مع وصول التوتر الميداني الى الحد الأقصى بين القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية، رفض قادة أكراد العراق اجتمعوا أمس مطالب الحكومة العراقية بإلغاء استفتاء الاستقلال والانسحاب من كركوك والمناطق التي سيطروا عليها بعد يونيو 2014.

والتقى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في مدينة دوكان بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان، زوجة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، القيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، على رأس وفدين من كبار المسؤولين في أكبر حزبين كرديين، بحضور الرئيس العراقي فؤاد معصوم الذي ينتمي الى حزب "الاتحاد".

Ad

وحدة القرار

وقال المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان، هيمن هورامي، إن "الاجتماع أكد وحدة الموقف الوطني في مواجهة كل الضغوط والاستعداد لحل سلمي للمشكلات، ورفض الخيار العسكري والاستعداد للدفاع".

وأضاف هورامي أن "الاجتماع أكد أن إجراء أي مفاوضات مع بغداد سيكون من خلال وفد مشترك يمثل جميع أحزاب كردستان"، مضيفا أن "الاجتماع رفض المطالب بإلغاء نتائج الاستفتاء والشروط المسبقة".

ورفض المشاركون في الاجتماع "التهديدات العسكرية" من القوات العراقية لمقاتلي البيشمركة الأكراد، وتعهدوا بالدفاع عن الأراضي الخاضعة لسيطرة الأكراد في حال وقوع أي هجوم.

البارزاني وبختيار

وأكد رئيس حكومة الإقليم نيجرفان البارزاني، القيادي في الحزب الديمقراطي، في مؤتمر صحافي مع القيادي في حزب الاتحاد ملا بختيار في دوكان أنه "لا يمكن" إلغاء نتائج استفتاء كردستان.

وأضاف: "نتمنى أن تبتعد بغداد عن استعمال القوة فمهما كانت الحكومة العراقية الحالية قوية فإنها لن تكون مثل الحكومة السابقة".

من جهته، أكد بختيار أنه تمت كتابة مذكرة مشتركة خلال الاجتماع تتألف من 5 نقاط سوف يحملها معصوم إلى بغداد.

وأشار بختيار إلى "التوصل لمقترحات حول كيفية حلحلة الوضع في كركوك، وأعطيت الصلاحيات اللازمة للأشخاص الذين لديهم اتصالات مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي".

قاسم سليماني

وجاء اجتماع دوكان بالتزامن مع وجود قائد "فيلق القدس" المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري قاسم سليماني في السليمانية.

وكانت "الجريدة" ذكرت أمس الأول أن سليماني موجود في العراق منذ أيام، وانه زار ضريح الرئيس جلال الطالباني في السليمانية، وقد أظهر سجل الزوار أنه وصل الى هناك في 12 أكتوبر الجاري. وتزامنت زيارة قاسمي مع الحراك الكردي الداخلي خصوصاً في صفوف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث أفاد مراقبون بأن القيادي الإيراني الذي تجمعه علاقات تاريخية مع الأكراد، خصوصا مع "الاتحاد" حاول تشجيع "الجناح الإيراني" الذي يبدو أن زوجة الطالباني هيرو أحمد تقوده حالياً للعب دور أكبر في حل الأزمة على حساب البارزاني الذي ينال دعما من جناح كبير في الاتحاد، المنافس التاريخي لحزبه، أبرز شخصياته نائب الأمين العام للحزب كوسرت رسول ومحافظ كركوك نجم الدين كريم.

وعلمت "الجريدة" من مصادر أن سليماني قدم اقتراحاً ينص على انتشار البيشمركة التابعة لحزب الاتحاد في المناطق المتنازع عليها، وأن يتراجع إقليم كردستان عن الانفصال حاليا ويجدد التزامه بوحدة العراق.

مهلة

وفيما رفضت البيشمركة مهلة منحتها إياها قوات "الحشد الشعبي" للانسحاب من كركوك، نفى المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إعطاء بغداد أي مهلة.

وقال المتحدث باسم المكتب سعد الحديثي، "لا يوجد أي شيء يؤكد أننا أعطينا مهلة"، لكنه أكد أن "القوات العراقية الاتحادية يجب أن تعيد انتشارها، وهي تفعل ذلك في هذا الوقت بمحافظة كركوك والمناطق التي كانت توجد فيها قبل 10 يونيو 2014، أي قبل سيطرة داعش على هذه المناطق".

في غضون ذلك، قال مدير جمارك معبر باشماخ الحدودي بين إيران وشمال العراق، شاخوان أبوبكر أمس، إن "ايران أغلقت منذ الصباح 3 معابر حدودية مع كردستان العراق، وهي حاج عمران وبرويزخان وباشماخ".

إلا أن وزارة الخارجية الإيرانية نفت إغلاق المعابر البرية مع إقليم كردستان العراق، لكن عادت وزارة الخارجية العراقية لتؤكد أن المعابر أغلقت بطلب منها.

استنفار إيراني

وكشفت مصادر أمنية لـ "الجريدة" أن الحرس الثوري الإيراني نشر ما يزيد على 50 ألفا من عناصر الوحدات الخاصة على الحدود مع إقليم كردستان العراق والمحافظات التي يسكنها الأكراد على حدود العراق خلال الأيام الثلاثة الماضية، تحسبا لأي طارئ ممكن ان يحصل إثر تشابك القوات العراقية والكردية في العراق، وذلك دون الإعلان عن ذلك بشكل رسمي.

وأضافت المصادر أن 10 آلاف عنصر آخر تم نشرهم على الحدود بين محافظة خوزستان الإيرانية والعراق لهذا السبب أيضا وبعنوان تأمين الزائرين المشاركين في مراسم 40 الإمام الحسين.

وأشار المصادر الى أن ما يزيد على مئة ألف جندي تابعين للجيش الإيراني وجنود تابعون للحرس الثوري والشرطة وضباط استخبارات بألبسة شخصية كانوا قد انتشروا في المناطق الكردية الإيرانية قبيل إجراء الاستفتاء، وبالتزامن مع المناورات التي أقيمت باشتراك القوات العراقية، في إقليم كردستان لدعم الأجهزة الأمنية المستقرة في هذه المناطق سابقا ومهمة الوحدات الخاصة الجديدة للحرس الثوري تتلخص في ضبط الحدود ووقف التهريب من اقليم كردستان العراق وإليه، ومساندة القوات الأمنية الموجودة، لأن المنطقة مليئة بالطرق الجبلية الوعرة الخارجة عن نطاق سيطرة حرس الحدود.