أعلنت الرئيسة الاتحادية لحزب "البديل من أجل ألمانيا" انسحابها من الحزب، وقالت فراوكه بيتري، أمس، دون تحديد موعد معين: "الواضح أن هذه الخطوة ستتم".وانضم إلى هذه الخطوة أيضا ثلاثة أعضاء آخرين في الحزب، من بينهم شريك حياة بيتري، ماركوس بريتسل، الذي يتولى قيادة الحزب في ولاية شمال الراين-ويستفاليا.
ولم يتضح بعد ما إذا كان هؤلاء الأعضاء سيحتفظون بمقاعدهم البرلمانية كنواب مستقلين، أم سيشكلون حزبا جديدا. وكانت بيتري أعلنت من قبل أنها ستتخلى عن منصبها كرئيسة لكتلة حزبها في البرلمان المحلي بولاية سكسونيا.وقالت بيتري إن المدير التنفيذي للشؤون البرلمانية للحزب، أوفه فورليتسر، ونائبة رئيس الكتلة الحزبية، كريستن موستر، سيتخليان عن مهام منصبيهما بنهاية أمس.وكانت بيتري أعلنت، أمس الأول، على نحو مفاجئ عزمها عدم الانضمام لكتلة حزبها في البرلمان الألماني، موضحة أنها ستكون نائبة بدون كتلة برلمانية في أول الأمر.وعقدت الكتلة الجديدة للحزب، أمس، أول اجتماع تأسيسي لها في البرلمان الألماني (بوندستاغ).وردا على سؤال حول ما إذا كان يتوقع المزيد من "المنشقين"، قال المرشح الأبرز للحزب، ألكسندر غاولاند، قبيل انعقاد الاجتماع في برلين: "آمل عدم حدوث ذلك".وقالت أليس فايدل، التي شكلت مع غاولاند الفريق القائد للحزب في الانتخابات، إنه لم يتم حتى الآن رصد أي توجهات نحو الانشقاق.يذكر أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" حصل على 12.6% من أصوات الناخبين، ليحصد بذلك 94 مقعدا في البرلمان البالغ عدد مقاعده 709 مقاعد، ويصبح ثالث أكبر كتلة حزبية في البوندستاغ. وتشير الانقسامات في صفوف "الجبهة الوطنية" الفرنسية و"البديل لألمانيا" بعد تحقيق الحزبين اختراقاً انتخابياً غير مسبوق، إلى الصعوبة التي تواجهها أحزاب اليمين المتطرف الأوروبي الكبرى في تخطي الخلافات الداخلية العميقة أحياناً بين المتطرفين والمعتدلين.وخلافاً لحزب الحرية النمساوي حليفهما الذي تجاوز خيبة الأمل إثر هزيمته في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2016، ويتطلع للعودة إلى الحكومة بعد الانتخابات التشريعية في 15 أكتوبر، فإن الحزبين الفرنسي والألماني تباينا في انقساماتهما فور انتهاء انتخابات مهمة.وأعلنت بتري رفضها أن تكون نائبة عن الحزب بسبب خلافات مع أحد قادته الذي أشاد بـ"أداء" الجنود الألمان خلال الحرب العالمية الثانية.وفي الجبهة الوطنية، نالت مارين لوبن 33.9 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في مايو، لكنها أحيطت علماً الأسبوع الماضي باستقالة مساعدها فلوريان فيليبو، المهندس الرئيسي لاستراتيجية تلميع صورة الحزب.ومن المفارقات، تذكرنا الظاهرة بأن نجاح الأحزاب اليمينية المتطرفة يعود إلى الجمع بين مكونات متنوعة ومتناقضة أحياناً.وقال جان إيف كامو، خبير شؤون التطرف الأوروبي في معهد "ايريس"للابحاث في فرنسا، "إنه اختبار لتحقيق التوازن" الذي من الممكن أن يخرج عن مساره عندما يبدو النجاح محققاً.وأضاف أن المسألة "لا تتعلق فقط بالحصول على تأييد واسع إنما معرفة كيفية توظيفه. وفي لحظة ما، فإن التكتل ضد النظام لن يعود كافياً" وخصوصاً عندما تشجع المكاسب الانتخابية "التكتيكات الفردية".من جهته، يؤكد كاس مود، أستاذ مشارك في جامعة جورجيا الأميركية، هذا قائلاً إنه أمر "نادر أن تكون الانقسامات أيديولوجية محض، بل تكون في كثير من الأحيان شخصية أو استراتيجية".وفي هذا الصدد، يشكل اليمين القومي النمسوي استثناء.وواجه عميد الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا أيضاً أزمة داخلية كبيرة بعد انضمامه إلى الحكومة عام 2000 إلى جانب المحافظين بزعامة فولفغانغ شلوسيل.وتمكن هاينز-كريستيان ستراكي من السيطرة بشكل وثيق منذ عام 2005 على الحزب، الذي شهد أخيراً تباينات سياسية مختلفة لكن من دون انقسامات كبيرة.وقال الخبير في شؤون النمسا توماس هوفر، إن خليفة يورغ هايدر فرض في الأشهر الأخيرة نهجاً يتميز بـ"العدوان غير المباشر"، و"روح الدعابة" بدلاً من نهج المجابهة.وأتاح هذا "التكتيك الانتخابي" لمرشح هذا الحزب نوربرت هوفر نيل 46.2 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. مما يمنح الحزب أملاً في العودة إلى الحكومة في الخريف.وتابع كامو أن سمة الحزب هي "معرفة اختيار شخصيات شبه توافقية مثل هوفر مع الاحتفاظ في داخله على نواة قومية ألمانية".وأضاف "على غرار رابطة الشمال الإيطالية، فإن اليمين القومي النمسوي كان طرفاً في الحكومة، و"يعرف من دون شك أن من المحتمل أن يكون له مكان"، مشيراً إلى احتمال التحالف مع سيباستيان كورتز الشاب المحافظ، الذي يعتبر الأوفر حظاً في الانتخابات.في المقابل، يذكرنا ما حدث مع الجبهة الوطنية في فرنسا أنه في غياب احتمال ممارسة السلطة، "سيتساءل البعض لماذا لا تسير الأمور على ما يرام ويبدأ البحث عن كبش فداء، وتنفجر خلافات حول القضايا الجوهرية".بدوره، يغامر اليمين المتطرف في المجر بزعامة غابور فونا، الذي يطمح إلى جعل حزبه "جوبيك" أول قوة معارضة بوجه رئيس الوزراء فيكتور أوربان بعد إعادة تموضع.قال بولكسو هونيادي، الباحث السياسي في بودابست، "في غضون أقل من أربع سنوات"، أبعد فونا "حزبه بوضوح عن الصورة المتطرفة التي كان عليها".لكن إذا لم يحقق أهدافه في الانتخابات التشريعية في الربيع، فسيكون فونا في موقف هش. وأضاف هونيادي: "هناك معارضة واسعة داخل الحزب لاستراتيجية التطبيع وإعادة التموضع".
دوليات
انشقاق «البديل» الألماني يشير إلى أزمة اليمين الأوروبي
26-09-2017