«مقاتلون وجواسيس»... أسرار عن هزيمة إسرائيل في 6 أكتوبر
• رادارات سيناء البشرية مهّدت للانتصار
صدر حديثاً كتاب «مقاتلون وجواسيس... المواجهات العسكرية مع إسرائيل وحروب المخابرات» تزامناً مع مرور 44 عاماً على انتصارات أكتوبر عن سلسلة «كتاب اليوم» الصادرة عن دار «أخبار اليوم» للكاتب الصحافي المتخصص في الشأن العسكري شريف عارف.
سلّط المؤلف الضوء على دور المخابرات المصرية في حرب أكتوبر المجيدة، إذ أفصح له اللواء أركان حرب فؤاد نصار، رئيس المخابرات العامة الأسبق، عن أسرار عدة تنشر لأول مرة.
سلّط المؤلف الضوء على دور المخابرات المصرية في حرب أكتوبر المجيدة، إذ أفصح له اللواء أركان حرب فؤاد نصار، رئيس المخابرات العامة الأسبق، عن أسرار عدة تنشر لأول مرة.
يقول اللواء فؤاد نصار في «مقاتلون وجواسيس... المواجهات العسكرية مع إسرائيل وحروب المخابرات»: «بعد الحرب، سألوا وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان: كيف استطاعت مصر الحصول على المعلومات بهذا التفصيل والدقة، علمًا بأنها لا تملك أجهزة متطورة أو معدات تجسس عالية، وليست هناك دولة تساعدها بأقمارها الصناعية؟ فأجاب غطت مصر سيناء برادارات بشرية ذات عقول ترى وتستنتج وترسل أفضل مئة مرة من الرادارات الصماء».يروي رئيس المخابرات الأسبق لمؤلف الكتاب واقعة مثيرة قبل حرب أكتوبر، وهي أن برقية باللغة الروسية وصلته جاء فيها: «أسراركم كلها عند إسرائيل، ويعرفون كل محادثاتكم السرية اللاسلكية والهاتفية»، فما كان منه إلا أن اقترح إنشاء إدارة تحافظ على سرية العمل في القوات المسلحة، وكان ذلك في بدايات عام 1969، وكلفه المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية آنذاك بإنشاء هذه الإدارة، وأطلق عليها اسم إدارة «أمن السيطرة»، وأصبح نصار مديراً لهذه الإدارة من 69 حتى عام 72».يستكمل نصار كلامه: «أحضرنا أجهزة من ألمانيا لتشفير الحديث على أن نفك هذه الشفرة أوتوماتيكياً، واستخدمنا جهازاً يكشف الخطوط ويعرف ما إذا كان عليها أجهزة تنصت أم لا... وكانت المفاجأة أننا وجدنا الكابلات الموجودة في منطقة القناة عليها أجهزة تنصت إسرائيلية، وعندما اكتشفنا ذلك وضعنا كابلات أخرى بعيداً عن هذه الأجهزة، وتركنا الكابلات القديمة بالأجهزة واستفدنا منها في عملية الخداع».
قلق وعدم اتزان
الأزمة الحقيقية التي ساعدت في هزيمة العدو الإسرائيلي من وجهة نظر اللواء نصار هي حالة القلق وعدم الاتزان التي سيطرت على القيادة الإسرائيلية في الساعات التي سبقت حرب أكتوبر، فقد كان الخلاف كبيراً حول الموقف على جبهة القتال، إذ ثمة من طالب باستدعاء الاحتياطي، بينما رأى فريق آخر عدم الحاجة إلى ذلك، واستقر الأمر أخيراً على عرض الموقف على رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير في اجتماع عاجل انتهى بتخويل رئيسة الوزراء سلطة استدعاء الاحتياطي والاكتفاء بإعلان حالة الاستعداد بين صفوف قوات جيش إسرائيل.كشف نصار أسباب نجاحه في مهمته الصعبة ووضوح بصمته في المخابرات قائلاً: «ظهرت بصمتي الحقيقية لأنني نظرت إلى نقاط القوة الخاصة بالعد، وكيف يمكن تلافيها ونقاط الضعف وكيفية استغلالها... كذلك عناصر القوة والضعف عندنا... ولم أجد عندنا من الإمكانات الفنية والتكنولوجية ما أستطيع الاعتماد عليه للحصول على المعلومات إلا العنصر البشري. وبدأت أعتمد كلياً على الفرد، وكانت المجموعة القتالية «39 قتال» ويقودها المقاتل إبراهيم الرفاعي ومجموعة من الضباط عبروا قناة السويس وخط بارليف، وأحضروا معدات من هناك وجلبوا لنا معلومات عنه وقاموا بأكثر من 39 عملية قتال قبل حرب «أكتوبر»، لذلك سميت المجموعة بعدها بهذا الاسم».يستكمل «نصار» كلامه: «المجموعة الثانية «منظمة سيناء» عبارة عن مجموعة من أبناء سيناء يعرفون المنطقة بدقة، وعملت معنا مجموعة أخرى من المتطوعين من المدنيين والعسكريين، وأقمت للعناصر بيوتاً يتعلمون فيها الشفرة وقراءة الخرائط والمعلومات التي نريدها والرموز الموجودة. خلال شهرين كان على العنصر أن يتعلم الأمور كافة ويأخذ جهازاً لاسلكيّاً يبلغنا من خلاله بالمعلومات وبهذا غطينا سيناء كلها».يكشف نصار كيفية مراقبة القوات المصرية الجيش الإسرائيلي واكتشافها مدى استعداده للحرب، موضحاً أن 22 مجموعة تتكوّن الواحدة من 3 إلى 4 أفراد أنزلت بحراً وجوّاً باستخدام الهليكوبتر والتسلل على الأقدام. وأهم من ذلك «مخازن الطوارئ»، وهي مخازن كانت تعدها إسرائيل للاستخدام، بمعنى أنها عندما تحسّ أن ثمة خطراً تعلن فوراً التعبئة العامة. و{لذلك فالمعدات موجودة داخل المخازن ويأتي الأفراد لاستخدامها مباشرة ويخرجون للقتال، لذلك تأكدنا أنهم لن يقدموا على الحرب من دون المرور على مخازن الطوارئ، إذ كانت مخازن الطوارئ الإسرائيلية مقياس اشتعال الحرب لدينا، وكنا نعتبر مراقبتها أحد الأمور المهمة التي لا يمكن تركها للحظات».المجموعة القتالية 39
عن شهادته عن المجموعة القتالية 39 التي كان يقودها الشهيد إبراهيم الرفاعي يقول نصار: «للأمانة التاريخية، أدّت هذه المجموعة دوراً غاية في الروعة، وبدأت عملها في الوقت الذي انسحبت فيه القوات المسلحة من سيناء عقب نكسة 1967، وكانت المجموعة تقوم بأعمال فدائية، خصوصاً بعد تكليفها بتدمير مخازن الذخيرة التابعة للقوات المسلحة كي لا تتمكن القوات الإسرائيلية من استخدامها. فعلاً، دمّرت المخازن قبل أن يستولي عليها العدو، وكلِّفت المجموعة أيضاً بتدمير آبار البترول».يستكمل نصار شهادته عن «المجموعة 39»، ويقول: «كان شعار المجموعة «تنفيذ المهمة أو الشهادة»... وطوال مدة حرب الاستنزاف قامت بغارات على المواقع الإسرائيلية التي كان يُعتقد أن الوصول إليها أمر مستحيل، وعبر هؤلاء الفدائيون قناة السويس 72 مرة منذ نكسة 67 حتى أكتوبر 1973. كذلك أنجزت المجموعة عمليات كبيرة ضدّ خط بارليف، وكان لها الفضل في الحصول على معلومات فريدة من نوعها عن الخط والتحصينات، ما ساعد على رسم صورة واضحة عن الخط وتفاصيله وسّهل مهمة تحطيمه».