ماذا حدث لبلاغات الديوان؟!
ذكرت "القبس" (عدد الأحد) أن ديوان المحاسبة "تقدم ببلاغ في شهر يونيو الماضي ضد شركة المشروعات السياحية وإدارة أملاك الدولة... إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد" عن موضوعات مثل تجديد عقود منتهية وتنفيذ أحد المشاريع، أضرت بالمال العام لحرمان الدولة من إيرادات أملاكها الخاصة العقارية... كما تضمن البلاغ قضية تمديد 35 عقداً لمستثمرين بمقابل مالي متدن، رغم انتهاء مدتها... إلخ، وتضمن الخبر تأكيد ديوان المحاسبة في بلاغه "شبهة اعتداء على المال العام تصل قيمته إلى قرابة 50 مليون دينار".مضى ما يقارب ثلاثة أشهر على تقديم بلاغات ديوان المحاسبة لهيئة مكافحة الفساد، ولم تظهر حتى الآن أي نتائج لتحقيق الهيئة في فحواها، وقد تكون هناك بلاغات أخرى مقدمة من ديوان المحاسبة للهيئة لم تنشر أخبارها، ما يهم الآن هو معرفة ماذا تم بتلك البلاغات من الهيئة، وما إذا كانت تشكل جرائم فساد مثلما نص عليها في الفقرة الثانية من المادة الخامسة لقانون الهيئة، وبالتالي يتعين إحالتها إلى جهات التحقيق المختصة، أم أنها لا تشكل مثل تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون، فقد تكون نتيجة إجراءات بيروقراطية سقيمة أو تكاسل أو إهمال إداريين، لكن في كل الأحوال، يتصور أن الهيئة اتخذت إجراء ما حيالها، كأن تنبه على الجهة المختصة بالمخالفة أو تطلب "التحري عنها" (فقرة 12 من المادة السابقة) أو تنشر بالصحافة نتائج تحقيقاتها، وهذا يمكن استنتاجه من أهداف وأغراض الهيئة كنشر الوعي بين المواطنين على نحو "... توعية المجتمع وتبصيره بمخاطر الفساد" (الفقرة العاشرة من ذات المادة السابقة).
نلاحظ هنا، على هامش ما سبق، أن الوعي الاجتماعي العام عن الفساد، كما يبدو لي من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي أو حسب انطباعي الخاص من حوارات مع الكثيرين أنه متدن ولا يبدو مكترثاً إلا عند القلة، ولعل هذا سببه حالة اليأس العامة من عدم الجدوى من الكلام في قضايا الفساد، لأن ملفها سيركن جانباً في النهاية من قبل السلطة حسب القناعات المترسبة تاريخياً بدولة من "صادها عشى عياله"، لكن يبقى المتيقن أن هناك بلاغات مقدمة لهيئة مكافحة الفساد من ديوان المحاسبة، ويفترض أنه اتخذ إجراء ما بصددها، فهناك شعور راسخ بأن الهيئة قصرت اختصاصها فقط على تلقي كشوفات تقارير الذمة المالية للقياديين، بينما قضية الفساد التي تلف الدولة بكاملها لا تأخذ حيزها المناسب، وهنا تظهر أهمية عمل الهيئة وحزمها في أمر هذا السرطان الاجتماعي السياسي.