«كتالونيا» يتجه إلى إعلان الاستقلال... وأزمة مدريد تتعمق

• الملك فيليبي يوصي الحكومة بحماية النظام الدستوري
• ميركل ترفض أن تتوسط

نشر في 04-10-2017
آخر تحديث 04-10-2017 | 21:45
شبان كتالونيون يرتدون أعلام الإقليم في برشلونة أمس (رويترز)
شبان كتالونيون يرتدون أعلام الإقليم في برشلونة أمس (رويترز)
يتجه إقليم كتالونيا لإعلان استقلاله عن إسبانيا من جهة واحدة، وذلك وسط موجة انفصالية عالمية بدأت من إقليم كردستان العراق، ووصلت إلى القارة الأوروبية الزاخرة بالمطالبات الانفصالية.
غداة تظاهر مئات الآلاف في برشلونة احتجاجاً على تعامل الشرطة القمعي مع الاستفتاء على تقرير المصير الذي نظمه إقليم كتالونيا في 30 سبتمبر المنصرم، قال رئيس الإقليم كارلس بوغديمون، إن الإقليم الغني سيعلن انفصاله عن إسبانيا "في غضون أيام"، وذلك غداة توصية العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس لحكومة مدريد بأن "تكفل النظام الدستوري".

وفي مقابلة إذاعية، قال بوغديمون إن حكومته ستطلب من برلمان الإقليم إعلان الاستقلال بعد الانتهاء من إحصاء أصوات الناخبين في الاستفتاء الذي تعتبره مدريد غير قانوني، وأوضح: "سنعلن الاستقلال بعد مرور 48 ساعة على الانتهاء من إحصاء كل النتائج الرسمية، هذا سينتهي على الأرجح بعد وصول كل الأصوات من خارج البلاد مطلع الأسبوع المقبل".

وأعلن بوغديمون انه سيطرح نتائج الاستفتاء على البرلمان المحلي، حيث يحظى النواب الانفصاليون بالغالبية، الذي يتمتع بصلاحيات تبني اقتراح بإعلان الاستقلال.

وبحسب حكومة كتالونيا، أدلى 2.26 مليون شخص بأصواتهم، أي ما يعادل أكثر بقليل من 42 بالمئة من ناخبي الإقليم.

ولدى سؤاله عما إذا كانت مدريد ستتدخل لانتزاع السيطرة على كتالونيا، رد بوغديمون: "ذلك سيكون خطأ يغير كل شيء"، مضيفا أنه لا يوجد حاليا أي تواصل بين الحكومة الإسبانية في مدريد وإدارته.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في حكومة إقليم كتالونيا أن الإقليم سيتحرك يوم الاثنين المقبل لإعلان استقلاله، مضيفا أن الأحزاب الداعمة للاستقلال، التي تسيطر على البرلمان المحلي، طلبت عقد جلسة للنقاش والتصويت على إعلان الاستقلال يوم الاثنين. وينبغي إعلان الاستقلال بعد التصويت، إلا أن موعد هذا الإعلان غير واضح.

العاهل الإسباني

وكان الملك فيليبي السادس قال في خطاب نادر وجهه الى الأمة عبر التلفزيون إن "السلطات الكتالونية وضعت نفسها بطريقة واضحة وقطعية وبالكامل على هامش القانون والديمقراطية". وأضاف ان قادة الإقليم "بتصرفهم غير المسؤول قد يعرضون للخطر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لكتالونيا ولإسبانيا بأسرها".

واعتبر العاهل الإسباني ان الهدف النهائي من وراء الاستفتاء الذي أجراه الإقليم هو "إعلان الاستقلال بطريقة غير شرعية". وأضاف الملك الذي اعتلى العرش في 2014 انه إزاء كل ما تقدم فإنه "من مسؤولية السلطات الشرعية في الدولة ان تكفل النظام الدستوري وسير المؤسسات بصورة طبيعية واحترام دولة القانون والحكم الذاتي لكتالونيا".

وبموجب المادة 155 من الدستور التي لم يتم تفعيلها بعد، يحق للحكومة المركزية أن تجبر اقليما من أقاليم البلاد على احترام واجباته الدستورية إذا ما انتهكها أو اذا "شكلت خطرا كبيرا على المصلحة العامة للدولة".

وأتت كلمة الملك في حين شهدت برشلونة تظاهرات احتجاجية شارك فيها بحسب بلدية المدينة 700 ألف شخص احتجاجا على أعمال العنف التي قامت بها الشرطة الاتحادية الأحد لمنع الاستفتاء.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "قوات الاحتلال اخرجي" و"الشوارع ستبقى دوما لنا"، في حين صدحت حناجرهم بهتافات مناهضة للشرطة الوطنية والحرس المدني اللذين أرسلتهما مدريد لمنع الاستفتاء.

وحاول آلاف المتظاهرين التوجه الى مقر الشرطة الوطنية، لكن عناصرها نصبوا حواجز حالت دون اقترابهم. ونادى المتظاهرون بخروج قوات الأمن من المنطقة، واصفين إياها بـ "قوات الاحتلال"، في خضم مواجهة بين مدريد والإقليم أغرقت اسبانيا في ازمة سياسية هي الأسوأ منذ انتهاء الدكتاتورية عام 1977.

وأجبر عشرات من عناصر الشرطة والحرس المدني الذين أرسلوا كتعزيزات لمناسبة الاستفتاء، على مغادرة فنادقهم الاثنين الماضي، تحت ضغط السكان ورؤساء البلديات، بحسب نقابيين.

وقال المتحدث باسم الاتحاد الرئيسي للشرطة رامون كوسيو "انهم يفرون من فندق الى آخر، انهم كالجرذان التي يتعين عليها الاختباء". وحذر من أن الدولة بدأت تفقد سيطرتها على الأمن.

وأعلن فندق واحد على الاقل ان السلطات المحلية أمرته بأن يطلب من عناصر الشرطة النزلاء المغادرة.

وكتالونيا منطقة صناعية غنية في شمال شرق اسبانيا يبلغ عدد سكانها نحو 7.5 ملايين نسمة، وتسهم في قرابة 20 في المئة من الاقتصاد الإسباني، ولها لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها الثقافية.

ويواجه رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، وهو محافظ اتخذ موقفا متشددا تجاه الاستفتاء، تحديا كبيرا يتمثل في كيفية إنهاء الأزمة دون مزيد من القلاقل.

واتفق رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، مع الحجج الدستورية لراخوي، لكن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي انتقدت خططه. وناشد توسك رئيس الوزراء الإسباني البحث عن سبل لتجنب التصعيد واستخدام القوة.

في السياق، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها لاتزال تنظر إلى نزاع الاستقلال في إقليم كتالونيا على أنه شأن داخلي، موضحة أنها لا تعتزم التوسط بين الأطراف المتنازعة. وقال المتحدث باسمها إنه من المهم أن تحرص مدريد على سيادة القانون.

back to top