرة لنهج تنموي خاطئ، نهج مؤشرات إنجازاته تقاس بحجم الإنفاق على مشاريعه التي تعمق تلك الاختلالات، بديلا لقياس نجاحه بعدد ونوعية الوظائف المستدامة التي يخلقها".

وأوضح أن أخطر اختلالات ميزان العمالة كامنة في اختلال عمالة الكويتيين، فبعد 70 سنة من عمر النفط، يعمل في القطاع العام 76.7 في المئة منهم، والقطاع العام يدعم ما عداهم من العاملين في القطاع الخاص، أكثر من نصفهم بطالة مقنعة، ولا علاقة ما بين متطلبات التعليم والعمل، ولا الإنتاجية والمكافأة، وتكلفة الرواتب والأجور تبلغ أكثر من ضعفين ونصف الضعف كل نفقات موازنة عام 2000.

Ad

وأضاف: "أقسى وأخطر التبعات، أن هناك 450 ألف كويتي دون سن الـ 20 سنة، يحتاجون إلى فرص عمل خلال الـ 15 سنة المقبلة، ومن المستحيل الاستمرار في نمط التوظيف الوهمي لهم، في القطاع العام، ولا تسمح مستويات الأجور ولا مستويات تعليمهم باستيعابهم في القطاع الخاص. والاستقرار، سياسيا كان أو اقتصاديا أو اجتماعيا، سيكون عرضة لمخاطر كبيرة، بسبب تحول البطالة المقنعة الناتجة عن سياسات فاشلة، إلى بطالة سافرة، ويضاعف من مخاطره تلك المقترحات المتعلقة بخفض سن التقاعد، لتخريب نظام التأمينات بعد خراب المالية العامة".

وذكر التقرير أن الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية في 30/ 6/ 2017 تشير إلى اختلال كمي أيضاً في ميزان العمالة، فالقطاع العام يوظف نحو 490 ألف موظف، منهم 345 ألف كويتي، ونحو 145 ألفا غير كويتيين، لكن معامل الإحلال بينهما ضعيف. وأشار إلى أن التعليم وقيم العمل والأجر، أمراض سياسة عامة، ومثال صارخ لها هو تلك الضجة التي أُثيرت منذ أكثر من عام حول تعيين 300 عسكري من بنغلادش لأعمال الإصلاح والصيانة للمعدات العسكرية، وللأسف، لم تكن حول فشل التعليم التطبيقي في توفير عمالة كويتية لها، ولا بسبب القلق على الأمن، لكن لاحتمال حصولهم على رتب عسكرية بدلاً من الكويتيين.

وتابع: "مثال آخر حديث عن توفير الوظائف الوهمية والمهينة، إعلان ديوان الخدمة المدنية عن 2000 وظيفة لكويتيات من حملة الشهادة المتوسطة لمرافقة الطالبات، ولا عزاء لبناء رأس المال البشري، وما سياسات الإصلاح الاقتصادي المعلنة سوى وهم وسراب".

وقال إن الخلل قائم وكبير في جملة العمالة أيضاً، فمجموع العاملين في الكويت يبلغ 2.732 مليون عامل، نسبة العمالة الكويتية ضمنها 16.4 في المئة فقط، معظمها في القطاع العام، ومنذ عام 2011 بدأت هجرة العمالة الكويتية من القطاع الخاص إلى القطاع العام، خلافاً لأهداف التنمية المعلنة، بسبب الإمعان في سياسات شراء الود السياسي، أو الإسراف في منح الكوادر.

وأضاف "الشال": "بإيجاز شديد، هناك خلل كبير؛ كمي ونوعي، في ميزاني السكان والعمالة، وهو خلل يتسع بسبب سياسات عامة بائسة، مثل الإصرار على التوسع الإسكاني الأفقي، والإمعان في إنشاء المؤسسات العامة الرديفة للوزارات، والفشل في الربط بين الأهداف الحقيقية للتنمية -الوظائف المستدامة- والإنفاق عليها".

وأكد التقرير أن "ذلك الفشل يجعل من العمالة بشقيها؛ الكويتية والوافدة، إفراز وضحايا لتلك السياسات، وليسا المتسببين فيها، ودعوات الإقصاء التي تنشد الشعبوية ستزيد من حدة الخلل النوعي في تركيبتي السكان والعمالة، إلى جانب بُعدها عن الحس الإنساني. وإن أردنا العلاج، فلابد من نظرة عميقة للمسببات، ثم الذهاب للتعامل مع الداء مباشرة، وليس استثارة أعراضه، وما يحدث حالياً ستظهر أضراره غير المحتملة لاحقاً".