إما أن السفير الأميركي ديفيد فريدمان ينطق باسم الإدارة الأميركية أو أنه متمرد عليها، فهو أدلى بتصريح استفزازي جديد، قال فيه إن إسرائيل لا تحتل إلا اثنين في المئة من الضفة الغربية، وكان في تصريحات سابقة قد نفى وجود شيء اسمه أرض محتلة وعلى الإطلاق، وهذا من المفترض أن يتوقف العرب كلهم عنده وبكل جدية، لأن السكوت يؤدي إلى المزيد من التطاول، ولأن هذا الكلام مع الوقت عندما يتكرر وبدون رد حازم يصبح واقعاً مقبولاً إن في أميركا، وإن في العديد من الدول الكبرى الفاعلة.إن السكوت على هذه التصريحات، التي لا يمكن أن نصدق أن ديفيد فريدمان قد دأب على إطلاقها بدون علم ورضا الإدارة الأميركية، سيعني مع الوقت أن العرب راضون عليها، وأن الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على أكثر من التصريحات التي يطلقها الأخ صائب عريقات، شافاه الله وعافاه، وحقيقة انه إذا بقي هذا السفير "الصهيوني" في موقعه، وإذا بقيت واشنطن ترد على تصريحاته بما هو أسوأ منها، فإن هذا يعني أنه لا فرق بين الإسرائيليين والأميركيين، وأنه سيؤدي إلى المزيد من الإحباط، والمعروف أن الإحباط بصورة عامة هو الوقود الفعلي لهذا الإرهاب، وهو المبرر الذي تتكئ عليه كل هذه التنظيمات الإرهابية.
لا يمكن تصديق أن الإدارة الأميركية غير قادرة على ضبط هذا السفير "الصهيوني" المنفلت من عقاله، بل وأكثر من هذا ربما هي التي تشجعه على الاستمرار في إطلاق هذه التصريحات الاستفزازية "الإحباطية"، مما سيجعل الفلسطينيين والعرب والمسلمين العقلاء غير قادرين على الاستمرار في التصدي لـ"داعش"، وكل هذه التنظيمات الإرهابية التي غدت ظاهرة كونية ليس من السهل القضاء عليها بالرصاص والصواريخ، مادام هناك سفير أميركي يواصل استفزازه وتحديه لكل الذين يعتبرون أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم العادلة.من يستطيع فهم أي شيء منطقي عندما ترد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناويرت على الذين استفزتهم تصريحات ديفيد فريدمان هذا، الذي من المفترض أنه ليس مساعداً لبنيامين نتنياهو، ولا عضواً في "الموساد" الإسرائيلي، ولا جنرالاً في جيش الاحتلال، بكلام تبريري سخيف لا يمكن أن يقنع حتى أصحاب أنصاف العقول، قالت فيه "إن تعليقاته ينبغي ألا تُفسر كطريقة للحكم مسبقاً على نتائج أي مفاوضات ستجريها واشنطن بين الإسرائيليين والفلسطينيين... يجب عدم تفسيرها على أنها تغيير في السياسة الأميركية"!على من تضحك ناويرت هذه يا ترى؟ أليس ديفيد فريدمان هذا سفيراً للولايات المتحدة، وبالتالي يعبر في كل ما يقوله عن رأي أميركا بوزارة خارجيتها وإدارتها ورئيسها دونالد ترامب، ما غيره؟ وبخاصة بالنسبة للمستوطنات التي يعتبرها جزءاً من إسرائيل، وبخاصة عندما يعلن أنه لا يعترف بشيء اسمه أراض فلسطينية محتلة.وهكذا فإن الذين يعتبرون أن الولايات المتحدة دولة صديقة، ونحن منهم، يتساءلون: هل لا يوجد في أميركا إلا هذا الأكثر صهيونية من نتنياهو وشارون، والذي من الواضح أن إسرائيليته تتفوق على أميركيته لترسله سفيراً لها في إسرائيل...؟ إن هناك مثلاً يقول "اللهم احمني من أصدقائي، أما أعدائي فإني كفيل بهم".
أخر كلام
سفير من هذا؟!
02-10-2017