ربما لا تصدق أن ثمة أشخاصاً ناجحين ومع ذلك يعانون أو كانوا يعانون تراجع تقدير الذات. لكن عدداً كبيراً من المشاهير، والمديرين، والرياضيين البارزين، والسياسيين يعانون هذه المشكلة أو واجهوها في مرحلة ما من حياتهم. عندما تتأمل إنجازاتهم، ودخلهم العالي، ومكانتهم المرموقة، تتخيل أنهم ما كانوا ليبلغوا نجاحاً مماثلاً لو كانوا يفتقرون إلى تقدير الذات.لا يشكّل تقدير الذات أحد شروط النجاح. لكن هذا لا يصح دوماً. لا تنخدع. هؤلاء أشخاص مجتهدون، ومندفعون، ونشيطون. ويبدو أنهم يتمتعون بالذكاء، والمواهب، والمهارات الضرورية لبلوغ القمة. إلا أن ما لا ندركه أن كثيرين منهم ينطلقون في مسيرتهم وهم يتخبطون وسط الشكوك، وعدم الاستقرار، وتراجع تقدير الذات، التي تنجم عما عاشوه في طفولتهم المضطربة. لكن افتقارهم إلى تقدير الذات هذا يؤدي دوراً مهماً في تقدمهم نحو النجاح.
نشرت المدونة Just Be Real، التي تُعنى بالنمو الشخصي، مقالاً بعنوان «سبعة مشاهير بدأوا مسيرتهم مع تقدير ذات متدنٍّ». عرض هذا المقال تجارب عدد من المشاهير الناجحين وصراعهم مع افتقارهم إلى تقدير الذات. شمل هؤلاء أوبرا ونفري، وجون لينون، وهيلاري سوانك، وراسل براند، ومارلين مونرو. على سبيل المثال، تنقلت الأخيرة كثيراً في طفولتها. نتيجة لذلك، حظيت بعدد من العائلات الربيبة، فضلاً عن أب وأم مضطربين عقلياً. يوضح المقال أن مونرو نجحت، رغم معاناتها تراجع تقدير الذات، في تحقيق الكثير من الإنجازات المذهلة في حياتها كعارضة أزياء وممثلة.
كيف يساهم الافتقار إلى تقدير الذات في النجاح؟
يشكّل تراجع تقدير الذات أحياناً حافزاً قوياً وراء سعي الإنسان إلى النجاح. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن مَن يفتقر إلى تقدير الذات يحاول باستمرار إثبات قيمة نفسه، محققاً الإنجاز تلو الآخر. ويعود ذلك إلى أن مَن يعوزهم تقدير الذات يتمسكون بالفكرة الخاطئة عن أن قيمة الإنسان ترتكز على ما حققه.5 خرافات عن تقدير الذات
• يرتكز تقدير الذات على قدرتك على اكتسابه: يحدّد ما تقوم به قيمتك، وعليك أن تعمل جاهداً لتكسب تقدير الذات. وإذا لم تبذل جهداً كافياً وتحقق الإنجازات، فلا مبرر لتنظر إلى نفسك نظرة تقدير عالية.• ينجم تقدير الذات عن تطوّرات خارجية: تستمد تقدير الذات من تطورات خارجية تشهدها حياتك، مثل علامات مدرسية عالية، وشهادات جامعية، وترقية، وجائزة، وشهادة تقدير، ومكافآت، ووظائف مرموقة. لذلك تسعى إلى تحقيق الإنجازات كي تسدّ حاجتك إلى النظر بشكل أفضل إلى نفسك.• ينبع تقدير الذات من تفوقك على الجميع: تتنافس مع الآخرين وعليك التفوق عليهم. يصعب عليك الفرح بنجاحهم لأنه يذكرك بضرورة أن تتفوق عليهم وأن من الضروري أن يسطع نجمك.• تحتاج إلى براهين مستمرة كي تحافظ على نظرتك الإيجابية إلى نفسك: عندما يبدأ بريق أحد إنجازاتك بالتراجع، يتسلّل عدم الاستقرار مجدداً ليتملكك. لذلك تسعى إلى تحقيق إنجازات إضافية كي تبرهن أن قيمتك كبيرة حقاً. ويغذي سعيك هذا إصرارك على النجاح لأنك من دونه لا قيمة لك.• لتحافظ على تقدير الذات يجب أن تشعر بأنك محطّ إعجاب الناس وحبهم: يعزّز حب الآخرين وإعجابهم وتقديرهم إحساسك بقيمة نفسك. إن كنت تحبني وتعرب عن إعجابك بي، فلا شك في أن قيمتي كبيرة.• صحيح أن الافتقار إلى تقدير الذات يشكّل أحياناً حافزاً نحو النجاح، إلا أنه يكبدك أيضاً كلفة شخصية عالية، فقد يدفعك إلى دوامة من مشاعر القلق والكآبة. وإن كنت تبدو سليماً معافى فيما تعيش معاناة في داخلك، فمن المهم أن تدرك الحقائق الخمس التالية عن تقدير الذات.5 حقائق عن تقدير الذات
• لا تحتاج إلى إثبات قيمة نفسك: ما حاجة الإنسان إلى إثبات قيمة نفسه إلا خرافة، فلكل إنسان يولد قيمة كبيرة.• لا تزيد المقاييس الخارجية قيمتك أو تقلل منها: لما كنت تتمتع بقيمة كبيرة منذ الولادة، فلا يزيدها النجاح أو الفشل أو يقللان منها.• تشكّل مقارنتك نفسك بالآخرين مضيعة للوقت والطاقة: لا تحتاج إلى إثبات ذاتك، فأنت تتمتع بقيمة كبيرة. لذلك ما أهمية مقارنة نفسك بالآخرين؟!• أنت مكتمل كما أنت: لا تحتاج إلى أي أمر إضافي مطلقاً.• يستطيع المعالج النفسي مساعدتك: يتطلّب تحسين تقدير الذات أحياناً مساعدة خبير متخصص، تشكّل أداة قيمة تتيح لك استعادة تقديرك ذاتك.النجاح ليس علاجاً لتقدير الذات
في الختام، يتبين أحياناً أن ما تواجه فيه أكبر صعوبة يكون الأكثر فائدة بطرائق لا تتوقعها. لا شك في أن تحديد الأهداف والسعي إلى تحقيق النجاح خطوة بالغة الأهمية. ولكن حذار أن تعتمدها وسيلةً لقياس مدى تقديرك نفسك. إذا رغبت في أن تعيش حياة سعيدة وهانئة، فعليك أن تتعلّم تمييز أهمية نفسك وتقدّرها بغض النظر عن الإنجازات التي تبلغها.