دشن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، المرحلة الأولى للعاصمة الإدارية الجديدة، وسط حشد رسمي لموارد الدولة المصرية، لإنهاء الجزء الأكبر من المشروعات، خلال الأشهر القليلة المقبلة، قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال النصف الأول من العام المقبل.

ودشن السيسي أعمال المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية (تقع على بعد 45 كيلومترا شرقي وسط القاهرة و80 كيلومترا غرب السويس)، باستثمارات تقدر بنحو 45 مليار دولار، على مساحة 40 ألف فدان، تتضمن المركز الإداري الذي يضم مقرات الرئاسة والبرلمان والحكومة، وحياً دبلوماسياً، ومطاراً دولياً، وأكبر حديقة على مستوى العالم، بجانب تأسيس أحياء سكنية على مساحة تقدر بنحو 460 كيلومترا، تضم نحو 1.1 مليون وحدة سكنية، وأكبر مسجد وكنيسة في مصر.

Ad

توقف التاريخ

وأكد الرئيس المصري، خلال فعاليات التدشين، أن الحكومة تخطط مدناً جديدة تليق بمصر وأهلها، قائلاً: «إحنا بنعمل أماكن تليق بمصر وأهلها، وبنعمل أمر التاريخ هيقف أمامه كتير، ويشوف إحنا عملنا إيه لأهلنا، مش بس في القاهرة، ولكن في المناطق المختلفة»، مشدداً على أن الحوادث الإرهابية التي تقع في سيناء، لن تمنع عمل تنمية حقيقية فيها.

وأضاف: «إذا كنا بنتكلم عن مواجهة التطرف والإرهاب يبقى لازم كل الأطراف زي المنطقة الغربية والجنوبية في شلاتين وشرق العوينات وسيناء تتعمَّر».

وتعليقاً على حديث بشأن إنشاء «النهر الأخضر»، الذي يمتد آلاف الكيلومترات بطول العاصمة الإدارية، وهو عبارة عن شريط من الحدائق والمتنزهات يخدم سكان العاصمة، قال الرئيس: إن المساحات الخضراء التي يجري تدشينها بالمدن الجديدة تأتي في إطار حرص الدولة على الاستفادة من مياه الصرف الصحي المُعالجة، متابعاً: «إحنا بنستفيد من مياه الصرف، وعاملين برنامج ضخم عشان نوصل لمليارات الأمتار من المياه لمعالجتها واستخدامها، ومن ضمن الاستخدامات المناطق الخضراء».

وأكد أن التخطيط المميز يشمل المدن الجديدة جميعاً، وقال: «كل المدن الجديدة جيل جديد، يهدف لاستدامة النمو، وتتحقق فيه كل المطالب بحجم أقل، ولكن المستوى واحد»، وتابع، خلال مداخلاته على كلمات عدد من المسؤولين: «خطط التنمية تستغرق من 20 لـ25 سنة، لكن بقالنا 18 شهر بس ومصرين».

ورد على المشككين في جدوى العاصمة الجديدة، قائلا: «هو احنا مش من حقنا نحلم ولا إيه؟ هو عيب علينا إن يبقى عندنا 13 مدينة زي العاصمة الإدارية؟ هو خسارة فينا ولا إيه؟ لما حد يتكلم يقولك الأولويات، ولكن كل الأولويات مطلوبة... اللي إحنا فيه ده أول خطوة لبناء دولة حديثة تحترم نفسها وتُحترم من الدنيا كلها»، مضيفا: «سعيد بأي انتقاد من شخص مُدرك وفاهم وعارف».

وأوضح أن الهدف من العمل هو استدامة النمو، خاصة أن عدد سكان مصر تخطى 100 مليون مواطن، وقال: «لو وقفت عن النمو، فالنمو العشوائي هيسبق الدولة، ويعمل مشاكل ضخمة في البنية الأساسية»، واستكمل حديثه أمام الحضور من الوزراء وكبار المسؤولين: «الحكومة في حال توقف استدامة النمو ستعكف فقط على حل المشاكل، والبلد ينبض بالحياة ولازم أولوياتنا كلها تنبض بالحياة».

ورحَّب خبراء اقتصاد بتدشين «العاصمة الإدارية»، إذ قال خبير الاقتصاد والتمويل الدولي، مدحت نافع، إن العاصمة الجديدة هي محاولة لحل مشكلة التكدس السكاني وإصلاح مشاكل متراكمة في القاهرة، بما فيها سوء تخطيطها، مضيفاً: «سرعة الانتهاء من المرحلة الأولى مؤشر نجاح ينبغي الاعتراف والإشادة به، لأنه يوفر الكثير من فرص العمل، ويعطي صورة جيدة عن نية مصر توفير مشاريع للاستثمارات الجديدة».

من جانبه، عبَّر الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، عن تخوفه من الدعاية المبالغ فيها بخصوص قدرة العاصمة الإدارية على انتشال الاقتصاد المصري من تعثره، قائلاً لـ «الجريدة»: «العاصمة الإدارية حتى الآن تقتصر على إنشاء مدن سكنية وإدارية فقط، وليس هناك أي حديث عن مشروعات صناعية أو ضخ استثمارات أجنبية في عمليات البناء، بما يدعم أداء الاقتصاد»، مطالبا بإعلان الحكومة خطة واضحة المعالم حول المشروعات التي يمكن للمستثمرين الأجانب والمصريين المشاركة فيها.

«الوطنية للانتخابات»

في الأثناء، وفيما يفترض أن تشهد مصر انتخابات رئاسية، خلال النصف الأول من العام المقبل، صدّق السيسي، أمس الأول، على تشكيل مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات، التي سوف تتولى الإشراف على إدارة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحليات، وترأس اللجنة نائب رئيس محكمة النقض لاشين إبراهيم، وعضوية تسعة قضاة.

وعقد أعضاء الهيئة، أمس، أول اجتماع لهم، وقال عضو الهيئة المستشار محمود الشريف، لـ«الجريدة»: «الاجتماع الأول للهيئة تناول الحديث عن كل الإجراءات التي ستنفذها الهيئة خلال الفترة المقبلة، استعداداً للانتخابات الرئاسية، والتواصل مع أجهزة الدولة المعنية لتوفير ما تحتاج إليه الهيئة من قاعدة بيانات ومعلومات لإتمام مهمتها».

انتهاء الطوارئ

إلى ذلك، انتهت حالة الطوارئ المعلنة منذ 10 أبريل الماضي في جميع أنحاء الجمهورية، منتصف ليل أمس الأول، والتي أُعلنت عقب هجومين على كنيستي طنطا والإسكندرية، خلفا عشرات القتلى والمصابين، لمدة ثلاثة أشهر، وتم تمديدها لفترة مماثلة، ولم تعلن الحكومة المصرية حتى عصر أمس، موقفها بخصوص انتهاء حالة الطوارئ، باستثناء تلك المعلنة في بعض مدن شمال سيناء، منذ نهاية 2014.