في وقت صعدت بغداد بالتنسيق مع طهران وأنقرة من ضغوطها على إقليم كردستان العراق، بسبب الاستفتاء حول الاستقلال الذي أجرته سلطات الإقليم، يبدو أن الأكراد يتجهون الى تصعيد مقابل، إذ علمت "الجريدة" أن أربيل قررت تحويل المجلس الأعلى للاستفتاء، إلى ما يشبه المجلس التأسيسي، على أن تعدل اسمه الى مجلس الاستقلال الأعلى، أو المجلس الوطني الأعلى.وكشف العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني عارف تيمور، أمس، أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، سيرأس المجلس الجديد، وأنه لن يترشح لانتخابات رئاسة الإقليم المقبلة.
وكان البارزاني قال إن الإقليم قد ينتظر عاما أو عامين للتفاوض مع بغداد قبل إعلان الاستقلال وتأسيس الدولة الكردية المستقلة. واجتمع أمس المجلس الأعلى للاستفتاء بحضور البارزاني، وجرى بحث الخطوات المقبلة للإقليم ردا على التصعيد من قبل بغداد وطهران وأنقرة.وجاء الاجتماع الكردي الجديد، غداة رفض برلمان إقليم كردستان للقرارات التي أصدرتها الحكومة العراقية بعد الاستفتاء، وبينها تسليم مطاري أربيل والسليماينة الدوليين والمنافذ البرية للحكومة الاتحادية. وكشف عضو اللجنة العليا للاستفتاء، وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، مساء أمس الأول، عن لجوء سلطات الإقليم إلى تقديم شكوى ضد بغداد للمنظمة الدولية للطيران، معتبرا أن الحظر الجوي يعرقل وصول المساعدات للنازحين.
العبادي
في غضون ذلك، أثار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مساء أمس الأول، قضية تسلم الحكومة المركزية في بغداد لإيرادات حقول النفط في كردستان، قائلا إن الأموال ستستخدم في دفع رواتب الموظفين المدنيين الأكراد. وكتب العبادي على "تويتر": "الحكومة الاتحادية مستعدة للسيطرة على عائدات النفط لدفع رواتب موظفي إقليم كردستان كاملة".وكان العبادي أكد قبل ذلك في كلمة بمناسبة عاشوراء: "نتمسك بوحدة بلدنا ووحدة شعبنا بمسلميه ومسيحييه وبعربه وكرده وتركمانه وأيزيدييه وشبكه جميع مكوناته العزيزة".وأعرب عن رفضه لـ "كل دعوات التفرقة والانفصال وتمزيق وحدة العراق وشعبه"، لافتا الى "أننا نعتز بإخوتنا الأكراد، وحرصنا على مصالحهم وأمنهم واستقرارهم، وسنسعى للحفاظ على الوحدة والتآخي، لنعبر معا مرحلة الانتصار على الإرهاب الى مرحلة بناء بلدنا الكبير وحفظ أمنه وسيادته".الرواتب
وردت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان على تصريحات العبادي عن النفط والرواتب بالقول إن "بغداد تقول إن ميزانية رواتب موظفي إقليم كردستان هي 460 مليار دينار عراقي، وأنها مستعدة لدفع هذا المبلغ فقط، لكن الميزانية الشهرية لحكومة إقليم كردستان تبلغ 915 مليار دينار".وأوضحت أن "حكومة إقليم كردستان تدفع 650 ملیار دينار شهريا لموظفي الحكومة، أي أكثر بـ40 في المئة عن المبلغ الذي تنوي بغداد دفعه".وتابعت وزارة الثروات الطبيعية أن "المبلغ الذي تريد بغداد إرساله لا يكفي لدفع الرواتب وسينجم عنه (في حال افتراض حدوث ذلك) تقليل رواتب موظفي الحكومة"، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية "لا تعترف بقوات البيشمركة والبيشمركة المتقاعدين والأسايش والشرطة التي يصل إجمالي رواتبها إلى 400 مليار دينار شهرياً". في السياق، أحيا ملايين الزوار الشيعة، أمس، ذكرى عاشوراء عند مرقد الإمام الحسين في مدينة كربلاء التي اتشحت بالسواد، وسط إجراءات أمنية مشددة، بمشاركة نحو 25 ألف عنصر من قوات الأمن.وخيمت هذا العام على شعارات المواكب الحسينية قضية استفتاء كردستان التي عبروا عن رفضها بشكل علني.وهتف مشاركون في مراسم عاشوراء: "مسعود بارزاني يا راعي التقسيم، شنو أخبار استفتاءك دمرت الإقليم". كما رددوا: "كركوك وما بيها لا تصدق نعطيها".الخزعلي
من ناحيته، قال الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، أمس، إن الميليشيات الشيعية قادرة على "استعادة الأراضي التي استحوذ عليها البارزاني في شهر واحد"، مشيرا الى أن "الذي لا يفهم سوى منطق القوة يجب أن يعامل بالمنطق ذاته، والعراقيون قادرون بشجاعتهم على هزيمة الانفصاليين".وأضاف الخزعلي: "لن نتنازل عن استعادة المناطق المتنازع عليها وعودة جميع الحقول والمنافذ التي سيطرت عليها كردستان للحكومة الاتحادية".