«أفق المعنى» لخالدة سعيد... مفارقات حول الرؤية الحديثة في الأدب العربي المعاصر
«أفق المعنى» كتاب الدكتورة خالدة سعيد الجديد الصادر حديثاً عن دار الساقي، يتمحور حول تحولات فكرية ونصية وفنية حفزها وعي التغيّر، وهو يندرج ضمن سلسلة كتب صدرت عن دار الساقي أيضاً.
أفق الحداثة هو أفقٌ مفتوح يستقبل الأسئلة والتحليل والنقض. فلا نهائيات، بل رؤى واحتمالات، من هنا التعارض بين الحداثة والعقائد التي ترفع الحدود الصارمة أمام الأسئلة والتصوّرات.في هذه الدراسة، تحاول المؤلفة الإضاءة على المفارقات التي واجهت الرؤية الحديثة والموقف الحديث في الأدب العربي المعاصر، سواء منه الشعريّ أم النثريّ، من جبران خليل جبران وبدر شاكر السياب ويوسف الخال، إلى نازك الملائكة ومحمد الماغوط وأبو القاسم الشابي ومحمود درويش وغيرهم.
وعي وتجارب ميدانية
يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة صدرت عن دار الساقي هي: «في البدء كان المثنّى»، قدّمت فيه خالدة سعيد أعمال قاسم أمين الرائدة أساساً عقلانيّاً ومنطلَقاً لتحرّر المرأة. لكن ما دام الوعي السائد بالأنثوي يجيء في موكب من الرواسب والمخزونات الأسطورية المتداخلة بالمعتقدات والتقاليد، فإنّ التعامل مع هذا الأنثوي لا يتغيّر آليّاً مع دعوات التحّرر ولا مع تغيّر العهد أو تغيّر القوانين. لذلك، إذا كان ثمة رهان أول على مفعول القوانين العادلة، متى وُضعت، فإنّ ثمة رهاناً أبعد على التحليل والتعبير، وعلى المبادرات الميدانية التي ينهض بها نساء ورجال، وعلى غزارة التعبير النسوي الإبداعي، وعلى توجيه الأضواء نحو هذا الإبداع؛ وهو ما يسهم فيه هذا الكتاب من خلال: • التوقّف إزاء عدد من الأعمال التي أسهمت في بناء تفهّم عقلاني عادل لوضعية النساء في المجتمع العربي ولمسألة الحضور النسوي الندي في ميادين المعرفة والعمل والقرار. • إضاءة أعمال إبداعية وإنجازات حقّقتها نساء، مثل لور مغيزل وفاطمة المرنيسي وسحر خليفة ومي غصوب وناديا تويني وسلوى روضة وغيرهن. أما في «يوتوبيا المدينة المثقّفة»، فتدرس خالدة سعيد خمس مؤسسات ثقافية طليعية رائدة نهض بها أفراد، في لبنان، هي «الندوة اللبنانية»، والتجمّع الفيروزي الرحباني، ومجلّة «شعر» ومجلة «مواقف» و«دار الفنّ والأدب». كذلك تلقي الضوء على الأدوار التي نهض بها مثقّفون كبار، أمثال المطران جورج خضر، والشاعر أنسي الحاج، والشاعر محمود درويش، والروائي غسان كنفاني وآخرون. يتميّز الكتاب، إلى جانب عدّته المعرفية النظرية، ببعد التجربة الميدانية والشخصية. إذ إنّ الكاتبة عرفت هذه المؤسّسات عن قرب ونشطت في إطارها، وكانت شاهدة على تجارب ثقافية تميّز بها مثقّفون، في لبنان خصوصاً، على مدى نصف قرن.بالنسبة إلى «فيض المعنى» أو «جرح المعنى»، فهو خلاصة قراءات متوالية لكتاب مفرد بصيغة الجمع لأدونيس؛ قراءات تجمّعت على امتداد سنوات. وأخذت هذه الحصيلة تنمو وتتطوّر. ولعلّها ما كانت لتتوقف الآن لولا حكم الزمن... في هذا النصّ، ينزل المقدَّسُ إلى التجربة، يحضر التاريخُ في اليوميّ، ينهضُ اليوميّ إلى المتعالي... كأنّ هذا النصّ رحلةٌ في الجرح فانبثاق من اللجّ... كمن اخترق عاصفةً سحريَّة وخرج منها بتجربة لا تُترجَم ولا توصف؛ تجربة بلا عبرة غير خسران اليقين بالسكون والثبات...».نبذة
خالدة سعيد كاتبة وناقدة لبنانية من أصل سوري. بدأت كتابة النقد عام 1957 ونشرت أول مقالاتها في مجلّة «شعر». تخرّجت في الجامعة اللبنانية وفي جامعة السوربون، ودرّست في المدارس الثانوية اللبنانية وفي الجامعة اللبنانية بين 1958 و1996. شاركت في تحرير مجلّة «مواقف» بين 1968 و1994. من أعمالها «البحث عن الجذور»، «حركية الإبداع»، «الحركة المسرحية في لبنان»، «الاستعارة الكبرى». لها بالاشتراك مع الشاعر أدونيس ستّة كتب حول عصر النهضة: «أحمد شوقي»، «عبد الرحمن الكواكبي»، «محمد بن عبد الوهاب»، «محمد عبده»، «رشيد رضا»، «جميل صدقي الزهاوي». ترجمت إلى العربية أعمالاً لإدغار آلن بو، وليم فوكنر، ترومان كابوته، والاس فاولي.
في «أفق المعنى» تحاول المؤلفة الإضاءة على المفارقات التي واجهت الرؤية الحديثة للأدب العربي المعاصر