أكّد كثيرون اطلاعهم على الوثائق الأصلية لما ورد في كتاب «مذكرات ديمتري شوستاكوفيتش»، في حين أوضح معدّه سلومون فولكوف أنه لم ينشر تلك الوثائق بسبب أن مالكها هو الناشر الأميركي، كذلك صرّح مكسيم ابن ديمتري شوستاكوفيتش بصحتها أكثر من مرة، وفي أحد اللقاءات التلفزيونية قالت غالينا، ابنة شوستاكوفيتش: «أنا ممتنة لفولكوف. لا شيء زائف هنا، حتى الخطاب هو خطاب شوستاكوفيتش، وليس اختيار المفردات فحسب، بل حتى ورودها في السياقات هي لشوستاكوفيتش».يكتب الأستاذ يزن اللجمي في إحدى مقالاته عن شوستاكوفيتش: «خلال الحرب الباردة ظلّ الجدل محتدماً في الغرب حول كيفية التعامل مع شوستاكوفيتش أخلاقياً وفنياً، فبينما اعتبر البعض أسلوبه رجعياً ومتأخراً بالنسبة إلى عصره، دافع عنه آخرون مشيرين إلى أن بطولته يصعب فهمها من قبل أولئك الذين عاشوا طوال حياتهم في مجتمعات حرة ومزدهرة.»
تقدم «المتوسط» هذا الكتاب للقارئ العربي الذي ربما يكون الأقدر على فهم هذا النوع من البطولات، فهو أكثر من عايش، ومن لا يزال يعايش أنظمة فاقت في قمعها وجبروتها نظام ستالين.
من الكتاب:
قسمت المادة المجمعة إلى أقسام ورتبتها على نحو ملائم ثم عرضتها على شوستاكوفيتش الذي وافق عليها، إن ما نتج عن هذه الصفحات كان له تأثير عميق عليه، وتدريجياً أكسبتُ هذه المجموعة الرائعة من الذكريات شكلها الأخير، ثم طبعتها على الآلة الكاتبة. كان واضحاً لكلينا أن هذا النص النهائي لا يمكن نشره في الاتحاد السوفياتي، بذلت محاولات عدة في هذا الشأن وفشلت، لذا قررت إرسال هذه المخطوطة إلى الغرب، وقد سمح شوستاكوفيتش بذلك، كانت لديه رغبة شديدة في أن يُنشر ذلك الكتاب بعد «الوفاة»، وكان يردد دائماً «بعد موتي، بعد موتي». لم يكن شوستاكوفيتش مهيأً ليقاسي محناً جديدة، كان ضعيفاً جداً، أرهقه مرضه. في نوفمبر عام 1974 دعاني شوستاكوفيتش إلى منزله. تحدثنا لمدة، ثم سألني أين المخطوطة، أجبته في الغرب واتفاقنا نافذ المفعول. فقال «جيد». أخبرته بأني أعددت تصريحاً بما معناه أن هذه المذكرات ستظهر مطبوعة فقط بعد موته. توفي شوستاكوفيتش في أغسطس عام 1975. وفي يونيو من عام 1976 وصلتُ نيويورك، مصمماً على نشر هذا الكتاب.المؤلف سولومون فولكوف (Solomon Volkov)
صحافي وعازف موسيقي روسي، ولد في مدينة Uroteppa، في طاجكستان حالياً. درس الكمان في لينينغراد وتخرج في معهدها مع مرتبة الشرف عام 1967، ثم واصل الدراسات العليا في الموسيقى هناك. شغل منصب المدير الفني للموسيقى التجريبية في مسرح الغرفة. بدأت علاقته المهنية بدميتري شوستاكوفيتش عام 1960 عندما كتب عرضاً عن الرباعية الوترية الثامنة لشوستاكوفيتش. كتب الأخير بعد ذلك بسنوات مقدمة لكتاب فولكوف (Molodyye Kompozitory Leningrada) عام 1971. توفي شوستاكوفيتش في عام 1975. انتقل فولكوف إلى أميركا عام 1976، وكان باحثاً مشاركاً في المعهد الروسي في جامعة كولومبيا في نيويورك، حيث يعيش الآن مع زوجته ماريانا ويعمل كموسيقي ومصور.