ثمة قرارات تُتخذ في بلد ما، تتفاعل معها شعوب بلدان أخرى، مثل ما يصدر من قرارات في أزمة الخليج الحالية، والأزمات السابقة، ومثل ما يحدث الآن في السعودية الشقيقة، بعد صدور أمر ملكي يمنح المرأة حق قيادة السيارة.

ولن أجتر التاريخ وما قيل، قبل صدور الأمر الملكي هذا، عن "مضار" قيادة المرأة، وتصوير الأمر وكأنه جرس الانطلاق لحفلة المجون والإباحية، وخروج المرأة عن سيطرة "وليّها"، وحكايات الذئب والشاة، وما إلى ذلك من قصص التهويل والخيال "الجهلي" المرعب، التي صورت الرجل السعودي وكأنه إنسان الكهوف والأدغال الذي سينقض، بشبق، على المرأة قبل أن تجلس على كرسي قيادة السيارة.

Ad

الآن، انتهى هذا الأمر وأصبح من الماضي، تماماً كما حدث في إسرائيل عندما سمحت للمرأة بقيادة الطائرة المقاتلة، في نهاية الستينيات، واحتفلت بتخريج الدفعة الأولى في عام 1971 على وقع تصفيق المؤيدين وصيحات استهجان المتدينين الغاضبين.

أقول لن أجتر التاريخ والأحداث، بل سأعرض هنا قراءتي لما سيحدث وما سيصدر من قرارات في الشقيقة الكبرى في الفترة القصيرة المقبلة. إذ إن هذا الأمر الملكي، على بساطته لمن يراه من بعيد، هو الباب الفولاذي الأقوى الذي تتكدس خلفه قرارات وأوامر ملكية، جاهزة للخروج، يمكن أن تقلب العملة على وجهها الآخر، وهو الوجه الذي يعلن حاجته لطاقة المرأة ودورها في المجتمع والدولة.

وأظن أن أبرز هذه القرارات المقبلة سنراه من خلال تعيين وزيرة أو وزيرات في أول تشكيل حكومي، أو أول تعديل على التشكيل الحكومي. وقد يسبق هذا أو يعقبه، في فترة وجيزة، صدور قرارات بتعيين سفيرات سعوديات في بعض الدول الغربية، لإظهار صورة المملكة العصرية الحديثة. وغني عن القول أن السينما ستأتي على هيئة "هدية بالمجان" إلى جانب القرارات الكبرى، رغم أن السينما موجودة الآن في البيوت، لكن الأمر يشكل قيمة رمزية هامة.

وأظن أن على الصحافيين، بعدما انفتح هذا الباب الفولاذي، أن يمسكوا بالقلم والورقة ويكونوا على أهبة الاستعداد لقرارات وأوامر جديدة تواكب العصر.

تهانينا للفرحين من أهلنا في السعودية لفتح هذا الباب الفولاذي، ولعلها انطلاقة خير تقود إلى صدور قرارات تسهم في نهضة السعودية وبالتالي نهضة دول الخليج، باعتبار السعودية هي المؤثر الأكبر على المنطقة.