نسّق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سبل مواجهة "أنشطة إيران" في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، مجددا ترحيب الرياض بـ"الاستراتيجية الأميركية الحازمة" التي أعلنها الجمعة الماضي تجاه "تهديدات طهران العدوانية ودعمها للإرهاب في المنطقة والعالم".

وأشاد الملك سلمان بالدور "القيادي للإدارة الأميركية التي تدرك حجم تلك التحديات والتهديدات"، مؤكداً "ضرورة تضافر الجهود واتخاذ مواقف حازمة تجاه الإرهاب والتطرف وراعيه الأول إيران".

Ad

وكان ترامب أعلن في خطاب بالبيت الأبيض عقوبات قاسية جديدة ضد الحرس الثوري الإيراني، مشيراً إلى أن بإمكانه إلغاء الاتفاق النووي الإيراني في أي وقت بعد إعلانه رفض الاقرار بالتزام طهران بالاتفاق الذي وقع في عهد سلفه باراك أوباما.

وأعربت السعودية والإمارات والبحرين عن تأييدها وترحيبها بإعلان ترامب، متهمة إيران بزعزعة الأمن في المنطقة.

وتتهم دول خليجية وعربية طهران بدعم منظمات متشددة في الشرق الأوسط وزعزعة استقرار المنطقة عبر "حزب الله" في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن حيث تقود المملكة تحالفاً عسكرياً عربياً دعما للحكومة المعترف بها.

وفي سورية، تقدّم طهران مساندة عسكرية لقوات النظام، في حين تعمل المملكة على دعم المعارضين للرئيس بشار الأسد.

ماي وميركل

إلى ذلك، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بعد مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بريطانيا وألمانيا اتفقتا، أمس، على الالتزام بالاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى في 2015. إلا أن الجانبين اتفقا أيضاً على "ضرورة مواصلة تصدي المجتمع الدولي لأنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة وبحث سبل مواجهة المخاوف من برنامج طهران للصواريخ الباليستية".

اتهامات إيران

في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقابلة تلفزيونية بثت مساء أمس الأول أن الخطاب الذي ألقاه ترامب حول إيران يمثّل "انتهاكا للاتفاق المبرم في 2015".

وقال ظريف إن "تصريحات ترامب تتناقض مع البنود 26 و28 و29 من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني"، مضيفا: "لقد ارسلت حتى الآن تسع رسائل إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي المكلفة متابعة سير الاتفاق، فيديريكا موغيريني، للابلاغ عن المخالفات والانتهاكات الأميركية وسوف أكتب رسالة جديدة بشأن تصريحات ترامب الأخيرة".

وتنص البنود الثلاثة التي أشار إليها الوزير الإيراني على التزام الأطراف الموقّعة على الاتفاق "حسن النية" وامتناع الإدارة الأميركية و"الكونغرس" عن فرض عقوبات جديدة مرتبطة بالبرنامج النووي الايراني.

وتابع ظريف: "المهم بالنسبة إلينا هو أن الولايات المتحدة التزمت تجديد تعليق العقوبات"، محذراً من أنه إذا لم تفعل واشنطن ذلك "فإن الجمهورية الإسلامية ستتخذ إجراءات انتقامية".

ورداً على التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها للصواريخ البالستية، قال إن بلاده "لن تسمح لأحد بالتدخل في سياستها الدفاعية".

وقال: "نحن نعيش في منطقة باع فيها الأميركيون أسلحة بمليارات الدولارات وحوّلوها إلى برميل بارود، وبالتالي من حقنا امتلاك وسائل للدفاع عن انفسنا".

عودة نووية

في موازاة ذلك، أكد مساعد رئيس الجمهورية رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، أن بلاده تلتزم بـ"البروتوكول الإضافي" ما دام الاتفاق النووي قائماً، محذراً من أن إيران ستتوقف عن تنفيذ "البروتوكول" ان جرى تقويض الاتفاق، وبأن طهران يمكنها استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة (ما يسمح لها بانتاج قنبلة نووية) في غضون 4 أيام في منشأة فردو.

وقال صالحي: "بإمكاننا استئناف الكثير من أنشطتنا في غضون ساعات وأخرى بحاجة إلى عدة أشهر وبعضها يستغرق استئنافها عاماً و3 أشهر كأقصى حد".

ورفض صالحي، مطالب ترامب بشأن تفتيش المواقع العسكرية الإيرانية، معتبرا أنها غير مشروعة، مشددا على أن الاتفاق النووي "غير قابل للتفاوض من جديد".

ولفت إلى استثمار بقيمة 20 مليون يورو من جانب الاتحاد الأوروبي لإنشاء مركز متطور للسلامة النووية، مفيدا بأن عملية إعادة تصميم مفاعل اراك "تتقدم بشكل جيد وأسرع من الجداول الزمنية المحددة لها".

وذكر أن نظيره الروسي سيزور طهران قريباً للمشاركة في مراسم البدء رسميا بالعمليات التنفيذية لإنشاء وحدتين نوويتين في بوشهر جنوب البلاد.

وأوضح أن العمليات التمهيدية والتصاميم بدأت بعد أن سددت طهران القسط الأول من صفقة المشروع الذي تبلغ استثماراته 10 مليارات دولار، مشيرا إلى محادثات جارية مع الصين لإنشاء مفاعلات نووية صغيرة تتناسب مع الظروف البيئية في إيران نظراً لشح المياه.

إسرائيل وأوروبا

وبعد تحذير برلين من إمكانية اندلاع حرب في المنطقة إذا انهار الاتفاق النووي وسعت طهران للتسلح بشكل يهدد أمن إسرائيل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس الأول، أن باستطاعة تل أبيب التصدي لطهران دون دعم من واشنطن، وأنها تملك كل الإمكانات اللازمة لذلك.

ورحب الوزير باستراتيجية البيت الأبيض تجاه طهران.

وانتقد ليبرمان ردود الأفعال الأوروبية حيال استراتيجية ترامب، قائلا: "يستمر الأوروبيون بوضع رؤوسهم في الرمال، كما فعلوا قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية، وعندما ننظر إلى كل الأزمات التي تحدث في أوروبا مثل مشكلات الهجرة واللجوء، وبريكست، وكتالونيا، ووجود النازيين الجدد في البرلمان الألماني، وشرق أوكرانيا، يتبين بشكل واضح أن هذا ليس صدفة، السلطات هناك في أوروبا تفضل الهروب من الحقائق والوقائع".

مشاكل كبيرة

في هذه الأثناء، حذر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، توني بلينكن، من أن قرار ترامب حول ملف البرنامج النووي الإيراني قد "يفتح الباب لمشاكل كبيرة خلال الأيام الـ60 المقبلة"، في إشارة إلى مهلة "الكونغرس" القانونية، لاتخاذ قرار بشأن الإبقاء على رفع العقوبات أو فرض عقوبات جديدة أو تعديل الاتفاق.