رياح وأوتاد: «يوم شافت أهلها شادين قالت زوجوني»
لا يعقل أن يوقف وزير «الباكجيات» ثم يأتي آخر فيصرفها، وكأنها من مال أبيه، ولا يعقل أن تطلب الحكومة إقرار ضريبة المشتريات (القيمة المضافة vat) على الشعب في حين يتم صرف الملايين كمكافآت للقياديين، لذلك لا نملك إلا أن نخاطب رئيس الوزراء كي يوقف هذا العبث.
يضرب هذا المثل الكويتي القديم لمن يطلب طلبات غير منطقية في الأوقات الصعبة، وأتذكر شخصيا هذا المثل كلما اطلعت على طلبات واقتراحات بعض الوزراء والنواب ذات الكلفة المالية غير المعقولة، وعلى سبيل المثال أعيدت "الباكجيات" بملايين الدنانير إلى قياديي النفط بعد إيقافها عام 2013، وأيضا وزير آخر يطلب مساواة الإدارة القانونية عنده برواتب السلطة القضائية، وأيضا يتم قبول مئات الموظفين في بعض الجهات ذات الكوادر بضغوط نيابية ودون وجود درجات مالية، وكل ذلك يتم في هذا الوقت الذي تعاني فيه البلاد انخفاض سعر النفط وعجز الميزانية ولجوءها إلى الاقتراض والتسييل من الاحتياطي العام. أما النواب فحدّث ولا حرج، حيث التسابق على القرارات الشعبوية من المكافآت والزيادات والكوادر والإعفاءات والجناسي والقروض، وبالأمس أيضا وافقت اللجنة المختصة في المجلس على زيادة علاوة الأولاد إلى 75 ديناراً وأيضا على قانون تخفيض سن التقاعد الكارثي، ويقترح النواب يوميا اقتراحات ذات زيادات وكلف مالية وكأنهم في واد والميزانية في واد آخر.
وياليتهم اقترحوا قوانين ترتب إيرادات للدولة، أو اكتشفوا مصاريف وأبواب هدر الأموال في الميزانية وقرروا شطبها منها لكانت أعمالهم منطقية، وتتناسب مع الأوضاع المالية الحالية، ولكنهم يفعلون العكس تماما. أثناء مناقشة أول ميزانية بعد التحرير في مجلس الأمة وبسبب انخفاض سعر النفط وقتها اتفق المجلس مع الحكومة على تخفيض المصروفات 10% سنويا وإيقاف مكافأة القياديين ومن في حكمهم رغم أن مصروفات الميزانية لم تتجاوز 4 مليارات، ولكن هذا القرار لم يصمد طويلا، وتم إلغاؤه بعد ارتفاع سعر النفط حتى بلغت مصروفات الميزانية حاليا 20 ملياراً. ولما كانت الأوضاع المالية كذلك وثبت أن طلبات الوزراء كما أعلن عنها وتم نشرها فلا نملك إلا أن نخاطب رئيس الوزراء لكي يوقف هذا العبث، فلا يعقل أن يوقف وزير "الباكجيات" ثم يأتي آخر فيصرفها، وكأنها من مال أبيه، ولا يعقل أن تطلب الحكومة إقرار ضريبة المشتريات (القيمة المضافة vat) على الشعب في حين يتم صرف الملايين كمكافآت للقياديين مما يشيع الشعور بعدم العدالة والنقمة على الحكومة عند محدودي ومتوسطي الدخل، كما لا يعقل أن ترسل الحكومة الطلبة في بعثات لتخصصات لا يحتاجها سوق العمل بسبب وساطات أو ضغوط نيابية، وكذلك يجب أن تتخذ الحكومة موقفا صارما من الاقتراحات المالية التي يقترحها النواب، وإذا كانت هناك نية للتوزير من الكتل النيابية فيجب أن يشترط رئيس الوزراء أن تؤيد هذه الكتل موقف الحكومة السليم من هذه الاقتراحات المدمرة، لأنه لا يعقل أن يصوت ممثل هذه الكتل مع الحكومة، وتصوت الكتل ضد الحكومة في مواضيع خطيرة مثل هذه، فهذا مناقض لكل الأعراف البرلمانية، ويصبح تعيين الوزراء من هذه الكتل مجرد تنفيع لهذه الكتل وناخبيها وليس له أي جدوى أو مصلحة للبلد، ويستحق أن يوصف بمثل كويتي آخر قديم أيضاً، ولكن لا داعي لذكره الآن.