بعد إطلاق النار العشوائي على مهرجان موسيقي فى لاس فيغاس بولاية نيفادا ليلة الأحد، صرح زعيم الأغلبية الجمهوري بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل للصحافيين "أنه من غير الملائم بشكل خاص تسييس حدث مثل هذا، لقد حصل الحادث فقط قبل يوم ونصف".رغم وقوع 59 قتيلا وأكثر من 500 جريح قال ماكونيل إنه "من السابق لأوانه الحديث عن حلول تشريعية لوباء العنف المسلح في الولايات المتحدة"، وأضاف أن الأولوية التشريعية لحزبه ستظل التخفيضات الضريبية.
كان رد ماكونيل متماشيا تماما مع موقف الحزب الجمهوري بشأن العنف المسلح، ومن المثير للجزع، مع ذلك، أن أيا من الصحافيين المجتمعين أمام ماكونيل لم يحاول أن يسأله أو يستفسر منه عن موقفه، فقد كان من المعقول أن يُسأل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ: "إذا كنتَ تعتقد أنه من السابق لأوانه الآن، فمتى سيكون الوقت المناسب؟ هل يمكن أن تقدم جدولا زمنيا؟". كما أنه لن يكون من المعقول التشكيك في فرضية أن الديمقراطيين هم من يقومون "بتسييس" هذه المأساة، ففي كل الأحوال كان التسييس دائما نقطة الخطاب الجمهوري بعد كل مذبحة منذ عقود.يجب على ماكونيل وزملائه الجمهوريين أن يفسروا لماذا لن يناقشوا حتى الحلول السياسية لويلات العنف المسلح في أميركا، بدلا من السماح لهم بمواصلة بذل جهودهم الشفافة ببساطة لتجنب قضية مراقبة الأسلحة، ويجب أن يتحملوا المسؤولية عن مواقفهم، التي تعكس الغريزة، سواء كانت قاتلة أو تقشعر لها الأبدان، بعرض أي نقاش حول العنف المسلح كقضية سياسية، مما يتيح فرصة لتسجيل نقاط حزبية، بدلا من اعتبارها قضية تهم السياسة العامة والسلامة العامة.ويمكن للمرء أن يجادل بأن كل عمليات القتل الجماعي المتكررة في الولايات المتحدة على مدى العقود القليلة الماضية كان لها ختم جمهوري، فبعد كل مأساة (يمكن التنبؤ بها)، يحشد الحزب لمنع أي تشريع من شأنه أن يعزز ضوابط الأسلحة، وفي عام 1996 ذهب الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى حد التهديد بفشل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إذا حاولت حتى دراسة العنف المسلح. حتى مجزرة ساندي هوك في عام 2012 اضطر مركز السيطرة على الأمراض إلى الامتناع عن إجراء أي بحث من هذا القبيل.وكان رد بول رايان على إطلاق النار في لاس فيغاس كرئيس مجلس النواب الجمهوري لمجلس النواب، هو رفض مناقشة قضية البنادق، وبدلا من ذلك اعتبر المأساة قضية الصحة العقلية في المقام الأول، وبناء على ذلك كان ريان يدعم إصلاحات نظام الصحة النفسية الذي كان من المفترض أن يشتغل عليه الجمهوريون في الماضي.لكن رايان اختار عدم ذكر حقيقة أن زملاءه الجمهوريين (وأربعة من الديمقراطيين) في مجلس الشيوخ صوتوا في فبراير الماضي على إلغاء قاعدة تتطلب من إدارة الضمان الاجتماعي إبلاغ نظام البحث الوطني الفوري حول السوابق الجنائية عن أسماء متلقي الضمان الاجتماعي المعاقين ذهنيا. وبعد هذا التصويت ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه القاعدة، مما سمح للأفراد المصابين بأمراض عقلية بشراء الأسلحة النارية القاتلة دون عائق.كما أهمل ريان ذِكر جهود حزبه المتكررة لإلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة (أوباماكار) لعام 2010 والتي تضمنت خططا لإلغاء تمويل برامج الصحة العقلية، والقضاء على قاعدة تتطلب شركات التأمين والرعاية الصحية لتوفير علاجات الصحة العقلية.ويميل الصحافيون والمحللون إلى الغموض عند تحديد المسؤولية في هذه القصة الأميركية بوضوح، وهم يلقون باللوم على فشل معالجة مشكلة العنف المسلح الأميركية على الكونغرس، أو "مؤسسة واشنطن"، أو النظام السياسي ككل، إن مثل هذا النوع من الخطاب الزائف هو بمثابة "أخبار مزورة"، لقد حان الوقت لدعوة الأشياء بأسمائها الحقيقية: الحزب الجمهوري مسؤول بأغلبية ساحقة.لننظر في مسألة "مخزون السلاح"، أو القيام بتعديل بندقية لجعلها أوتوماتيكية لتكون قادرة على إطلاق النار بشكل أسرع كما فعل مرتكب مذبحة لاس فيغاس، وقد أعطى بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الآن الإشارة إلى أنهم سيدعمون فرض حظر على هذا الجهاز، ولكن عندما اقترحت السيناتورة الديمقراطية ديان فاينشتاين حظرا مماثلا في عام 2013، عارضه الجمهوريون بأغلبية ساحقة. بعد عقود من مثل هذه المعارضة القوية لأي شكل من أشكال المراقبة على الأسلحة، يُظهر الجمهوريون اليوم بعض المرونة لحظر هذا الجهاز- الشيء الذي سيجعل القتل بواسطة الأسلحة شبه الأتوماتيكية أبطأ قليلا- الأمر الذي لا ينبغي أن يكون سببا للثناء.ومن المؤكد أن بعض الديمقراطيين والمستقلين في الكونغرس اشتركوا أحيانا مع الجمهوريين في منع تشريعات مكافحة التسلح، ولكن هناك فرق أساسي: الديمقراطيون الذين يعارضون مراقبة السلاح الناري يفعلون ذلك في تحد للبرنامج الرسمي لحزبهم، في حين يفعل الجمهوريون ذلك بما يتفق مع برنامجهم الحزبي، ونتيجة لذلك فإن درجة المسؤولية بين الطرفين مختلفة ومتباينة، وللحصول على دليل على ذلك يحتاج المرء فقط لتتبع صرف الأموال. وفقا لجريدة لوس أنجلس تايمز، في عام 2016، تبرعت جمعية البندقية الوطنية (نرا) بمبلغ 52.6 مليون دولار للحملات الانتخابية، منها فقط 265 دولارا- نعم هذا الرقم صحيح- ذهبت إلى المرشحين الديمقراطيين، في حين تلقى ماكونيل 1.3 مليون دولار من الهيئة التنظيمية الوطنية في عام 2016 وحده.وبعد مجزرة 2012 في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتن بولاية كونيتيكت، حيث قتل مسلح واحد 26 تلميذا ومعلميهم، اقترح السيناتور جو مانشين، وهو ديمقراطي، مشروع قانون يتطلب فحصا شاملا على خلفية جميع عمليات شراء الأسلحة التجارية. فشل تعديل مانشين في الحصول على 60 صوتا المطلوبة للتغلب على الرفض الجمهوري، وأربعة فقط من 54 عضوا في مجلس الشيوخ الذين صوتوا لمشروع القانون كانوا جمهوريين؛ وخمسة فقط من 46 عضوا في مجلس الشيوخ الذين صوتوا ضده كانوا من الديمقراطيين.القتلة الجماعيون مثل آدم لانزا في ساندي هوك، وعمر ماتين في ملهى ليلي بولز في أورلاندو في عام 2016، وستيفن بادوك في لاس فيغاس، وعدد لا يحصى من الآخرين سحبوا زناد الرشاش، لكن الحزب الجمهوري تصرف كشريك سياسي لكل هذه الأعمال الإجرامية.* ياشينغ هوانغ* أستاذ الاقتصاد الدولي والإدارة في كلية سلون للإدارة بماساتشوستس وباحث زائر في كلية كينيدي للحكم بجامعة هارفارد.«بروجيكت سينديكيت، 2017» بالاتفاق مع «الجريدة»
مقالات
مسؤولية الجمهوريين عن العنف المسلح
10-10-2017