قمة تونس والعزوف السياسي والمدارس الحدودية
• لكل قارئ للتاريخ الدبلوماسي فترة مفضلة يجدها جاذبة للتفكير ويجد فيها إجابات لأسئلة وتفسيرا لسلوكيات كانت آنذاك تتسم بالغموض، وأصبحت مع الوقت مادة تاريخية شيقة، ومن تلك الأحداث أذكر أواخر السبعينيات اللوبي الخليجي للتحضير لقمة تونس، حيث كانت قضية الجنوب اللبناني هي الشغل الشاغل للدول العربية، وكان السلوك الدبلوماسي وعملية اتخاذ القرار في منطقة الخليج يتسمان بالواقعية والاعتدال مقارنة بالشدة والراديكالية لدول عربية أخرى، والتي أشغلتها المعارك القومية، وانجرفت خلف الاستقطاب الثنائي الدولي الروسي والأميركي باتجاهات معاكسة حتى أضاعت فرص السلام، ونستخلص من ذلك أن اللوبي الخليجي قد امتلك مقومات الاعتدال والنجاح في زمن الاستقطاب والتحدي، واستطاع الدفع بإيجاد حلول توافقية للخلافات العربية وسط زوابع سياسية ساهمت في بناء حواجز بين الدول العربية وإضعافها. • أثناء دراستي لماجستير إدارة الأعمال اطلعت على مصطلح "المتسوق الخفي"، وأدركت آنذاك أنها آلية تستعين بها المؤسسات لتقييم خدماتها، والمتسوق الخفي أخي القارئ عبارة عن مصطلح مستخدم من قبل أساتذة التسويق والإدارة لقياس وتقييم الخدمات، وذلك عبر إرسال أفراد للقيام بدور المتسوق لتقييم الخدمات، وأقترح في هذا الشأن أن تقوم الوزارات الخدمية بتطبيق آلية المتسوق الخفي لقياس ومعرفة أسباب التعطيل والتأخير.
• بعض الكتل السياسية عازفة عن العمل السياسي بعد غياب نشأ عن موقفها من التغيير الانتخابي أو الصوت الواحد، وتحاول أن تعود للعمل السياسي بصعوبة، والسبب هو غياب سبل تمكين أي فئة عازفة عن الشأن السياسي من العودة مرة أخرى إلا عن طريق تبني المواقف من بعض القضايا، وأذكر وسط أحداث عام 2005 وانطلاق الجهود للمطالبة بالحقوق السياسية للمرأة، والتي صاحبها تغيير الدوائر إلى الخمس، فخرج الكثيرون من مرحلة "البيات السياسي" إلى العمل البرلماني، واليوم ووسط حاجتنا للجهود التنموية وخلق فرص العمل والمساهمة في تنويع مصادر الدخل تبرز الحاجة لتكريس الأجندة السياسية لخدمة القضايا التنموية. • التقيت بالأمين العام السابق للأمم المتحدة "بان كي مون" في المعهد الدبلوماسي "معهد سعود الناصر"، وقد انتهزت الفرصة لعرض مشروعي عليه، وهو عبارة عن دمج الجهود الإنسانية بالتعليمية، وإنشاء مدارس على المناطق الحدودية في أنحاء متفرقة من العالم لاحتواء الفقر ومنح الفرص التعليمية للأطفال في مناطق النزاع والقضاء على الإرهاب والعنف، وقد لفتت الفكرة أنظاره، واستحوذت على انتباه العديد من السفراء والحضور.