بدأ الأكراد الذين يقيمون في إقليم كردستان العراق احتفالات صاخبة، بعد أن أظهرت نتائج الاستفتاء التاريخي، الذي نظموه أمس الأول، أغلبية ساحقة مع خيار الانفصال عن العراق وإعلان دولة مستقلة.

في تصعيد جديد، أعلنت الحكومة العراقية أنها أمهلت سلطات إقليم كردستان 3 أيام، لتسليم المعابر الجوية والبرية للسلطة الاتحادية؛ وإلا ستحظر الرحلات من وإلى الإقليم بالقوة.

Ad

العبادي

في السياق، جدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عدم اعتراف بغداد أو تعاملها مع نتائج استفتاء كردستان، مذكراً بأن الاستفتاء أجري دون أي اعتراف دولي أو رقابة قانونية.

وإذ أشار إلى أنه «لن يترتب على الاستتفاء أي نتائج»، أكد العبادي أن حكومته «ستصعد إجراءاتها لتحميل من قاموا بهذه الفوضى والفتنة المسؤولية وليس المواطنين الأكراد».

من ناحيته، شدد رئيس الحكمة العراقية عمار الحكيم أن «المناطق المتنازع عليها يجب أن تعود للسلطة الاتحادية»، لافتاً الى أن «هناك عمليات تهجير وتهديد للمواطنين بالقوة وتلاعب تخللت الاستفتاء».

والتقى العبادي، أمس، أمين عام حركة «عصائب أهل الحق» الشيعية المتشددة قيس الخزعلي، الذي أكد دعمه لـ «إجراءات الحكومة»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وأرضه وحمايته من مشاريع التقسيم». إلى ذلك، علق رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي ينتمي إلى الحزب الإسلامي المقرب من «الإخوان المسلمين» أمس، على الاستفتاء قائلاً: «ما نحن بصدده في هذه الأيام هي فتنة دخلت بين أبناء أهل البيت الواحد سيتم سحب فتيلها بحنكة وحلم كبيرين».

إردوغان

في غضون ذلك، وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، بـ»الخائن»، وحذر من أن أكراد العراق سيتضورون جوعاً عندما تمنع تركيا شاحناتها من عبور الحدود.

وقال إردوغان، في كلمة بالقصر الرئاسي: «حتى اللحظة الأخيرة لم نتوقع أن يرتكب البارزاني خطأ إجراء الاستفتاء، لكننا كنا مخطئين فيما يبدو»، وجدد تهديده بإغلاق خط أنابيب ينقل النفط من شمال العراق إلى العالم الخارجي.

وأكد الرئيس التركي، أن كل الخيارات متاحة من الإجراءات الاقتصادية إلى الخطوات العسكرية البرية والجوية رداً على الاستفتاء، محذراً من «جر المنطقة إلى حرب إثنية وطائفية».

وقال إردوغان، التي تربط بلاده علاقات قوية مع إسرائيل، إنه «لا يوجد أي دولة ستعترف باستقلال الأكراد سوى إسرائيل»، وخاطب البارزاني قائلاً: «عليك أن تعلم أن التلويح بالأعلام الإسرائيلية لن ينقذك».

من ناحيته، نفى وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، أمس، إغلاق معبر الخابور مع شمال العراق، مضيفاً أن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع الاستفتاء، بما في ذلك إجراء عملية مشتركة مع العراق.

إيران

وحذرت إيران، أمس، من أن استفتاء كردستان سيؤدي إلى «فوضى سياسية» في المنطقة، فيما أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه سيرسل تجهيزات صواريخ إلى الحدود.

وقال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، إن «نتيجة هذه الخطوة فوضى سياسية في المنطقة».

وأضاف ولايتي أنه «من الأسف أن يكون البارزاني على ارتباط مع الصهاينة منذ مدة، وأنه لم يكتسب الدروس من فلسطين، وأن هذا الاستفتاء بداية لانهياره السياسي لأن الشعب الكردي العظيم لن يرضخ لهذا العار».

واعتبر ولايتي أيضاً أن الأميركيين والبريطانيين «يقفون وراء استفتاء كردستان العراق» رغم إعلان واشنطن ولندن معارضتهما له.

في هذا الوقت، أعلن نائب قائد الحرس الثوري علي رضا الهي أنه تم «إرسال تجهيزات صواريخ جديدة إلى المنطقة الغربية لدعم الدفاعات الجوية والجهوزية تحسباً لأي انتهاك».

في المقابل، اعتبر النائب الإيراني علي مطهري المقرب من الرئيس حسن روحاني، أن «عملية الاستفتاء لا تعني استقلال إقليم كردستان العراق»، مضيفاً على هامش جلسة لمجلس الشورى أن «الاستقلال التام رهن بالمضي في مراحل طويلة تستغرق عامين إلى ثلاثة أعوام». وأشار مطهري إلى «ضرورة إطلاع الشعب الكردي على الظروف الراهنة» و»توضيح أن ما جرى ليس في مصلحته».

جاء ذلك، بينما أكد وزير الدفاع الإيراني العميد ​أمير حاتمي​، أن «إجراء ​كردستان العراق​ الأخير في الاستفتاء في الوقت الذي يقاتل فيه الحكومة والشعب العراقي الرشيدين بقايا تنظيم داعش الإرهابي، فإنه بمنزلة اللعب على أرض إرهابيي داعش ومؤيديهم الإقليميين والدوليين، مما يسبب مشاكل للمنطقة، وللشعب العراقي وكردستان العراق على وجه الخصوص». وقال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أمس، إن الاستفتاء الكردي «قد يثير أزمات جديدة»، محذراً في الوقت ذاته من مخططات لتقسيم المنطقة، وجدد دعم بلاده لوحدة الأراضي العراقية وسيادتها.

سورية

أما في دمشق، فقد أعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم استعداد بلاده للحوار مع الأكراد من أجل اقامة «إدارة ذاتية»، مجدداً في الوقت ذاته رفضه القاطع لاستفتاء إقليم كردستان.

وتعد هذه المرة الأولى التي يبدي فيها مسؤول سوري انفتاحه على نقاش مسألة الحكم الذاتي للأكراد.

وقال المعلم، إن السوريين الأكراد «يريدون شكلاً من أشكال الإدارة الذاتية ضمن حدود الجمهورية العربية السورية، وهذا الموضوع قابل للتفاوض والحوار»، مضيفاً: «عندما ننتهي من القضاء على داعش يمكن أن نجلس مع أبنائنا الأكراد ونتفاهم على صيغة للمستقبل».