الإيطالي نيكولو مكيافيلي فيلسوف سياسي ومفكر وموسيقي وشاعر، له العديد من الأعمال، لكن عبارة "الغاية تبرر الوسيلة" تبقى قوله المأثور الشهير، والذي عرف به أكثر من جميع أعماله رغم أهميتها، وسمي هذا بالمبدأ المكيافيلي، ومن المؤكد أن سبب الشهرة الطاغية لهذا القول هو تطبيق ملايين البشر له في حياتهم العادية مرات ومرات دون كلل أو ملل.

هناك أمثلة "شعبية" عربية من أبرزها "إللي تغلب به العب به"، ويبدو أن البعض وأتباعهم المعروفين بالعمل على تحقيق مصالحهم الشخصية ومحاربة القوانين التي لا تتماشى مع ما يصبون إليه، أزعجتهم قرارات الجمعية العمومية لاتحاد الكرة التي عقدت يوم 6 سبتمبر الماضي، خصوصا أنها طرحت الثقة في اتحاد "طلال الفهد"، لذلك قرروا تطبيق المبدأ الميكافيلي والمثل العربي بالحرف الواحد!

Ad

في السابق، كان المنتفعون يحاربون القوانين الوطنية باللوائح والأنظمة والحديث المرسل عن مخالفة القانون لنظيره في اللوائح، لكن، ولأنهم بلا مبادئ أو قيم، قد غيروا موقفهم تماما حالياً، وبدأوا يدعون الدفاع عن الإجراءات والقوانين، رغم أنهم قالوا فيها ما قاله مالك في الخمر!

وادعى هؤلاء أن الهيئة العامة للرياضة قامت بتعديل النظام الأساسي وفقا للقانون 34 الذي تم الغاؤه في الثالث من سبتمبر الماضي، وذلك على الرغم من أن الهيئة لم تقبل ولم تتدخل في اجراء التعديل، لكنها فقط نزلت على ما قررته الجمعية العمومية للاتحاد في اطار سلطتها والضوابط المقررة بالنظام الأساسي المعمول به.

ادعاء غير صحيح

كما ادعوا ان تعديل النظام الأساسي الحالي للاتحاد اجراء يخالف القانون 34 لسنة 2016، وهو ادعاء غير صحيح فالقانون 34 قد نص في المادة (5) على انه: "تحتذي الهيئات الرياضية نماذج النظم الأساسية التي تضعها الوزارة المختصة ولا يجوز الخروج عليها إلا عند الضرورة وبموافقة هذه الوزارة، وكل تعديل في النظام الأساسي للهيئة لا يكون نافذاً إلا بعد موافقة الوزارة المختصة ونشره في الجريدة الرسمية كما يجب شهره وفقا لأحكام المادة السابقة".

فالقانون طلب من الأندية الرياضية ان تحتذى نماذج النظم الأساسية الصادرة عن الهيئة، ولكن أي تعديل للأنظمة لا يكون نافذاً بنشره في الجريدة الرسمية، وبالتالي فإن الخلط بين نشر القرار رقم 951/ 2016 الذي صدر في النموذج، وما اعتمدته الجمعية العمومية للاتحاد من تعديل نظامه الأساسي وإرسال التعديل للهيئة، والذي لم يتم نشره حتى تاريخه، هو خلط متعمد يراد به خداع الشارع والمتلقي لهدف ما في نفس يعقوب، فالنظام القديم للاتحاد هو الساري وهو المتبع في أي اجراء وإن اقتضت الضرورة أو رأت الجمعية العمومية اجراء تعديل فيتم إدراجه على النظام الأساسي القائم وفقا لأحكام النظام الأساسي القديم، حتى يتم سريان أحكام النظام الجديد بنشره في الجريدة الرسمية.

والدليل على صحة ما نقول به ان القانون 34 تطلب تعديل النظام الأساسي احتذاءً بالنظام النموذجي الذي يصدره الوزير المختص، وحتى يمكن تنفيذ ذلك يحتاج الأمر لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد، فكيف يمكن ذلك؟ وما هي ضوابط انعقاد الجمعية العمومية التي ستقوم بالتعديل ان كان القانون الغى النظام السابق، والنظام المعدل لم يقر بعد؟

النظام سارٍ لحين نشر الجديد

الإجابة المنطقية ان النظام الأساسي الحالي هو الذي ينظم ذلك ويظل ساريا معمولاً به لحين نشر النظام الجديد ودخوله حيز النفاذ، وبمعنى اخر، فإن قرار اصدار الأنظمة النموذجية 951/ 2016 سارٍ، لكن ما تم تعديله من أنظمة بناء عليه واحتذاء به ليس ساريا، ولن يدخل حيز النفاذ إلا بنشره، وهو ما لم يحدث حتى اليوم، ويؤيد ذلك المادة 5 من القانون 34/ 2016 والتي نصت على انه "يستمر العمل بالقرارات واللوائح المعمول بها فيما يتعارض مع أحكام هذا القانون إلى أن يتم تعديلها أو إلغاؤها بقرار من الوزير المختص".

الغريب في الأمر أن المنتفعين ادعوا أن الهيئة أجرت تعديلات على نظام أساسي ملغى، وهو ادعاء يحمل خطأين، الأول يتمثل في أن الهيئة لم تجر التعديل ولا تملك ذلك قانونا وإنما اجرته الجمعية العمومية في حدود اختصاصاتها وسلطتها وبضوابط مقررة بالنظام الأساسي، أما الثاني فالنظام الأساسي المعمول به لم يلغ، لأنه لم يتم نشر نظام اساسي جديد في الجريدة الرسمية، والنظام الأساسي الجديد الذي اعتمدته الجمعية العمومية للاتحاد لم يسرِ ولن يدخل حيز النفاذ الا بنشره وهو ما لم يحدث.

الهيئة لا دخل لها بالنشر

والمضحك المبكي في الوقت ذاته، ادعاء ان الهيئة قامت بالنشر في يوم عطلة، وهو كلام غريب ولا يمت للواقع والمنطق والحقيقة بصلة، إذ ان الهيئة لا دخل لها بتحديد تاريخ النشر، فالهيئة ترسل إلى الجريدة الرسمية القرار المطلوب نشره، وتحديد تاريخ النشر ليعود لإدارة الجريدة وفقا لنظامها ومواعيد العمل بها وسياستها في ترتيب اولويات النشر ومواعيده!

وأشار البعض في تساؤلات متعلقة بذات السياق مؤداها أن القرار 2016/951 لم يتضمن في مواد اصداره الإشارة للقانون 34/ 2016، ويرد على ذلك بأن القانون 34 مجرد تعديل من تعديلات كثيرة ادخلت على قانون 42/ 1978، وعليه فإن الإشارة في ديباجة قرار 951 إلى قانون 42، والقوانين المعدلة تُعد اشارة طبيعية للقانون 34، وليس من حسن الصياغة ولا المتعارف عليه قانوناً سرد كل التعديلات.