في أولى الخطوات العقابية التي تنوي بغداد فرضها على إقليم كردستان العراق، ردا على استفتاء الاستقلال، يسري مساء اليوم الحظر الجوي على مطاري أربيل والسليمانية الدوليين الواقعين في الإقليم، بينما يجتمع برلمان كردستان اليوم للرد على العقوبات العراقية، وسط تعهدات برفع اوراق ضغط بوجه بغداد.

وقالت مديرة مطار أربيل تالار فائق صالح، أمس: «ستعلق جميع الرحلات الدولية، من دون استثناء، من مطار أربيل وإليه، اعتبارا من الساعة السادسة من مساء اليوم، إثر قرار مجلس الوزراء العراقي ورئيس الحكومة حيدر العبادي».

Ad

وطلب العبادي، الثلاثاء الماضي، من إقليم كردستان تسليم المطارات الموجودة فيه الى الحكومة المركزية خلال مهلة ثلاثة أيام، تحت طائلة إغلاق الأجواء، اعتبارا من الجمعة. كما صوت البرلمان العراقي، أمس الأول، على إقفال المنافذ الحدودية الخارجة عن سلطة الدولة العراقية.

وقال مسؤول في سلطة الطيران المدني العراقي، أمس: «سنغلق الأجواء عند انتهاء المهلة أمام جميع الرحلات الى مطاري أربيل والسليمانية، وسنطبق القرار في حال عدم امتثالهم لأوامر الحكومة»، مضيفا: «أبلغنا شركات الطيران وبدأت بالامتثال».

ومن شأن هذه الإجراءات التي تمس خصوصا اقتصاد الإقليم أن تترك تداعيات كارثية على سكان كردستان، لا سيما الأجانب منهم الذين يعملون في قطاعات مختلفة.

وغادر عدد كبير من الأجانب العاملين في أربيل، أمس، خوفا من أن يعلقوا في الإقليم لأن تأشيرة دخولهم صادرة عن السلطات الكردية، ولا تعترف بها بغداد، إلا أن الموظفين العاديين لا يزالون عالقين وسط ارتفاع حاد في تذاكر السفر في الأيام الاخيرة.

وقالت مديرة مطار أربيل: «لدينا جالية أجنبية كبيرة هنا، لذا فإن القرار ليس ضد الشعب الكردي فقط، كما لدينا عدد كبير من اللاجئين يستخدمون المطار، وكنا دائما نشكل جسرا ما بين سورية والأمم المتحدة لإرسال المساعدات»، مضيفة: «كما أننا نستضيف قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش هنا، لذا المطار يستخدم لكل شيء».

وأعلنت حكومة إقليم كردستان، أمس، قبولها بالتفاوض مع الحكومة العراقية حول مطاري أربيل والسليمانية.

وقال وزير النقل والمواصلات مولود باوه مراد في حكومة الإقليم، لشبكة رووداو الكردية المقربة من سلطات الإقليم، إن «الحكومة قررت التفاوض مع الحكومة العراقية بشأن إرسال مراقبين إلى مطاري أربيل والسليمانية الدوليين».

يذكر أن هناك أربعة منافذ حدودية للإقليم، اثنان مع إيران واثنان مع تركيا. وهناك مطاران يعملان في كردستان، أحدهما في أربيل والآخر في السليمانية.

وتواصل شركات الطيران استجابتها لطلب الطيران المدني العراقي وتعليق رحلاتها إلى أربيل والسليمانية، وأعلنت الخطوط الجوية القطرية أمس، أنها ستلغي رحلاتها الى شمال العراق، ابتداء من اليوم الجمعة.

في سياق متصل، تعهدت الحكومة التركية بحصر التعامل مع الحكومة الاتحادية في بغداد في موضوع تصدير النفط، حسبما أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس.

وقال البيان، إن رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم أكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره العراقي، «التزام بلاده بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية لتنفيذ كل الخطوات الضرورية لبسط السلطات الاتحادية في المنافذ البرية والجوية، وتوفير الوسائل المطلوبة لذلك».

وشدد يلدريم على «دعم بلاده لجميع القرارات الأخرى، ومنها المتعلقة بحصر تصدير النفط بالسلطات الاتحادية».

كما شدد، بحسب البيان، على «الموقف التركي الداعم لكل القرارات التي اتخذها مجلسا الوزراء والنواب في العراق لحفظ وحدة البلد».

من جهته، أكد العبادي، بحسب البيان، أن «الخطوات القانونية التي تم اتخاذها ضرورية لمنع خطر التقسيم والتشظي ولتعزيز وحدة العراق وسلامة أبنائه واستقراره».

وطلبت الحكومة العراقية المركزية، منذ الأحد الماضي، من كل الدول أن تحصر التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط.

وتصدر أربيل النفط عبر شبكة أنابيب أنشئت حديثاً تصل الى ميناء جيهان التركي، بمعدل 550 ألف برميل من أصل 600 الف برميل تنتج يوميا.

اجتماع ثلاثي

في سياق آخر، كشف يلدريم، أمس، عن اجتماع عراقي - تركي - إيراني مرتقب لمناقشة استفتاء إقليم كردستان. ولم يحدد المكان أو الوقت الذي سيتم فيه الاجتماع.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، أن «هذه المغامرة التي بدأت على الرغم من كل تحذيراتنا، ستنتهي حتما بالفشل».

وأضاف، في اجتماع لأكاديمية الشرطة في أنقرة، أن حكومة كردستان العراق «قد ألقت بنفسها في النار»، مضيفا: «سنوقف هذا التحريض الذي تتم محاولته في العراق، مثلما لم نسمح بوصول الحريق الذي اندلع في سورية بالوصول إلى بلادنا».

اجتماع كردي للرد

إلى ذلك، أكد رئيس كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني أوميد خوشناو الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود البارزاني، أمس، أن برلمان إقليم كردستان سيجتمع غدا السبت للرد على قرارات البرلمان العراقي.

وقال خوشناو، في مؤتمر صحافي، إنه «تم تشكيل لجنة مختصة للرد على تلك القرارات»، مضيفاً أن «الإقليم لديه أوراق للضغط على بغداد».

الكبيسي: السنَّة سينضمون إلى دولة كردستان
توقع الشيخ أحمد الكبيسي، وهو رجل دين عراقي معروف يقيم في دولة الإمارات، "إنشاء دولة مستقلة بإقليم كردستان"، مشيرا إلى أن "العرب السنة وبعد التخطيط الإيراني لتدمير مناطقهم سينضمون في المستقبل إلى دولة كردستان، وستساهم هذه الدولة بتحرير فلسطين".

من جهته، قال محافظ كركوك نجم الدين كريم، أمس، رداً على قرار مجلس النواب بتسليم كركوك إلى القوات الاتحادية، إن محافظته لا تخضع لسلطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أو رئيس البرلمان، سليم الجبوري، مشدداً على أنه لن يسمح لأي قوة بالدخول إلى كركوك دون موافقة اللجنة الأمنية فيها.

الى ذلك، وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استفتاء كردستان العراق بأنه «خطأ استراتيجي كبير»، مشيرا إلى أنه لولا بلاده لسقطت أربيل في قبضة «داعش».

وقال ظريف، في حوار أجراه معه في نيويورك تشارلي رز، من مركز أبحاث الجمعية الآسيوية: «سارعنا إلى دعم الأكراد في أربيل، وأتحدى من يقول إن جهة غير إيران سارعت لوقف تقدم داعش نحو أربيل».

وذكر رئيس الدبلوماسية الإيرانية أن «جميع قوات البيشمركة تركت المنطقة حينما كان (داعش) يتقدم نحو أربيل. اتصل البارزاني بنا وطلب المساعدة منا، ونحن ذهبنا إلى هناك».

وعاد ظريف إلى مسألة الاستفتاء في كردستان العراق، مشددا على أن «إقامة الاستفتاء (لانفصال كردستان عن العراق) خطأ جسيم. نحن بصفتنا أصدقاء للكرد وسنبقى أصدقاء أبديين لهم، نعتقد أن هذا الأمر كان خطأ استراتيجيا مهما».

وجدد التذكير بدور بلاده في حماية المنطقة قائلا: «نحن من ذهب إلى هنالك، وقدمنا المساعدة لهم، لكننا نعتقد أنهم ارتكبوا خطأ كبيرا. هذا الخطأ ستكون له تداعيات لا تنحصر بكردستان العراق فقط».

المالكي: أصوات نشاز بدأت تبرر الاستفتاء
دعا نائب رئيس جمهورية العراق نوري المالكي، أمس، الحكومة إلى "الإسراع في تصعيد إجراءاتها ضد من يسعى لتقسيم العراق".

وأشاد المالكي في بيان صادر عن مكتبه بـ"الإجراءات التي اتخذها البرلمان"، محذراً "بعض المحسوبين على حزب البعث والمرتبطين بمصالح تجارية وشخصية مع دعاة الاستفتاء ألا يستمعوا لأصواتهم النشاز التي بدأت تبرر الآن إجراءات الاستفتاء وتحميل أطراف سياسية مسؤولية ما حصل". ويعتبر الكثيرون أن سياسات المالكي، عندما كان رئيسا للحكومة، خصوصا قطعه رواتب الموظفين الأكراد، والفساد الذي كان ينخر الجيش وأدى إلى انهياره أمام "داعش في 2014، من الأسباب الرئيسية لتوجه الأكراد نحو الانفصال.