«في تلك الأيام في ما كان الإيمان يعبق في بيروت تعرفت إلى جان شمعون الذي كان منغمساً بقضايا شعبه وناسه، لا يهادن ولا يستسلم ولا يميل على عكس المتملقين في ذاك الوقت، وفي وقتنا الحالي ممن يذهبون إلى تل أبيب لتصوير شرائط أفلامهم»، قالت الفنانة المسرحية نضال الأشقر في ذكرى مرور 40 يوماً على رحيل المخرج السينمائي جان شمعون.وتابعت في الأمسية التي أقيمت في «مسرح المدينة» ببيروت: «في ذاك الوقت، خطرت في بالي توليفة لفكرة عمل مسرحي، وكان يومها أتى الفدائيون الفلسطينيون إلى قرى الجنوب بعدتهم وثورتهم، فكانت مسرحية «مجدلون»، بالتعاون مع المخرج الصديق روجيه عساف. في تلك الأيام جاء إلى المسرح ثلاثة طلاب من معهد الفنون في الجامعة اللبنانية وهم نقولا دانيال ونزيه قطان وجان شمعون، هذا المحب والأنيق، والصديق النزيه والجريء، الموهوب، والعفوي».
وانتقدت الأشقر غياب «دعم الدولة أعمال الموهوبين في مجال السينما»، وقالت: «لو توافر دعم لهؤلاء أمثال جان شمعون ومارون بغدادي ورنده الشهال وجوسلين صعب لكانوا عالميين، ولكانوا بدأوا بصناعة السينما اللبنانية، مكررة أسفها لأنه وإلى اليوم نلحظ وجود مسؤول داعم لهذا الفن الرائد».وتحدث المخرج المسرحي روجيه عساف بدوره عن جان شمعون فقال: «تعرفت إليه في معهد الفنون في زمن الثورات، وكوفية الفدائيين التي كانت راية حرية»،وأضاف: «لم يتغير ولم يتزحزح عن البوصلة باتجاه فلسطين وجنوب لبنان. كان همّه الإنسان والإنسانية، وكان الأكثر التزاماً في جيلنا. ستبقى أعمالك يا جان ذاكرتنا بعدما هاجم المرض ذاكرتك، ولكن من المفارقات أنه مع موت المحبوب لا شيء يشوه مرآتنا».
على عكس التيار
وألقى الدكتور فواز طرابلسي كلمة قال فيها: «أنتمي إلى من هم أحياء من جيل جان شمعون، وأحييه لأنه كان على عكس التيار. كان ملتزماً، والالتزام عنده غذاء الموهبة، فقد كان يشركنا في المقاومة اليومية خلال اللهو واللعب وعن مفقود في الحرب وعن الحروب. وعمل وشريكته في الحياة الزوجية والإخراج السينمائي مي المصري على تسجيل ذاكرة أحلامنا المعلقة عندما انقلبت حركة من أجل التغيير إلى حرب أهلية».ولفت إلى «أعمال جان ومي المصري في تصوير يوميات الحرب ومتاريسها وأهالي المفقودين ونضالات النساء المقاومات، كذلك استعرض تظاهرات الاحتجاج على اغتيال الرئيس رفيق الحريري العام 2005»، استذكر طرابلسي «البرنامج الذائع الصيت الذي قدمه جان شمعون وزياد الرحباني على موجات إذاعة لبنان الرسمية العام 1975 بعنوان «بعدنا طيبين قول الله».على نهجه
تخلّل الأمسية عرض لمقاطع من برنامج «بعدنا طيبين قول الله»، وتحدث المخرج هادي زكاك عن جان وأفلامه السينمائية التي أخرجها فقال: «تشبه جان لجهة صدقه واحترامه الإنسان»، فيما أنشد الفنان سامي حواط أغنية بعنوان «بلادي بلادي ولن أرحل»، ثم قدمت نضال الأشقر مفتاح «مسرح المدينة» لعائلة جان شمعون المؤلفة من زوجته المخرجة مي المصري وابنتيه نور وهنا.وشكرت المصري الحضور وكل الذين ساهموا في إنجاح هذه الأمسية، قائلة: «هذا المفتاح التكريمي إنما يعني لي الكثير»، مؤكدة استمرارها على خطى جان». وشكرت ابنتا الفقيد نور وهنا الحضور بكلمتين مقتضبتين.ختاماً، عرض فيلم وثائقي عن جان شمعون كانت قناة «الجزيرة» بثته العام 2005 وتضمن مسيرة حياته المهنية والأفلام التي أنجزها بمفرده أو بالتعاون مع مي المصري.