خفض ضرائب الشركات هو السبيل لحفز الاقتصاد في الولايات المتحدة. لكن يتعين على الناخبين والمستثمرين ألا ينخدعوا لأنه حتى إذا أعاد إصلاح الضرائب زخم النمو كما يعلن دونالد ترامب والحزب الجمهوري، فإنه لن يحول دون وقوع الميزانية الفدرالية في أزمتها التي تلوح في الأفق.

تقول فيرونيك دو رغبي، وهي اقتصادية في مركز ميركاتس في جامعة جورج ميسون بواشنطن، إن علينا " ألا نفكر في أن في وسعنا تفادي فوضى هذه الميزانية ".

Ad

إن الاعتماد على الإصلاح الضريبي من أجل تحقيق نمو اقتصادي هو الهدف من اتفاق الميزانية الفدرالية الجديد، الذي تمت صياغته في لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ من قبل عضوي المجلس بوب كوركر

(جمهوري من تنيسي) وبات تومي (جمهوري من بنسلفانيا) ويدعو اقتراح الميزانية الفدرالية إلى تحقيق 1.5 تريليون دولار على شكل "تخفيض ضريبي" خلال العقد المقبل.

ومن المهم أن نفهم على وجه التحديد ما يعنيه ذلك الرقم. وبشكل فعلي تفتح ميزانية الجمهوريين المقترحة المجال أمام وزارة الخزانة لجباية 1.5 تريليون دولار أقل من العوائد المتوقعة من قبل مكتب الميزانية في الكونغرس وتعتمد التوقعات على الاتجاهات والقوانين الراهنة.

وعلى أي حال، فإن في وسع الجمهوريين الدعوة إلى خفض الضرائب بأكثر من 1.5 تريليون دولار.

ويرجع ذلك إلى أن قادتهم يتوقعون أن خفض الضرائب المقترح– وخصوصاً معدلات ضريبة الشركات – لن يحرر النمو الاقتصادي من القيود، ولن يخلق عوائد كافية. ويقول برايان ريدل وهو خبير ميزانية في معهد مانهاتن المحافظ، إن " الـ 1.5 تريليون دولار تشكل رقماً صافياً وفي وسع الجمهوريين المضي في خفض للضرائب يصل إلى 3 تريليونات، والتنبؤ بأن الخفض سوف يولد نمواً مضافاً بنحو 1.5 تريليون دولار على شكل عوائد اضافية.

والقضية الأهم طبعاً هي كم سوف ترفع تخفيضات الضرائب هذه من المحدود الحالي في الناتج المحلي الاجمالي والبالغ 2 في المئة؟ إن لجنة الكونغرس المشتركة حول الضرائب ومكتب الميزانية في الكونغرس سوف يلجآن إلى طريقة "التسجيل الديناميكي" للتنبؤ بما إذا كان الناتج المحلي الإجمالي سوف يتسارع في النمو وبأي مقدار.

لكن لجنة الميزانية ليست مقيدة بأي من هاتين الجهتين وتستطيع إجراء توقعاتها الخاصة من أجل استشراف تحسينات مستدامة أكبر بكثير من توقعات اللجنة المشتركة ومكتب الميزانية.

وبصورة عامة يتحدث دعاة الإصلاح الضريبي عن أمرين: الأول هو أن الخفض الشديد في الضريبة يمكن أن يولد ما يصل إلى زيادة بنسبة 1 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، والثاني أن نقطة مئوية واحدة من النمو الزائد تنتج ثلاثة تريليونات في العوائد الضريبية الإضافية خلال العقد المقبل.

ويؤيد عضو لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ رون جونسون

(جمهوري من ويسكونسن) تلك الصيغة. ويشكل خفض ضرائب الشركات الجانب المهم حقاً بالنسبة إلى حفز النمو. ولكن في الوقت الراهن يستحيل التنبؤ بحجم تلك التخفيضات في حال تحققها. ومن المهم أيضاً توقع ما سوف تكون عليه صورة الديون والعجز في الولايات المتحدة بعد عقد من الزمن حتى مع استخدام التوقعات العالية التفاؤل، التي يطرحها أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ.

كم يمكن أن يبلغ حجم عجز الميزانية الفدرالية؟

من أجل قياس كم سوف يغير الإصلاح الضريبي الصورة المالية سوف نقارن هذا السيناريو بعد عشر سنوات من الآن مع وجهة نظر مكتب الميزانية في الكونغرس وافتراض أن العوائد سوف تظل في مسارها الحالي.

وسوف نقوم أولاً بتعديل مهم على افتراضات مكتب ميزانية الكونغرس لأنه يفترض أن قوانين الميزانية الفدرالية الحالية سوف تستمر كما هي اليوم، ويتوقع أن تهبط حصة الانفاق العام من الدخل القومي خلال العقد المقبل بصورة حادة.

ويرجع ذلك إلى الاعتقاد بأن الإنفاق سوف يقيد بالنسبة لمخصصات الشؤون الدفاعية وغير الدفاعية. وذلك لن يحدث لأن ترامب يدعو إلى زيادة كبيرة في الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية. ولذلك علينا القيام بتوقعات منطقية بقدر أكبر حيث سترتفع حصة الإنفاق العام مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي.

وحتى مع ذلك التعديل، يقول ريدل: "تعتبر تنبؤات مكتب ميزانية الكونغرس وردية للغاية وهي تفترض عدم حدوث حروب أو ركود اقتصادي وأن معدلات الفائدة ستظل قريبة من مستوياتها التاريخية المتدنية لسنوات مقبلة".

وفي ظل توقع ارتفاع الإنفاق العام، نقدم فيمايلي ما يمكن أن نتوقعه في سنة 2027 إذا لم يتغير شيء بقدر كبير. سوف يصل العجز في تلك السنة إلى 1.7 تريليون دولار – أي ثلاثة أمثال حجمه اليوم – مع 6.1 في المئة من الدخل القومي، وسوف يرتفع الدين الفدرالي من 14.7 تريليون دولار اليوم إلى أكثر من 27 تريليون دولار مرتفعاً من 77 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي إلى حوالي 100 في المئة.

ومالم تغير الولايات المتحدة مسارها خلال عقد من الزمن سوف تنفق 34 في المئة أكثر من دخلها وسوف تتوسع الفجوة بعد ذلك.

هل يسهم خفض الضرائب في تحسين النمو؟

من أجل الإجابة عن هذا السؤال، علينا تقييم نتيجتين محتملتين. وسوف نضع جانباً إمكانية أن يقرر الكونغرس إجراء خفض يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار.

وفي تلك الحالة، فإن أي شيء يقل عن نمو بنسبة 3 في المئة سوف يفاقم الديون والعجز بقدر يفوق التوقعات الكئيبة في الأساس. وينطوي هذا المسار على تهور رغم أنه ليس مستحيلاً.

وتشير الحصيلة الأولى من توقعاتنا إلى أن الكونغرس ربما يقر خفض الضرائب بثلاثة تريليونات دولار، مما يعني أن إجمالي العوائد سوف يقل عن توقعات مكتب ميزانية الكونغرس بالمبلغ نفسه تماماً. ولنفترض أيضاً أن المعدلات الأدنى سوف تفضي إلى تحريك النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من مستوى التوقعات الحالية لمكتب ميزانية الكونغرس عند أقل من 2 في المئة إلى 3 في المئة. وإذا صح هذا التفاؤل، يتعين أن تولد تلك الزيادة 3 تريليونات دولار في شكل دخل إضافي.

وفي الفترة من 2017 الى 2027 سوف ترتفع العوائد الإجمالية من 62.2 إلى 65.2 تريليون دولار، وبحلول عام 2027 سوف ينخفض العجز المتوقع من 1.463 إلى 1.42 تريليون دولار، وسوف يبلغ الدين 24 تريليون دولار أي حوالي 1.5 تريليون دولار أقل من خط الأساس.

وعلى الرغم من أن التحسن في اجمالي الديون والعجز يعتبر متواضعاً فمن المهم حقاً تحريك الناتج المحلي الإجمالي. وسوف يصل الدخل القومي في نهاية العقد إلى 31 تريليون دولار أي 11 في المئة أعلى من التوقعات الحالية عند 28 تريليون دولار.

التقدير الثاني أقل تفاؤلاً بقدر كبير، وربما أكثر حكمة. وهو يفترض أن يقفز النمو ليس إلى 3 في المئة بل إلى 2.5 في المئة (ويظل أقل بحوالي ربع التصورات الحالية لمكتب ميزانية الكونغرس) وفي تلك الحالة سوف تتوسع العوائد الإجمالية بنحو 1.5 تريليون دولار مدفوعة بمعدلات فائدة أدنى وتعوض دخل وزارة الخزانة الأدنى. وهكذا يبدو أن النتيجة النهائية سوف تكون مثل حالة الأساس المعدلة في ما يتعلق بحجم الديون والعجز على الأقل – وسوف يبلغ العجز 1.7 تريليون دولار وتلامس الديون 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.