حوكمة الذمم والعقول قبل الأنظمة والقوانين
الحقيقة أن الحوكمة، وإن كانت تحتاج حقاً إلى قوانين وأنظمة وتشريعات، لكن كل تلك الوسائل لن تجدي نفعاً إن لم تكن هناك "حوكمة" ضمير للموظف، و"حكم رشيد" لذمة القيادي، و"إصلاح إداري" صادق في توجهات الدولة لتصحيح مسار الإدارة العامة المنحرف.
![وليد عبدالله الغانم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/874_1666205680.jpg)
يا ترى هل مشكلتنا في الكويت مع "الحوكمة" في القوانين والتشريعات؟ وهل ستحقق لنا القوانين فعلاً تلك النقلة النوعية في مجال الحكم الرشيد؟ ماذا لو أحصينا عدد القوانين التي صدرت خلال ٥٥ عاماً من الديمقراطية ولم تحقق أهدافها بسبب الجهة التي تتولى تنفيذها؟ هل تذكرون قانون "تجريم أخذ العمولات المالية" الصادر سنة ١٩٩٦؟ وهل طبق على حالة واحدة في الكويت؟ وهل تذكرون قرار مجلس الخدمة المدنية إلزام الوظائف الإشرافية في الحكومة بتقديم إقرارات بعدم مزاولتهم أنشطة تجارية، ولا حملهم وكالات شخصية للتجارة عن الآخرين الصادر سنة ٢٠٠٤؟ فهل تعتقدون أن أحداً سأل عن هذا القرار؟ وهل تعلمون أن قانون الخدمة المدنية الصادر سنة ١٩٧٩ يمنع الموظف من الاستجابة للواسطة أو التوسط بشأن وظيفته كما في المادة ٢٥ منه؟ الحقيقة أن الحوكمة، وإن كانت تحتاج حقاً إلى قوانين وأنظمة وتشريعات، لكن كل تلك الوسائل لن تجدي نفعاً إن لم تكن هناك "حوكمة" ضمير للموظف، و"حكم رشيد" لذمة القيادي، و"إصلاح إداري" صادق في توجهات الدولة لتصحيح مسار الإدارة العامة المنحرف، وكل ما أخشاه أن تنتهي مؤتمرات الحوكمة بإصدار قانون لإنشاء "هيئة عامة للحوكمة" تعين فيها الحكومة ربعها، ويضع الناس الواسطات للانتقال إليها، ثم تصبح من مستلزمات الكشخة في المجتمع، فهذا هو عصر فاشينستا الإدارة وموديلات النزاهة وتجار مكافحة الفساد، وما أكثرهم! والله الموفق.