«الدستورية» تنتصر للحرية الشخصية
المحكمة أبطلت قانون البصمة الوراثية لانتهاكه آدمية الإنسان وخصوصيته وكرامته
● «ممارسة الدولة حقها في حماية الأمن العام يحدها حق الفرد في صيانة حريته»
● «غموض النصوص الجزائية وانغلاق فهمها يَصِمانها بعدم الدستورية»
● «غموض النصوص الجزائية وانغلاق فهمها يَصِمانها بعدم الدستورية»
في حكم أسدلت به الستار على قانون البصمة الوراثية، المطعون عليه، والذي يلزم جميع المواطنين والمقيمين والزائرين للكويت، بإعطاء عينة لإجراء الفحص متى طلب منهم ذلك، وإلا تعرضوا لعقوبة الحبس أو الغرامة، انتهت المحكمة الدستورية أمس إلى الحكم بعدم دستورية هذا القانون، نظراً لانتهاكه آدمية الإنسان وخصوصيته، مشددة على أن حق الفرد في الأمن يجب ألا يتعارض مع كرامته وحريته التي كفلها الدستور.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن الدستور نص في المادة 30 على أن الحرية الشخصية مكفولة، كما قضى في المادة 31 بأنه "لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون"، كما لا يجوز "تعريض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بكرامته"، دلالة منه على "اعتبار تلك الحرية أساساً للحريات العامة الأخرى، وحقاً أصيلاً للإنسان، ويندرج تحتها تلك الحقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها".
وأوضحت أن من بين هذه الحقوق "حق الفرد في صون كرامته والحفاظ على خصوصياته التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها، بعدم امتهانها وانتهاك أسراره فيها، إعمالاً لحقه في احترام خصوصيته، ذلك أن ثمة جوانب خاصة بالفرد تمثل أغواراً لا يصح النفاذ إليها، وينبغي دوماً ألا يقتحمها أحد ضماناً لسريتها وصوناً لحرمتها، فكل ما يتعلق بخصوصية الفرد جزء من كيانه، لا يجوز لأحد أن يناله أو يطلع عليه إلا بإذنه الصريح".وأضافت أنه "إذا كان تنظيم الحرية الشخصية يقع في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في موضوع تنظيم الحقوق، فمن غير الجائز أن يفرض المشرع تحت ستار هذا التنظيم قيوداً يصل مداها إلى حد نقض هذا الحق أو الانتقاص منه أو إفراغه من مضمونه"، مبينة أن "المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان غموض النصوص التشريعية عامة يعيبها، إلا أن غموض النصوص، لاسيما المتعلقة منها بنواحٍ جزائية خاصة، وانغلاق فهمها يصمانها بعدم الدستورية".وشددت على أن النصوص المطعون عليها جاءت عامة ينطبق حكمها على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين، ودون رضاهم أو حتى صدور موافقة أو إجازة سابقة منهم تتعلق بحق لهم، وهو انتهاك لحق خصوصية الفرد، لافتة إلى أنه "لا يغير من ذلك ما قد يسهم فيه ذلك القانون عند تطبيقه من الحفاظ على الأمن والمساعدة في كشف الجرائم، وتحديد ذاتية مرتكبيها، والتعرف على هوية الجثث المجهولة، إذ إن ممارسة الدولة لحقها في حماية الأمن العام يحدها حق الفرد الدستوري في الحرية الشخصية، بما يقتضيه ذلك من الحفاظ على كرامته واحترام خصوصيته، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم دستورية المواد 2 و4 و8 و11 من القانون رقم 78 لسنة 2015 بشأن البصمة الوراثية".