نعم لنحمِ المؤسسات!

نشر في 03-10-2017
آخر تحديث 03-10-2017 | 00:22
 حسن العيسى افتتاحية "الجريدة" عدد أمس بالدعوة إلى حماية المؤسسات من النواب مستحقة لو أضيفت إليها دعوة الحكومة (السلطة) ذاتها لحماية المؤسسات من جهل وفساد بيروقراطيتها، كلمة المؤسسات هنا تعني المؤسسات الرسمية، وليست مؤسسات المجتمع المدني، فهذه الأخيرة تم تهميشها وتدجينها للسير في الركاب السلطوي، المقصود هنا مؤسسات مثل التأمينات الاجتماعية ومؤسسة البترول وغيرهما التي لها بعض الاستقلالية الإدارية، ونجت من الروتين الحكومي، وإن لم تنج الأولى لمدة ثلاثة عقود من تهم فساد مديرها السابق في التربح والتكسب واستغلال الوظيفة العامة، وليته كان الوحيد في التاريخ غير الموثق في سجل الفساد الطويل.

يبدو أن مناسبة الافتتاحية هي زيادة جرعة مطالبات بعض النواب بتحميل مثل تلك المؤسسات المزيد من الالتزامات المالية، أو التدخل في إدارتها، بما يخرج عن الوظيفة الرقابية المفترضة لمجلس النواب على أداء السلطة التنفيذية، فمطالبة بعض النواب اليوم بخفض سن التقاعد، بما يعني خسارة رهيبة في أموال المؤسسة، كما قال رئيسها حمد الحميضي، لا تختلف في مضمونها عن مطالبات نيابية سابقة حققتها الحكومة، مثل إسقاط فواتير الكهرباء والماء أو إلغاء الديون الاستهلاكية، وإذا كان في "الماضي" حين كانت أسعار البترول مزدهرة ما يفسر قبولها فإن الوضع اليوم اختلف في اقتصاد الدولة المنكوب بحكومتها ونوابها.

أمثلة قصة الداو أو حقول الشمال، كما استشهدت افتتاحية "الجريدة"، يجب التذكير بها، في الأولى كانت هناك خسارة رهيبة للمال العام، حين تم إلغاء الصفقة بعد جدل وصراع كبيرين في المجلس حول جدوى عقد الشراكة مع "الداو" من عدمه، لم يكن سبب إلغاء الصفقة، إن كنا منصفين، هو مطالبات النواب المعترضين عليها فقط، وإنما كان عدم دراية النواب بمضمون العقد وشروطه الجزائية، وكذلك عدم إلمامهم بالفائدة المستقبلية لتلك الشراكة، كانت الحكومة أسوأ محام عن الصفقة، وفي النهاية هي ذاتها من ألغت الصفقة، وضغوط النواب أيامها ليست مبرراً للإلغاء، لو أن الحكومة وقفت بصلابة ضده، وأظهرت حججها بشفافية للإبقاء على العقد، لكنها آثرت السلامة ذلك الوقت، على مضمار سباق الشعبويات وكسب قلوب النواب.

هناك ملاحظة الآن بأنه لا يصح قبول مطالبات بعض النواب لزيادة الأعباء المستقبلية على المالية العامة في مثل ظروف الدولة الاقتصادية، ولا يمكن قبول تذرعهم بفساد الإدارة وهدرها للمال العام كسبب للي يد السلطة وفرض تنازلات مالية ليست ضرورية... كأن يقولوا للحكومة مثلاً خلصينا من الفساد قبل الكلام عن أي موضوع آخر كتخفيض سن التقاعد، فمثل ذلك الطرح يعد بحد ذاته نوعاً من الفساد، حين نتعذر بفساد الإدارة لممارسة المزيد من الهدر لمستقبل لم يعد مجهولاً، الواجب هو النضال ضد الفساد بكل صوره وأشكاله، سواء كان تسيباً حكومياً أو مزايدة شعبوية لأمة غارقة في عالم الاستهلاك الريعي.

back to top