شهدت التداولات العقارية وعدد الصفقات المبرمة في القطاع خلال الربع الثاني من العام الحالي انتعاشا وارتفاعا ملحوظين، وذلك وفق الصفقات العقارية التي تم تسجيلها لدى وزارة العدل بإدارة التسجيل والتوثيق العقاري لكل من العقود والوكالات.وسجلت قيمة التداولات العقارية خلال الربع المذكور ارتفاعا بنسبة 3.5 في المئة، حيث بلغت قيمتها نحو 695 مليون دينار، مقارنة بالربع الأول من العام ذاته، الذي بلغت فيه قيمة التداولات نحو 672 مليون دينار.
وتعتبر مبيعات القطاع العقاري خلال الربع الثاني الأعلى أيضا بنسبة 5 في المئة، لو تمت مقارنتها بالفترة ذاتها من عام 2016، الذي سجل مبيعات عقارية بلغت قيمتها 664 مليون دينار.كما شهدت التداولات العقارية خلال يوليو من العام الحالي ارتفاعا بشكل كبير جدا، لتتجاوز ما قيمته 227 مليون دينار، أي بارتفاع نسبته 28 في المئة، مقارنة بشهر يونيو من العام ذاته، والتي بلغت فيه قيمة التداولات، أي بارتفاع نسبته 46 في المئة مقارنة مع تداولات خلال الشهر المذكور من عام 2016.بينما تراجعت التداولات خلال شهر أغسطس من العام الحالي بنسبة 11.6 في المئة على أساس شهري مقارنة مع يوليو، إذ بلغت قيمته التداولات 202 مليون دينار، ولكن ارتفعت على أساس سنوي، بنسبة تجازوت 30 في المئة، إذ بلغت تداولات أغسطس من عام 2016 ما قيمته 156 مليون دينار.وكانت معظم التداولات تأتي مدعومة من القطاعات الرئيسة مثل السكني والاستثماري والتجاري، فيما كان بعض الأشهر على قطاعات مثل العقار الصناعي والحرفي، حيث قفز إجمالي تداولات العقار خلال شهر مايو بنسبة 150 في المئة، هذه جاءت هذه الزيادة مدفوعة بارتفاع شهري ملحوظ لقيمة التداولات في القطاعات العقارية كافة، بقيادة القطاع السكني.وفيما يخص متوسطات الأسعار، فقد شهد متوسط السعر في القطاع السكني ارتفاعا طفيفا بنحو 1 في المئة، ليبلغ متوسط سعر المتر المربع الواحد في القطاع السكني وفي كل مناطق الكويت نحو 621 دينارا، في حين تراجع مؤشر متوسط الأسعار في القطاع الاستثماري بنحو 5 في المئة، ليبلغ متوسط سعر المتر المربع الواحد في القطاع نحو 1610 دنانير.ولكن يبقى السؤال: لماذا ارتفعت تداولات القطاع العقاري خلال تلك الفترة؟، "الجريدة" استطلعت آراء عدد من العقاريين حول أسباب ارتفاع قيمة تداولات القطاع العقاري، وعن توقعاتهم لأسعار العقارات خلال الفترة المقبلة.في البداية، قال طارق المطوع إن الركود العقاري استمر فترة ليست قصيرة، وصاحبها انخفاض في أسعار العقارات، وكان الجميع في حالة من الترقب، سواء للأسعار أو للوضع الاقتصادي أو السياسي.وأضاف المطوع أن الركود خلق فرصا استثمارية جيدة، حيث تزامن مع الركود انخفاض في أسعار العقارات تجاوزت في بعض القطاعات العقارية نسبته 25 في المئة، وهذه تعد فرصا جيدة يمكن اقتناصها.وتابع قائلا إن هناك انفراجات لبعض الأزمات التي كانت تؤثر على القطاع العقاري، مثل أسعار النفط وعودتها إلى مستويات جيدة، إضافة الى انحسار أزمة قطر والتوقعات بحلها، فضلا عن الاستقرار السياسي المحلي والاقتصادي.
ارتياح نفسي
وذكر أن انخفاض أسعار العقارات توقف منذ فترة، وهذا ما لاحظه الجميع، وبالتالي شرع عديد من مستثمري العقار الى البحث عن العقارات المناسبة، خاصة أن العرض كان أعلى من الطلب، فكان هناك نوع من الارتياح النفسي لدى المستثمرين وفرص عديدة.وأكد أن القطاع العقاري لايزال يدر عوائد جيدة ومناسبة في ظل انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى، ويعد من القطاعات الجاذبة للمستثمرين، وأن نسبة الاشغالات جيدة، ولايزال هناك طلب عال من قبل المستأجرين والمستثمرين.وأفاد المطوع بأن لانخفاض أسعار مواد الانشائية تأثيرا إيجابيا على تداولات القطاع العقاري، فمع انخفاض أسعار مواد البناء أتاح الفرص للمستثمرين للبحث عن عقارات متهالكة، وإعادة ترميمها في ظل انخفاض أسعار المواد الإنشائية.وحول توقعات لأسعار العقارات مستقبلا، أشار المطوع إلى أن ارتفاع الطلب على العقارات سيصحابه ارتفاع في الأسعار، ولكن بنسب معقولة وطبيعية، حيث إن القطاع العقاري كغيره من القطاعات الأخرى يمر بمرحلة ركود ومن ثم يعود من جديد، مضيفا أن القطاع شهد خلال الفترة الماضية ارتفاعا في بعض قيم الصفقات المبرمة، بينما شهدت معظم الصفقات استقرار في الأسعار.من جهته، أوضح الأمين العام لاتحاد العقاريين، أحمد الدويهيس، أن القطاع العقاري مر بمرحلة ركود منذ فترة طويلة، أدت الى انخفاض الأسعار بنسب مغرية، إذ أصبحت هناك فرص استثمارية متوافرة في السوق العقاري.وأشار الدويهيس إلى أن القطاع العقاري، كغيره من القطاعات الأخرى، يمر بفترة من الركود ينتج عنها انخفاض في الأسعار، وبالتالي تتوافر فرص يمكن استغلالها واقتناصها، لافتا الى أن عوامل أخرى أسهمت في الركود منها شهر رمضان وفترة الصيف والسفر.وذكر أن عوامل الركود بدأت بالتلاشي، حيث إن هناك استقرارا اقتصاديا وسياسيا، وهذا يرفع من معنويات المستثمرين، متوقعا استقرار أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة.القيم الإيجارية
وأردف بقوله إن القيم الإيجارية انخفضت نتيجة إلى وجود العديد من العوامل التي أسهمت بذلك، ولكن التوقعات تشير الى توقف الانخفاض، خصوصا مع عودة الوافدين من الإجازة الصيفية.وقال إن السوق العقاري بحاجة الى حزمة كبيرة من القرارات والقوانين، ومنها قانون الرهن العقاري الذي تأخرت الكويت كثيرا في تطبيقه، إذ سيعمل على انتعاش القطاع السكني، وسيمنح للمواطنين الحصول على منزل بأسرع وقت ممكن.وأضاف الدويهيس: نثمن الدور الذي تلعبه وزارة التجارة والصناعة على حل المشكلات التي تواجه القطاع العقاري، متأملا أن يتم الخروج بقرارات تصب في مصلحة القطاع والمتعاملين.تعرفة الكهرباء
بدوره، قال الخبير العقاري عماد الفرج إن عددا كبيرا من المستثمرين شرعوا في بيع عقارات استثمارية قبيل تطبيق القرار الخاص بزيادة تعرفتي الكهرباء والماء على القطاع، وتوجهوا الى القطاع البديل، ألا وهو العقار السكني. وبين أن ارتفاع أسعار المحروقات والرسوم على الوافدين، إضافة الى زيادة تعرفتي الكهرباء والماء زادت على كاهل المقيم من شأنها أن تؤثر في السوق العقاري، فالمستثمرون أخذوا تلك العوامل بعين الاعتبار، وتم بيع جزء كبير من العقارات الاستثمارية.وأردف الفرج قائلا إن هناك توجها ملحوظا للاستثمار في العقار السكني وتحويله الى استثماري، حيث إن هناك عددا كبيرا من المنازل تشيد حاليا في مناطق عديدة، وستقسم لتأجيرها والاستفادة من عوائدها.وأشار الى أن معظم البيعات العقارية التي تم تسجيلها خلال الفترة الماضية كان من خارج السوق عن طريق المزادات العقارية التي تمت إقامتها أخيرا، لافتا الى أن الركود العقاري لايزال مستمرا.التوزيعات أربكت
وأضاف أن هناك عوامل ساعدت السوق العقاري على التحرك نسبيا، منها التوزيعات الحكومية التي أربكت عددا كبيرا من مالكي الأراضي، حيث إن هناك تخوفا يسود المستثمرين من انخفاض أسعار الأراضي نتيجة تلك التوزيعات، مما جعلهم يعرضونها للبيع وبأسعار منخفضة لجذب المشترين.وأوضح الفرج أن من ضمن العوامل هو الارتياح النفسي الذي ساد أخيرا نتيجة لارتفاع أسعار النفط، ووصوله الى أرقام مرضية، حيث إن هناك ارتباطا نفسيا بين العقار والنفط، مؤكدا أن الركود لايزال يطغى على القطاع العقاري.وتوقع أن يكون هناك استقرار في أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، وذلك نظرا إلى تبادل الأدوار بين المستثمرين، وهذا من شأنه أن يثبت الأسعار، مشيرا إلى أن ما شهده السوق العقاري من تراجع في الأسعار خلال الفترات الماضية لا يسمى انهيارا، وهو أمر طبيعي نتيجة لانعكاسات بعد العوامل التي أثرت عليه سلبا.