منعت السلطات الإسبانية، أمس، بالقوة، سكان إقليم كاتالونيا الغني، من المشاركة باستفتاء حول تقرير المصير والانفصال عنها.

واقتحمت شرطة مكافحة الشغب مراكز الاقتراع في أنحاء إقليم كاتالونيا، وصادرت صناديق اقتراع وأوراق تصويت، وفرقت الناخبين المتوجهين الى المراكز، مستخدمة الهراوات والرصاص المطاطي.

Ad

وحطمت الشرطة أبواب مراكز الاقتراع واقتحمتها عنوة، في حين صاح كاتالونيون "فلتخرج قوات الاحتلال"، وغنوا نشيد الإقليم الغني الواقع شمال شرق البلاد.

كما طلب ممثل الحكومة الإسبانية في كاتالونيا، أمس، من السلطات الانفصالية في الإقليم وضع حد للمهزلة.

وأدخل الاستفتاء، الذي أعلنت الحكومة المركزية أنه غير مشروع، البلاد في أسوأ أزمة دستورية تشهدها منذ عقود، وعمّق من الخلاف الممتد لقرون بين مدريد وبرشلونة.

وعلى الرغم من إجراءات الشرطة تشكلت صفوف من مئات الناخبين في مدن وقرى في أنحاء الإقليم للإدلاء بأصواتهم. وفي أحد مراكز الاقتراع في برشلونة دخل المسنون ومن جاؤوا بصحبة أطفال أولا.

ومنذ الفجر طرح آلاف من سكان كاتالونيا من جيرونا الى برشلونة ومن مانريسا الى فيغويراس، تحديا لا سابق له على الدولة الاسبانية، وهتفوا بصوت واحد: "فوتاريم" (سنصوت).

وفي ظل الموقف الحرج للشرطة الكاتالونية التي وجدت نفسها ممزقة بين واجب الطاعة للسلطة المركزية وقربها من الاهالي، تولت قوات الشرطة الوطنية والحرس المدني الامر.

ومن برشلونة الى جيرونا معقل رئيس كاتالونيا كارلس بيغديمونت التي تقع على بعد 70 كلم شمالا، تدخلت قوات الامن لمنع التصويت.

وحاصر الحرس المدني المركز الرياضي الذي كان من المقرر ان يصوت فيه رئيس كاتالونيا، ودفعت الناس ثم كسرت الابواب وصادرت صناديق الاقتراع، على مرأى من ناشطين كانوا يرددون نشيد مقاومة الديكتاتور فرانكو، رافعين قبضاتهم.

وصوت بيغديمونت في بلدة أخرى واتهم إسبانيا باستخدام عنف غير مبرر لوقف التصويت، وقال إنها رسمت بذلك صورة مقيتة للبلاد.

وقال: "العنف غير المبرر وغير المتناسب وغير المسؤول اليوم من الدولة الإسبانية لم يفشل فقط في وقف إرادة الكاتالونيين على التصويت... بل ساعد في توضيح كل الشكوك التي نحتاج إلى حلها اليوم".

وكان بيغديمونت المؤيد للاستقلال قال في البداية إن حكومة الإقليم ستعلن الاستقلال خلال 48 ساعة، إذا جاءت نتيجة التصويت بتأييده، لكن قادة في الإقليم اعترفوا منذ ذلك الحين بأن حملة مدريد قوضت التصويت.

460 مصاباً

وقالت هيئة الصحة في كاتالونيا إن 460 شخصا تلقوا علاجا من إصابات بسبب إجراءات الشرطة. وقالت الحكومة إن 11 شرطيا أصيبوا في الاشتباكات.

وقال وزير الداخلية خوان إجناثيو زويدو إن الشرطة داهمت نحو 70 مركز اقتراع.

وبين مسؤول بارز آخر في الحكومة أن الهدف من المداهمات هو ضبط المواد المستخدمة في الاستفتاء، وليس استهداف من يريدون التصويت.

وقال إنريك ميلو ممثل الحكومة المركزية في كاتالونيا، في مؤتمر صحافي: "لقد أجبرنا على فعل أمر لم نرد فعله".

ولن يكون للتصويت صفة قانونية، إذ إن المحكمة الدستورية أصدرت حكما بوقفه، كما أن مدريد لديها السلطة المطلقة لوقف سلطات حكومة الإقليم إذا أعلن الاستقلال بالمخالفة لدستور عام 1978.

ومن المتوقع أن تأتي نتيجة الاستفتاء بالتأييد للاستقلال، بالنظر إلى أن أغلب من سيصرون على التصويت من المؤيدين له.

والإقليم الذي يقطنه 7.5 ملايين نسمة له لغته وثقافته الخاصة، ويعد مركزا صناعيا يفوق حجم اقتصاد نظيره في البرتغال.

ويشكل اقتصاد إقليم كاتالونيا خمس اقتصاد إسبانيا.

اقتراع إلكتروني

وقالت حكومة كاتالونيا إن الناخبين بإمكانهم طبع بطاقات تصويت منزليا والإدلاء بأصواتهم بها في أي مركز اقتراع لم تغلقه الشرطة، دون التقييد بمراكز اقتراعهم الأصلية.

في مناطق أخرى لم يتمكن الناس من الوصول لصناديق الاقتراع.

إشادة بالشرطة

وأشادت نائبة رئيس الوزراء وزيرة شؤون الرئاسة والمتحدثة باسم الحكومة سورايا ساينث دي سانتاماريا بتصرفات الشرطة لمنع الاستفتاء، وقالت للصحافيين إن "انعدام المسؤولية التام" من حكومة كاتالونيا بالمضي قدما في التصويت عادلته التصرفات الاحترافية من قوات الأمن، وقالت إنهم طالما سعوا "لحماية الحقوق والحريات".

أسكتلندا

من جانبها، أعربت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرغن، في تغريدة على "تويتر"، أمس، عن دعمها للاستفتاء الذي يجريه الإقليم.

وانتقدت ستيرغن رد الفعل الأمني للحكومة الإسبانية.