ذكر "الشال" أن أداء الإدارة العامة في الكويت لم يبلغ ذلك المستوى الهابط الذي بلغه في الوقت الحالي، ويحدث ذلك، رغم أن القطاع العام يوظف كويتياً بالغاً مقابل كل كويتي بالغ، وذلك يعني، أن لدى الكويت أكبر حكومة في تاريخ الأمم. وحسب "الشال"، يعجز راسمو السياسة في البلد عن خلق أي وظيفة حقيقية ضمن القطاع العام أو خارجه، لذلك ترتفع سنوياً أرقام البطالة المقنعة ضمن القطاع العام، أو حتى ضمن العمالة المواطنة المدعومة والعاملة في القطاع الخاص، والسبب في تردي مستوى الأداء في الإدارة العامة، هو ببساطة ناتج عن تكدسها في القطاع العام حتى باتت السعة المكانية مشكلة كبرى، إضافة إلى ندرة العمل المتاح لها، وقيادتها تأتي بتوظيفات البراشوت أسوة بمحاصصة تشكيل مجلس الوزراء، أي مشكلة قاعدة وأزمة قيادة، لذلك باتت جهود الإصلاح شبه مستحيلة، وتردت الكويت في مؤشرات مدركات الفساد وبيئة الأعمال والتنافسية والتعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية وغيرها.
وفي التفاصيل، فإن مشروع قانون التقاعد المبكر المؤذي لكل من المالية العامة ذات الوضع الحرج جداً، سوف يشمل أذاه آخر المعاقل أو شبكة الأمان، أي نظام التأمينات الاجتماعية، وسوف يسارع من بلوغ الأول مرحلة الاصطدام بالحائط، ويختصر المدى الزمني لعجز الثاني، وهدف المشروع هو ببساطة إفراغ القطاع العام من بعض شاغلي وظائفه على مستوى القاعدة والقيادة، وإفساح المجال للنافذين بتعبئتها عن طريق المحاصصة، ذلك قد يشتري بعض الرضا لهم على مدى سنة أو سنتين، ويضخم من حجم وتداعيات الأزمة القادمة، فالعاملون في القطاع العام كما في 30 يونيو 2017 بحدود 345.1 ألف من المواطنين أو ما نسبته 76.8 في المئة من إجمالي العاملين في القطاع الحكومي، معظمهم من صغار السن، بينما القادمون إلى سوق العمل خلال 15 سنة قادمة بحدود 450 ألف مواطن، وإفراغ القطاع العام من بعض منتسبيه، لن يحقق سوى شراء فسحة قصيرة من الزمن لشراء ودّ من يبغى تعبئتها، لكن، بعد إهدار موارد يمكن أن تساهم جوهرياً في تحقيق استدامة واستقرار للاقتصاد الكويتي.ورغم ضخامة جانب النفقات العامة البالغة 5 أضعاف ما كانت عليه في عام 2000، أي قبل 17 سنة، لكنها باتت مكبلة بنفقات جارية وثابتة، وأصبحت عاجزة عن توفير ما يكفي لصناعة رأسمال بشري، فالتعليم والخدمات الصحية في التردي، والوظيفة لم تعد بحاجة إلى تعليم. وتجاوز ضغوط المدى القصير بحلول ترقيعية، مثل مشروع قانون التقاعد المبكر، لن يؤدي سوى إلى زيادة حجم الأزمة بالمساهمة في دحرجتها إلى المستقبل، ليدفع كل ثمنها جيل لا يشارك حالياً في سلطة إتخاذ القرار. وسبق للحكومة عام 2007 أن شجعت على التقاعد المبكر في القطاعات العسكرية الثلاثة زائداً القطاع النفطي، وجاءت النتائج كارثية، إذ أفرغت تلك القطاعات من أفضل وأنضج منتسبيها، بينما استمر فاسدوها، وجاءت النتائج كارثية على مستوى الأداء، وذلك ما سوف يتكرر على كامل القطاع العام هذه المرة.ووضع سوق النفط، وأحداث المنطقة الجيوسياسية، يحتاجان إلى سياسات وقرارات مسؤولة، فيها الكثير من التضحية، لضمان استقرار واستدامة القدرة على خلق وظائف حقيقية لشباب البلد، ومشروع قانون التقاعد المبكر، خطوة إضافية وكبيرة في الاتجاه المعاكس.
اقتصاد
التقاعد المبكر مؤذٍ للمالية العامة وسيشمل أذاه «التأمينات»
14-10-2017