شهدت جهود مجلس القرار الواحد بداية جيدة، ولكن كانت هناك مؤشرات مثيرة للقلق على أي حال.

هنا أكثر مؤسسات أوروبا أهمية التي لم يسمع أحد عنها، ولن يسمعوا الى أن تحدث أزمة مالية محتملة، ولكن هل هي مستعدة لذلك؟

Ad

كانت تلك نظرتي لدى حضوري المؤتمر السنوي الثاني الذي عقد في مجلس القرار الواحد في بروكسل في الأسبوع الماضي. ويتمتع هذا المجلس الذي تشكل في سنة 2015 على شكل جزء من الهيئة التي تدعى " الاتحاد المصرفي" بسلطات تمكنه من تخفيف حجم مؤسسة اقراض متوسطة الحجم أو كبيرة بعد أن يعلنها البنك المركزي الأوروبي مؤسسة "متعثرة أو يحتمل أن تتعرض للتعثر". والفكرة الكامنة وراء ذلك هي استبعاد إمكانية قيام بنك متعثر بتصرف منفرد عن طريق مشرفين وطنيين قد يعمدون إلى تأخير اتخاذ قرار من نوع ما، مثل السعي الى اخفاء فشل مجلس إشراف في الماضي من دون تحديد الأسباب بجلاء.

وقد واجه مجلس القرار الواحد أول اختبار رئيسي له في هذه السنة عندما قرر اغلاق مصرف بانكو بوبيلار في إسبانيا، ما أفضى الى استبعاد المساهمين وحملة السندات الصغيرة وعمد الى بيع ذلك البنك الى بنك منافس هو بانكو سانتاندرد في مقابل يورو واحد. وكانت عملية الانقاذ هذه قد اعتبرت نجاحاً نظراً لأنها وفرت على دافعي الضرائب الخسائر المؤكدة، ولم تتسبب بحدوث أي عدوى أيضاً. وقد حدث تدافع على البنك مع وجود مشتر راغب كان على استعداد للتدخل، ولكن يتعين القول هنا أنه لا توجد ضمانة في حدوث ذلك من جديد في المستقبل.

ومن هذا المنطلق يمكننا القول ان القرار المتعلق ببنك بوبيولار لا يسهم في معالجة وتبديد كل الشكوك المتصلة بقدرة مجلس القرار الواحد على معالجة أزمة ما، وتوجد ثلاث مجموعات من الأسئلة التي تتعين الاجابة عليها:

السؤال الأول هو هل في وسع مجلس القرار الواحد معالجة حالة بنك متعثر؟ والثاني: هل يستطيع المجلس الحصول على السيولة الكافية عندما ترفض الأسواق المساعدة في هذا الشأن؟ والثالث: هل يستطيع المجلس أن يعمل بطريقة متوازنة ومن دون محاباة وخاصة عندما يتعلق الأمر ببنوك متوسطة الحجم وذات حساسية سياسية. وفي كل هذه الميادين، توجد أسباب تدعو الى القلق.

٥٥ مليار يورو

ومن وجهة نظرية يجب أن تكون لدى مجلس القرار الواحد كمية كافية من المال للاستحواذ على بنك ثم عرضه في مزاد علني (أو الاكتفاء بعرض قسم منه)، ولكن المشكلة في هذه الحالة تتمثل في أن صندوق مجلس القرار الواحد يتمتع بقدرة تصل الى 55 مليار يورو فقط (64.7 مليار دولار) وليس من الواضح ما اذا كان ذلك كافياً لمواجهة سلسلة حالات تعثر في بنوك أكبر حجماً تتعرض الى متاعب.

ومن الناحية النظرية طبعاً توجد حاجة الى استخدام المال والصندوق، ويتعين على مجلس القرار الواحد أولاً أن يفرض الخسائر على المساهمين وأصحاب الديون، ولهذا السبب يتعين عليه أن يضمن وجود أسهم كافية يمكن شطبها من أجل تحقيق هذه الغاية واستعادة القدرة اللازمة، ويعالج التشكيل المرتقب لطريقة الحماية التي تدعى "متطلبات الحد الأدنى من المسؤولية القانونية" تلك المشكلة، ولكن لسوء الحظ فإن جماعة الضغط المصرفي وخاصة في دول ذات مؤسسات اقراض أضعف – مثل ايطاليا – بدأت في وقت سابق بطلب تخفيف هذه القوانين والقواعد الجديدة، وهنا يتعين على مجلس القرار الواحد واللجنة الأوروبية اتخاذ موقف حازم حتى في حال دفاع الحكومات الوطنية عن تلك البنوك.

وسوف تعتمد قدرة مجلس القرار الواحد على معالجة تعثر بنك أيضاً على مدى قدرته على اقناع المستثمرين بأن عليهم الاستمرار في توفير السيولة اللازمة. وكان ذلك هو الحال مع بنكو بوبيولار، ولكن توجد أيضاً حالات قرر فيها المستثمرون الكف عن تمويل المؤسسة الجديدة، وفي تلك الحالة سوف يتمثل الخيار الوحيد في التوجه الى البنك المركزي الأوروبي والتقدم بطلب من أجل الحصول على تمويل، ولكن لا توجد ضمانة في أن يستجيب ذلك البنك لهذا الطلب.

من جهة اخرى، حدد كلاس كنوت وهو حاكم البنك المركزي الهولندي مجموعة من الشروط والظروف التي كان يعتقد أنها ضرورية بالنسبة الى بنك، كي يتمكن من الحصول على السيولة الطارئة من البنك المركزي الأوروبي. وعلى شكل بداية جادل كنوت في أن على البنك أن يعتبر قادراً على السداد والوفاء بالتزاماته المالية، وهذا سوف يفضي الى تجنب دفع أموال الى مؤسسة معدومة – وثانياً يجب أن تكون لدى ذلك البنك كمية كافية من الأصول ذات الجودة الكافية لتقديمها على شكل ضمانة الى البنك المركزي.

وبينما يتمكن البنك من تقديم رسملة كافية ليس من الواضح ما اذا كان يستطيع تقديم ضمانة كافية، وفي حقيقة الأمر قد يكون البنك المتعثر استخدم الكثير من أفضل أصوله من أجل ضمان التمويل في حال الأزمة التي نعرض لها. وقال كنوت: "علينا ألا ننسى مسالة التمويل في اتخاذ القرار، وإن هذه هي قضية يتعين أن تعالج بطريقة ملائمة"، وهي رسالة واضحة الى مجلس القرار الواحد تدعوه الى عدم التأخر كثيراً في قراره حول اغلاق بنك متعثر.

بنوك متوسطة الحجم

تتمحور القضية الثالثة حول معاملة البنوك ذات الحجم المتوسط، وفي هذا الصدد توفر أعمال الماضي التي قام بها مجلس القرار الوحد بعض التوجيه والإرشاد، ولكن لسوء الحظ فإن ذلك ليس مشجعاً على أي حال. ويذكر في هذا السياق أنه بعد وقت قصير من القرار المتعلق ببنكو بوبيولار اختار مجلس القرار الواحد عدم التدخل في حالتي بنكو مبوبولار دي فيسينزا وفينيتو بانكا على الرغم من أن هذين البنكين كانا من الحجم الكافي المؤهل للخضوع للإشراف المباشر من قبل البنك المركزي الأوروبي.

وقد أثار ذلك القرار أسئلة حول ما اذا كان مجلس القرار الواحد اختار ذلك المسار من أجل تمكين البنكين المذكورين من الحصول على سيولة عن طريق اجراءات الافلاس الايطالية. وكان أن تمكنت انتيسا ساناباولو وهي مؤسسة اقراض منافسة من نيل الأصول الجيدة في البنكين والحصول على مساعدة كبيرة من الحكومة الايطالية. ولعل الجانب الأكثر أهمية هو أنه تم تجنيب كبار حملة السندات العواقب المحتملة، وهو هدف رئيسي للسلطات في ايطاليا التي كانت تخشى التداعيات السياسية لعملية "إنقاذ" مؤلمة.

من جهة أخرى، رفضت الكه كونيغ وهي رئيسة مجلس القرار الواحد وجهة النظر القائلة بأن على المجلس نشر قائمة بأسماء البنوك التي يستطيع حلها وذلك من أجل تقديم صورة أكثر وضوحاً الى المستثمرين، وقد دافعت عن قرار المجلس المتعلق ببنوك فينيتو قائلة إن أصول تلك البنوك قد انكمشت من حيث الحجم الى حد أصبحت معه غير مؤهلة لاتخاذ قرار حولها. ولكن على الرغم من ذلك فإن كلماتها قد لا تكون كافية من أجل تبديد مشاعر القلق والخوف في أوساط المستثمرين الذين يعتقدون بوجود البعض من المحاباة في عمليات مجلس القرار الواحد.