من سيئ إلى أسوأ، ومن رديء إلى أردأ، ومن فاسد إلى أفسد، هذا هو وضع الكويت اليوم، وهذا ما يقوله بالحرف الواحد رئيس لجنة الكويت الوطنية للتنافسية د. فهد الراشد في تقرير اللجنة الأخير، لمجرد التذكير فقط، فهد الراشد هو الشخص الذي أقلق النوم السلطوي العميق لما يقرب ثلاثة عقود في قضية مدير التأمينات الاجتماعية السابق الذي خرج ولم يعد.

التقرير المنشور في "القبس" عدد الأربعاء يمكن اعتباره مرآة للوضع الاقتصادي العام بالدولة، وبكلام أكثر دقة هو ينقل صورة صادقة "لعمالقة" الفكر الثاقب في الإدارة السياسية والاقتصادية بالدولة! لن اعد كم مرة ترددت كلمة "تدهور" في التقرير، التي تكاد تتكرر في بداية كل فقرة منه، ويرينا سواد وجه الحال الاقتصادي اليوم، فالكويت تدهورت واستمر تدهورها هذا العام 2016 – 2017 في كل المجالات تقريباً.

Ad

تراجع عام غير مسبوق للدولة لتصل إلى المركز قبل الأخير خليجياً والمركز 50 عالمياً، الكويت "تدهورت" في "... 90 في المئة من إجمالي 112 مؤشراً فرعياً، مثل جودة التعليم ومدى توافق مخرجاته مع سوق العمل وجودة الخدمات الصحية وجودة البنية التحتية والنظام المؤسساتي والتكنولوجيا... تراجعت الدولة من المركز 36 عالمياً إلى 50". لا أدري ماذا بقي من نظام الدولة لم يتدهور ويتراجع، والجماعة المتربعون على الكراسي العالية، والذين يأمرون ويقولون هذا يصير وهذا ما يصير وجائز وغير جائز، كما أعرف وتعرفون، على "حطة ايدكم" لا يتغيرون ولا يتبدلون، فلا يوجد في البلد غير هذا الولد.

أهم أسباب هذا الكسوف الكلي للدولة، حسب التقرير، هو البيروقراطية الحكومية السيئة، بما يعني يجب أن تمر كل معاملة رسمية على عشرين موظفاً في ألف إدارة، نصفهم غائب بإجازة أو لديه اجتماع مع رئيسه، ونصفهم الآخر مجتمع مع زملائه في غرفة أخرى، أو يتسوق في مول، أو يتسكع في سيارته، وليس لديه مزاج لإضافة توقيع وختم جديدين، والوافد "الفني" غارق لأذنيه في ملفات العمل، وباله مشغول كيف يوفر ثمن العلاج لأسرته، ومتى تقول له الدولة: مع السلامة، انتهينا منك... السبب الآخر هو الفساد بكل صوره، هو الرشا والمحسوبية والواسطة وغياب الشفافية وتجمد عقول الإداريين، وغياب الكفاءة وتقديم أصحاب المعارف على أصحاب الكفاءات، وكل الأمراض التي تنخر في جسد هذا المسخ الذي لا تعرف حقيقته إن كان هو الدولة أو القبيلة أو العائلة أو الطائفة، تهنا تماماً أين نحن؟ وماذا تكون هوية هذا الكائن؟!

يسأل التقرير، الآن، بعد "تدهور" أسعار النفط، وتوقع آلاف القادمين لسوق العمل في أوضاع مزرية، واستمرار حالة السقوط للأسفل بقوة جاذبية الفساد وسوء الإدارة: إلى متى يستمر هذا الحال، فالكويت بتوجيهات سمو الأمير "... تطمح إلى أن تكون مركزاً مالياً وتجارياً في عام 2035، والسؤال المهم هل نستطيع تحقيق ذلك بوتيرة وأسلوب الإدارة الحالية للاقتصاد الكويتي...؟!"، الإجابة المعتادة هي بكلمتين "الشيوخ أبخص" يا دكتور فهد، ألا تدري بهذا؟