بغض النظر عن تفاصيل الاستجوابات، كل الاستجوابات، من اليوم الأول في الحياة البرلمانية إلى تاريخ اليوم، لا يستفزني محور من محاور أي استجواب، بقدر ما يستفزني محور "عدم رد الوزير على الأسئلة". وأنا هنا أتحدث عن الأسئلة البرلمانية المنطقية لا التعجيزية الخيالية. بل حتى الأسئلة التعجيزية الخيالية، لا يُعذر الوزير في إهمالها والسكوت عنها و"تطنيشها"، بل عليه أن يتحدث للنواب وللشعب عن صعوبتها وعدم قدرته على الرد عليها.

يعني هذا الوزير الذي لا يرد على أسئلة النواب، ويستهتر بها، ويفوّت الوقت الدستوري المسموح به، ثم يماطل أكثر وأكثر وأكثر، فتمضي الأسابيع والشهور دون أن يجيب عن الأسئلة... أشعر بأنه لا يستفز النائب فقط، ولا حتى بقية النواب، بل يستفز شعباً بأكمله، بدستوره ونظامه البرلماني ومنهج حياته. وكأنه يقول: "أنا لا أحترم النائب ولا البرلمان، ولا حتى منصبي، ولا أحترم قوانين هذا البلد ولا دستوره، ولا البلد برمته".

Ad

يخالجني شعور غريب حين أقرأ خبراً مثل هذا، أو حين أسمع نائباً يشتكي إهمال وزير ما لأسئلته، وأتمنى أن يصدر قانون يسمح بضرب هذا الوزير على قدميه في ساحة الصفاة، بأيدي المارة، وأن يتم تهزيئه وإهانته بما يمنع غيره من تكرار فعلته. وأشعر أن طرح الثقة في هذه النوعية من الوزراء، أو قبول استقالاتهم، عقاب "ما يبرّد القلب".

وأن يسرق هذا الوزير أو ذاك أو الثالث أو الرابع، مختبئين، بعيداً عن الأنظار، أهون في نظري آلاف المرات من أن يكون هذا الوزير نظيف يد لكنه لا يولي اهتماماً ولا اعتباراً لأسئلة النواب، وبالتالي هو يهين الشعب علناً.

ولو كنتُ نائباً، وتقدم أحد زملائي باستجواب، لأحد الوزراء، وكان الاستجواب متعدد المحاور، أحدها "عدم رد الوزير على الأسئلة"، وتأكدت من صدق هذا المحور، فلا أعتقد أنني في حاجة إلى النظر إلى بقية المحاور، كي يسمع مني الوزير ما يسوؤه، قبل طرح الثقة به.