كرست إدارة الفتوى والتشريع مبدأ قانونياً جديداً بعدم أحقية زيادة وزارة المالية القيمة الإيجارية لأملاك الدولة أثناء سريان العقد بالإرادة المنفردة، فضلاً عن أن العقود المبرمة أساساً مع الوزارة تخلو من أي بند ينص على السماح لها بتعديل القيمة الإيجارية.

وفي تفاصيل الملف، حصلت "الجريدة" على الرأي القانوني، الذي طلبه وكيل وزارة المالية من الفتوى والتشريع بشأن تعديل القيمة الإيجارية لمسلخي الفروانية والعاصمة، نفياً للقرار الوزاري 40 لعام 2016 بإصدار لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات.

Ad

وتخلص الوقائع، وفق نص المذكرة التي تسلمتها وزارة المالية، وحسبما يتبين من الأوراق، أن وزارة المالية "أبرمت عقوداً لتصميم وإنشاء مشروع مسلخ وسوق ماشية لمحافظة الفروانية، كما أبرمت عقداً آخر مع شركة نقل وتجارة المواشي لتصميم وإنشاء مشروع مسلخ وسوق ماشية لمحافظة العاصمة، وبموجب هذه العقود تؤجر الوزارة مساحات من الأراضي للشركتين المشار إليهما لمدة عشرين سنة نظير قيمة إيجارية سنوية محددة بالعقد بغرض استخدامها في إنشاء مشروع مسلخ مركزي بمحافظتي العاصمة والفروانية، وتمت زيادة المساحة المؤجرة ومدة العقد والقيمة الإيجارية بموجب ملاحق العقود المشار إليها على أن تؤول جميع المباني والمنشآت والملاحق المقامة على الأرض إلى الدولة عند انتهاء مدة الإيجار دون مقابل أو تعويض من أي نوع كان.

وإذ صدر القرار الوزاري رقم 40 لعام 2016 المشار إليه مرفقاً به لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية متضمنة تعديل القيمة الإيجارية لمشاريع المسالخ الخاصة، وترغبون في إعداد ملاحق للعقود المبرمة مع الشركتين المشار إليهما لتعديل البنود المتعلقة بالقيمة الإيجارية لتتفق والقيم الواردة بالقرار الوزاري المشار إليه".

وبناء على ما تقدم، فإن الرأي القانوني من ناحية ان المادة 3 من القانون المدني الصادر بالمرسوم بقانون رقم 67 لعام 1980 تنص على الآتي:

1- يسري القانون الجديد على كل ما يقع من تاريخ العمل به مالم ينص عل خلافه.

2- تبقى آثار التصرفات خاضعة للقانون، الذي أبرمت تحت سلطانه مالم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام، فتسري على ما يترتب منها بعد نفاذه، كما تنص المادة 196 منه على أن "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أوتعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي القانون بغيره.

أيضاً تنص المادة 17 من المرسوم بقانون رقم 105 لعام 1980 في شأن نظام أملاك الدولة على أن يجوز تأجير أملاك الدولة الخاصة العقارية أو المنقولة بإيجار اسمي أو بأقل من أجر المثل إلى شخص معنوي أو طبيعي بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام ويكون التأجير بناء عل اقتراح الوزير أو رئيس الهيئة أو المؤسسة المختصة وموافقة مجلس الوزراء وفي هذه الحالة لا يجوز أن تزيد مدة الإيجار على عشرين سنة ويجوز تجديده لمدد أخرى لذات الشخص المعنوي أو الطبيعي بموافقة مجلس الوزراء.

وفيما ينص قرار وزير المالية رقم 40 لعام 2016 بإصدار لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات في المادة 1 منه على أن: يعمل بلائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية المرفقة لهذا القرار ابتداء من تاريخ 1 أبريل 2017 عدا ما تضمنته من رسوم للخدمات فيعمل بها من تاريخ نشر هذا القرار، الذي تم نشره في 15 مايو 2016.

وعليه، فإن مفاد ما تقدم أن العقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز نقضه أو تعديل أحكامه إلا باتفاق الطرفين أو إذا كان القانون يقضي بذلك.

وقالت "الفتوى" ، إن الأصل هو بدء سريان القانون الجديد على كل ما يقع بعد نفاذه ولو كان مترتباً على وقائع نشأت في ظل القانون السابق بما من شأنه أن يؤدي إلى وحدة القانون المطبق على المراكز القانونية ذات الطبيعة الواحدة في الدولة وتفادياً لازدواج أو تعدد الأنظمة القانونية التي تحكم المراكز المتماثلة، إلا أن ثمة استثناء من هذا الأصل متعلق بآثار التصرفات وأخصها العقود إذ تظل المراكز العقدية حتى بعد صدور قانون جديد، محكومة بالقانون الذي تكونت في ظله دون أن تخضع للأثر المباشر لهذا القانون الجديد.

وبذلك يحل مبدأ الأثر المستمر للقانون القديم محل مبدأ الأثر المباشر للقانون الجديد في شأن المراكز العقدية الجارية، باعتبار أن المراكز العقدية تخضع في نشأتها وتحديد آثارها لمبدأ سلطان الإرادة فيظل النظام القانوني، الذي تعاقد الطرفان في ظله ووضعا أحكامه في اعتبارهما عند إبرام عقدهما هو واجب الإعمال وذلك احتراماً لإراداتهما المشتركة في هذا الشأن، مالم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون هناك تعارض بين هذا المبدأ وقاعدة عدم رجعية القانون، وأن المراد بالقانون هو القانون بمعناه الأعم، فتدخل فيه كل التشريعات الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح الصادرة من السلطة التنفيذية.

وأضافت أنه بإنزال ما تقدم على هذا الملف، يتبين من الاطلاع على العقود المرفقة أنها تخلو من بند يمنح الطرف الأول "وزارة المالية" الحق في تعديل القيمة الإيجارية بالإرادة المنفردة أثناء سريان العقد، وقد أبرمت العقود وملاحقها قبل العمل بالقرار الوزاري 40 لعام 2016 ومن ثم لا يجوز للوزارة زيادة القيمة الإيجارية للأراضي المؤجرة بغرض تصميم وإنشاء مشروع مسلخ تطبيقاً للائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات الصادرة بالقرار الوزاري المشار إليه، إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة باعتبار أن الزيادة في حال فرضها ستكون تطبيقاً للائحة بأثر رجعي بالمخالفة للقانون.

لهذه الأسباب قانوناً وقطعاً، فإنه لا يجوز تعديل القيمة الإيجارية لمسلخ شركة نقل وتجارة المواشي في منطقة العاصمة وشركة محمد المشعل للحوم الأخرى لمنطقة الفروانية تنفيذاً للقرار الوزاري رقم 40 لعام 2016 بإصدار لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات على النحو المبين بالأسباب.