بنبرة حزينة، يتحدّث الفنان سامي محمد إلى «الجريدة» ويروي تفاصيل مشهد صادفه أثناء ممارسته رياضة المشي في «السلام»، ويقول ضمن هذا السياق: «فوجئت بما رأيت حينما كنت أمارس رياضة المشي، فسقطت عيناي على لوحة تشكيلية ملقاة بجوار حاويات القمامة في المنطقة، فذهلت وأصبت بألم كبير، فالمنظر مقزز يصعب تصديقه، ونظراً إلى حجم المأساة الثقافية الكامنة وراء هذا الفعل، عُقد لساني فلم أكن قادراً على النطق وتوقفت كثيراً إلى جانب اللوحة لاستيعاب ما حدث».

وأضاف: «لم أستطع تجاهل هذا المنظر البشع فاقتربت من اللوحة ودققت بتفاصيلها فوجدت أنها لأحد الفنانين الكويتيين».

Ad

مركز للتنوير

واستغرب محمد تشويه جماليات التشكيل ورمي الأعمال في سلة القمامة، مفسراً سبب حزنه الشديد بعدم تقدير المجتمع دور الثقافة والفن والإبداع، ويستطرد ضمن هذا السياق: «ما رأيته نزل كالصاعقة عليّ، فلم يخطر في مخيلتي أن الأمور ستؤول إلى ما آلت إليه، ويكون تعامل المجتمع مع الفنون بهذه الطريقة المهينة».

يتابع: «يُقاس تطور المجتمعات بقدر إنتاج مبدعيها وفنانيها، والكويت اشتهرت منذ عقود ببلد الفن والثقافة وكان لها السبق والريادة في المنطقة، فكانت مركزاً للتنوير والمعرفة بفضل رجالاتها الذين سكن في أعماقهم حب الفن والثقافة والعلم».

تدهور الثقافة

ويشير محمد إلى أن ما حصل دفعه إلى مراجعة دور الفن التشكيلي الكويتي بتاريخه ومنجزاته، مبدياً أسفه لتدهور الدور الثقافي محلياً، لا سيما أن الثقافة هي العنصر الرئيس والأمثل لإحداث أي تغيير في أذهان الشعوب ونفوسهم وسلوكهم، موضحاً أن «للثقافة أهمية قصوى في تشكيل وعي المجتمع وهي قادرة على حل أزمات الشعوب، لكن هذه الأمور كافة سقطت على الإسفلت عقب مشاهدتي اللوحة بين أكوام القمامة، وهذا المنظر يؤكد إهمال الثقافة والإبداع وإنكار دورهما في بناء المجتمع».

سؤال منطقي

عقب ما حدث، تتبادر إلى الذهن مجموعة استفسارات منطقية حول دور الفنون في بناء المجتمع، ومن المؤكد أن ثمة أفراداً آخرين شاهدوا اللوحة بجوار أكياس القمامة، لكن هذا المنظر لم يحرك أي شيء في نفوسهم، في حين أن الفنان سامي محمد حينما وقعت عيناه على اللوحة لم يستطع أن يغض الطرف بل دفعه المنظر إلى تصحيح هذا الخطأ الجسيم ووضع اللوحة في مكان يليق بها.

والمثير للدهشة والاستغراب في الوقت ذاته، أن من رمى اللوحة بين أكياس القمامة كان لديه أكثر من خيار، فكان باستطاعته أن يهديها إلى أحد الأصدقاء أو يسلمها إلى أحد المتاحف أو الغاليريهات، أو حتى الاتصال بالفنان صاحب اللوحة لإرجاعها إليه... هذه خيارات متاحة وغيرها الكثير، لكنه رغم فضّل التخلص من اللوحة بهذه الطريقة المهينة.

معرض شخصي

من جانب آخر، يفتتح الفنان سامي محمد معرضه الشخصي «وجوه مختلفة» في السابعة من مساء اليوم في غاليري «بيكار آرت» بمنطقة السالمية حيث سيعرض مجموعة من أعماله الفنية، ووقع الاختيار على هذا التاريخ لأنه يصادف يوم عيد ميلاد الفنان.

بعثة دراسية

ولد الفنان الكبير سامي محمد في الأول من أكتوبر 1943، في حي الصوابر، بمنطقة شرق، أحد أقدم أحياء مدينة الكويت.

حصل في عام 1962 على منحة التفرغ الكامل بالمرسم الحر. وعقب ذلك بأربعة أعوام حصل على بعثة حكومية لدراسة الفن في كلية الفنون الجميلة في القاهرة. وأسس في عام 1967 مع زملائه الفنانين الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية. ولأنه يقدر العلم والتعليم، واصل دراسته للفنون، وحاز في عام 1971 دبلوم الجائزة الوطنية في المهرجان العالمي الثالث للرسامين في مدينة كان سورمير بفرنسا، والتحق في عام 1974 بمعهد جونسون للنحت في مدينة برنستون، ولاية نيوجرسي، الولايات المتحدة الأميركية.

أما على صعيد الجوائز، فحصد شهادات تقديرية عدة داخل الكويت.