في خطوة سيكون لها تداعيات إقليمية قوية وارتدادات لا تُعرَف حدودها، نفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أحد أبرز وعوده الانتخابية على صعيد السياسة الخارجية، بسحب ثقته من الاتفاق النووي مع إيران.

ورغم أن هذه الخطوة لن تلغي الاتفاق بجرة قلم، بل ستضع مصيره بين يدي الكونغرس، فإن الرئيس الجمهوري الغاضب من «إيران الدكتاتورية» ألحقه بقرار موجع يفرض عقوبات على الحرس الثوري المؤسسة العسكرية الأكثر نفوذاً أمنياً واقتصادياً في طهران، لكنه لم يصل إلى حد تصنيفه إرهابياً.

Ad

الاستراتيجية الشاملة، التي أعلنها سيد البيت الأبيض، في بيان مساء أمس، للتعامل مع إيران لا تخلو من الصرامة، وفيها تهديد عسكري واضح وصريح لإيران ما يضع المنطقة في مستوى من التوتر يكاد يلامس أجواء صدور القرار بإسقاط نظام صدام حسين، أو حتى أجواء غزو الكويت.

وبعد أن عدد مآخذه على إيران منذ هجمات 11 سبتمبر، حذر ترامب من إلغاء الاتفاق النووي في أي وقت، مشدداً على أن استراتيجية إدارته الجديدة «تهدف إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي».

واعتبر ترامب أن النظام الإيراني «أكبر داعم للإرهاب في العالم، ويزرع الموت والدمار والفوضى في كل مكان»، مشيراً إلى أن «صواريخ طهران تهدد حلفاءنا في الشرق الأوسط».

ولفت إلى أن واشنطن «سعت بالتعاون مع الأمم المتحدة لتغيير سلوك إيران عبر العقوبات»، مؤكداً أنه كلف وزارة الخزانة فرضَ عقوبات عليها وعلى ذراع عملياتها الخارجية «الحرس الثوري».

ووضعت ضربة ترامب للاتفاق، الذي وصفه بـ«الأسوأ على الإطلاق»، الكونغرس بحكم الأمر الواقع في الخط الأمامي، إذ سيكون أمام أعضائه مهلة 60 يوماً ليقرروا إعادة فرض العقوبات المرفوعة عن إيران منذ دخول الوثيقة حيز التنفيذ في يناير 2016 أم لا.

وبعيد إعلان ​وزارة الخزانة «وضع ​الحرس الثوري الإيراني​ على قائمة العقوبات، واستهداف 4 كيانات، بينها شركة صينية لعلاقتها به»، كشفت وزارة الدفاع (البنتاغون) أنها تحدد مجالات جديدة للعمل مع الحلفاء، للضغط على النظام الإيراني، وإنهاء نفوذه المزعزع للاستقرار، مشيرة إلى أنها تجري مراجعة شاملة لأنشطة التعاون الأمني، ووضع القوات والخطط الداعمة لاستراتيجية ترامب تجاه إيران.

وفي خطاب متلفز، قال الرئيس حسن روحاني إن «خطاب ترامب مليء بالسباب والاتهامات التي لا أساس لها ضد الأمة الإيرانية»، موضحاً أن «الاتفاق ليس وثيقة ثنائية لينسحب منها أو يلغيها»، وأن طهران «ستضاعف جهودها لصنع أسلحة للردع وتوسع برنامجها الصاروخي».

وقبله اتهمت وزارة الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة بانتهاك روح الاتفاق النووي، الذي توصلت إليه مع القوى العالمية الست عام 2015، متوعدة بالانتقام من أي عمل يستهدف قواتها المسلحة.

وقال المتحدث باسم الوزارة بهرام قاسمي إن «الرد سيكون ضد أي عمل يستهدف قوات الحرس الثوري الإسلامي»، مشدداً على أن إيران ستواصل تعزيز قواتها الدفاعية، بما في ذلك برنامجها للصواريخ الباليستية.

بدوره، أكد رئيس البرلمان علي لاريجاني أنه إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق فسيعني هذا نهايته بشكل مهين للأمم المتحدة، آملاً أن تلعب روسيا دوراً في تسوية الوضع.

من جهته، حذر الكرملين من أن سحب الرئيس الأميركي الالتزام بالاتفاق يشكل ضربة للعلاقات الدولية وجهود منع انتشار الأسلحة.

وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، هاتفياً، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، مؤكداً «التزام موسكو الكامل» حيال الاتفاق النووي.

وأعربت الحكومة السعودية عن تأييدها وترحيبها بالاستراتيجية «الحازمة»، التي أعلنها ترامب، «تجاه إيران ونهجها العدواني»، لافتة إلى أن رفع العقوبات سمح لإيران بتطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، وزادت عائداتها المالية الإضافية دعمها لميلشيا «حزب الله» اللبناني والحوثيين في اليمن.

وفي حين أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني أن الاتفاق «يعمل ويؤتي ثماره»، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«القرار الجريء» الذي اتخذه الرئيس الأميركي. وقال نتنياهو في شريط مصور بالإنكليزية: «أهنئ الرئيس ترامب بقراره الجريء في مواجهة النظام الإرهابي الإيراني».