المصالحة الفلسطينية... والمطلوب!
المفترض أن يكون هناك تأييد عربي فعلي لهذه الخطوة التصالحية، أو "الوحدوية"، بين حركتي فتح وحماس، فالقضية الفلسطينية قضية عربية، بل هي قضية العرب الأولى، رغم كل هذه القضايا الرئيسية والثانوية التي نبتت كالشوك الشيطاني في السنوات الأخيرة، وهذا يعني أن المطلوب من العرب، كلهم، أن يضعوا كل جهودهم في الاتجاه الصحيح، وأن يدعموا الجهد الذي بذلته مصر، ولا تزال تبذله، لوضع حدٍّ لكل هذا التشرذم والتباعد بين هاتين الحركتين الرئيسيتين الفلسطينيتين.نحن نعرف أن بعض العرب، والمقصود هنا الدول وليس الشعوب، سيحاولون إحباط هذه المحاولة، أو التشويش عليها، على الأقل، طالما أنه "ليس لهم ولو حبة حمص واحدة في هذا المُوْلد"، والمقلق، إنْ ليس المخيف، هو أن هؤلاء لا يزالون يحتفظون ببعض قادة "حماس" الأساسيين في عواصمهم كرهائن، وإغراقهم بإغداقاتهم المالية. والمعروف أن المال في مثل هذه الحالات مفسدة... وأي مفسدة؟!
إنه لا يمكن، وهذه التجارب لا تزال حية في أذهاننا وأمامنا، أن تمرَّ هذه الخطوة دون استهداف ودون منغصات خارجية، فهناك عرب لا يريدون للفلسطينيين أن يتوحدوا ويتخلصوا من انقساماتهم العبثية فعلاً، وهناك في "فتح" و"حماس"، وفي تنظيمات فلسطينية "مايكروسكوبية" معروفة، مَن في مصلحته أن يبقى التقاتل مستمراً، والانقسام متواصلاً، فالوحدة، وأي وحدة، لها أعداء، كما أن لها أصدقاء ومؤيدين، ويقيناً أعداء هذه الوحدة أكثر من أصدقائها، إن فلسطينياً أو عربياً، وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي أيضاً.لهذا، يجب ألا تكون عملية التصالح والتوحيد هذه، التي من المفترض أن تبدأ على الفور، مجرَّد تبادل عناق شبع منه الفلسطينيون حتى حدود التخمة، والمعروف أن الهدم أهون كثيراً من البناء، وأن ما ترتب على ما حدث في عام 2007 يحتاج إلى المصارحة الصادقة، وإلى وضع النقاط على الحروف، وإلى بداية جديدة جدية، بعيداً عن المجاملات والمناورات، التي بقيت ظاهرة في العمل الوطني الفلسطيني منذ عَقْدِ أول مجلس وطني، ومنذ إنشاء منظمة التحرير، ومنذ أن ظهرت بعد عام 1967، إلى جانب حركة فتح، منظمات فعلية ووهمية كثيرة.وهكذا، ولضمان أن تكون هذه الخطوة تصالحية ووحدوية بالفعل، فإنه يجب ألا تبقى في غزة والضفة الغربية قوتان متناحرتان وجيشان متنافسان وأجهزة أمنية بأجندات مختلفة. يجب أن تنضوي "حماس" في منظمة التحرير الفلسطينية، وتكون جزءاً من المجلس الوطني الفلسطيني، ويجب أن تكون هناك وحدة موقف ملزمة للجميع، وخاصة تجاه العملية السِّلمية، وتجاه البرنامج الوطني المرحلي والاستراتيجي. هذا هو المطلوب، وإلا فإن الأفضل والأجدى أن يبقى كل شيء على ما هو عليه!