ازدادت في السنوات الأخيرة المراسيم الصادرة من مجلس الوزراء الخاصة بتعيين الموظفين كقياديين أو مستشارين بدرجة وزير، هذه التعيينات أدت إلى سخط عارم على الجهاز التنفيذي بالدولة والقائمين عليه، وتفاعلاً مع التساؤلات الشعبية والقانونية وجّه النائب د. عبدالكريم الكندري حزمة أسئلة لوزير الدولة حول هذا الموضوع، وليسمح لنا هنا النائب المحترم باقتباس سؤاله البرلماني وردّ وزير الدولة عليه، باعتباره الوزير المُشرف على أعمال ديوان الخدمة المدنية:أولاً: ما هو الأساس القانوني لاستحداث المسمى الوظيفي لدرجة وزير؟ ثانياً: كم عدد شاغلي هذه الوظيفة؟ ثالثاً: ما هي التكلفة المالية لكل شاغلي هذه الدرجة؟
وجاء رد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أن القانون الخاص بمرتبات الوزير قد حدد درجة وزير، ومن ثم فلا يوجد ما يمنع من التعيين على هذه الدرجة للموظفين العموميين، أما إجمالي شاغلي درجة وزير عدد 54 موظف وبتكلفة مالية 6000 دينار لكل موظف دون علاوة الأولاد.وسنتناول هُنا إجابة الوزير وفق النقاط الآتية:أولاً: الأساس القانوني لدرجة الوزير: نص الدستور الكويتي في المادة رقم 124 على أن «يُعين القانون مرتبات رئيس مجلس الوزراء وتسري في شأن رئيس مجلس الوزراء سائر الأحكام العامة بالوزراء، ما لم يرد نص خلاف ذلك».وبناء على ذلك فقد صدرت عدة مراسيم بقانون تُحدد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء بما يتلاءم مع ظروف الزمن، وهي كالآتي: القانون رقم 15/1962 والخاص بمرتبات الوزراء حدد المرتب 920 د.ك، القانون رقم 48/1979 بشأن مرتبات الوزراء حدد في مادته الأولى والثانية المرتب 1950 د.ك، وفي مادته الثالثة ألغى القانون رقم 15/1962، القانون رقم 49/1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات للمتقاعدين وتعديل بعض أحكام قانون ونظام الخدمة المدنية 49/1982، وترتب عليه أن يصل مرتب الوزير إلى 1980 د.ك، وآخر المراسيم 14/1992 وهو القانون بمنح زيادة في العلاوة الاجتماعية والمعاشات التقاعدية والمساعدات العامة، والذي ترتب عليه أيضاً زيادة مرتب الوزير إلى 2310 د.ك.واستمر المرتب المحدد 2310 د.ك إلى حين صدور قرار من مجلس ديوان الخدمة المدنية يحمل رقم 20/2014 وينص على أن يكون إجمالي المرتب الشهري لشغل درجة وزير هو 6000 دون علاوة الأولاد.وهذا ما يثير علامة الاستفهام، إذ إن الدستور حدد في مادته 124 أن يُعين «القانون» مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وهذا ما تؤكده أيضاً المراسيم السابقة، إذاً كيف يمارس مجلس ديوان الخدمة المدنية اختصاصات مجلس الوزراء ويقوم بتحديد مُرتبات الوزراء؟ والسؤال الآخر: كيف تصدر هذه الزيادة عبر قرار من مجلس الديوان بدلاً من إصدارها كمرسوم قانون من مجلس الوزراء؟ علماً بأن اختصاصات مجلس ديوان الخدمة المدنية محددة وفق ما نص عليه المرسوم رقم 15/1979 ومن ضمنها «اقتراح السياسة العامة للمرتبات والأجور»، والمرتبات والأجور المقصودة هنا للموظفين بشكل عام، سواء أكان قياديا (وكيلا- وكيلا مساعدا) أو موظفاً (إشرافيا أو تنفيذيا).ثانياً: تعيين الموظفين العموميين في درجة وزير: رد الوزير بأنه لا يوجد ما يمنع من تعيين الموظفين العموميين في تلك الدرجة، هذا الرد مخالف لما نص عليه الدستور والقانون، إذ إن القانون رقم 48/1979 بشأن تحديد تحديد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء ووفق مادته الأولى نصت على أن «يتقاضى كل من رئيس مجلس الوزراء والوزراء.... «، إذاً لا اجتهاد في ظل وجود نص صريح وواضح، حتى لو تم الأخذ بأحقية مجلس الوزراء في منح درجة وزير باعتباره سلطة حكم، فهذه الأحقية لا تمنحه الحق في مخالفة القانون، بل يجب أن يكون مجلس الوزراء أولى الجهات التي تلتزم بتطبيق القانون وأخصها قانون ديوان الخدمة المدنية، ولها أن تُعين وفق الدرجات الممنوحة للقياديين (درجة وكيل أو الدرجة الممتازة)، لا أن تتوسع وتستحدث درجة وظيفية لم يتم إدراجها أساساً في سلم الدرجات الوظيفية.ثالثاً: التكلفة المالية والتوسع في التعيين: بالنظر إلى إجمالي الموظفين المُعينين على هذه الدرجة، وهم 54 موظفا، وبالأساس يجب أن يكون العدد أقل من ذلك بكثير، إلا أن مجلس الوزراء توسع كثيراً في منح درجة وزير، وهو ما تسبب في وجود فارق شاسع بين القياديين في الدولة، فالبعض مُعين على درجة وكيل، والبعض على الدرجة الممتازة، والبعض الآخر على درجة وزير! ويحق للبعض أن يتساءل ما هو معيار تعيين الدرجة، ولماذا لم يتم منحه درجة وزير؟ هذا التمايز في التعيين يترتب عليه مخالفة صريحة للدستور، الذي ينص على أن الناس متساوون في القانون والحقوق لا تمييز بينهم، كيف لا تمييز ونحن نشاهد رئيس هيئة بدرجة وكيل، وهناك رئيس هيئة آخر بدرجة وزير؟من ناحية أخرى، وبحسبة بسيطة، نجد أن التكلفة المالية السنوية المقررة لعدد 54 بدرجة وزير هي 3.888.000 د.ك، وهذه التكلفة قابلة للزيادة في ضوء السلطة التقديرية الممنوحة لمجلس الوزراء وتعيين ما تراه في تلك الدرجة؟ مما يترتب على ذلك من تضخم للباب الأول الذي هو بالأساس مُتخم، ولا يقف الأمر عند حدود ذلك، بل من الطبيعي أن ينعكس على المواطنين من جراء تقليل الدرجات الوظيفية الممنوحة لهم.في الختام، نتوجه بالسؤال إلى المُشرع: هل سيتم الحد من السلطة التقديرية الواسعة للسلطة التنفيذية، سواء أكانت في التعيين أو الزيادة على المُرتب؟ برأيي المتواضع أن بإمكان المُشرع الحد من ذلك عبر تبنيه تعديل المادة الثالثة من قانون ديوان الخدمة المدنية، وإضافة: «فيما عدا مرتبات الوزراء»، قبل بداية نص المادة، كذلك التعديل على المرسوم بقانون رقم 48/1979 وإضافة: «يحظر تعيين الموظفين على درجة وزير».
مقالات
درجة وزير في نظر القانون
03-10-2017