من المؤسف خفوت الأصوات الوطنية والشعبية الداعية للسلام في منطقتنا التي تعيش منذ ما يقارب أربعة عقود في حروب متتالية، حرب تلد أخرى، وحالة توتر سياسي دائم نرى خلالها ارتفاع ميزانية مبيعات الأسلحة عاماً تلو الآخر، وهو ما أدى إلى استنزاف ثروات دولنا وخيراتها إلى درجة تسجيل عجوزات مالية فعلية في الميزانيات العامة لدول نفطية ثرية جداً، حيث تعمل الحكومات على تحميل تبعاتها للمواطنين من أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية. والآن ها هو اليمين العنصري في أميركا، الذي صعد إلى السلطة في ظل تداعيات أزمة اقتصادية رأسمالية بنيوية، يعمل على رفع درجة تأزيم الأجواء السياسية مع إيران عملاً بسياسة «حافة الهاوية» التي ربما تؤدي إلى اندلاع حرب جديدة في منطقتنا، تضاف إلى الحروب العبثية الدائرة حالياً التي نعاني ويلاتها، وسنظل، إلى فترة طويلة قادمة، نتحمل تبعاتها السياسية والاقتصادية. سياسة «حافة الهاوية» مع إيران تعني المزيد من بيع أسلحة غربية ضخمة ومُدمرة لدولنا وذلك لمصلحة مصانع الأسلحة الغربية ووكلائها المحليين، في مقابل وصول العجز المالي إلى معدلات قياسية، وانخفاض مستوى المعيشة للأغلبية الساحقة من السكان، علاوة على احتمال الدخول في فخ الدين العام (تنتوي الحكومة، بحسب تصريح رئيس إدارة الدين العام بوزارة المالية عبدالعزيز الملا، زيادة سقف الدين العام إلى 25 مليار دولار «83 مليار دولار»، وإصدار أدوات دين تصل إلى 30 عاماً)، وهو الأمر الذي يعني بقاء دولنا، إلى فترة طويلة قادمة، تحت سيطرة المؤسسات المالية الرأسمالية العالمية. هذا ناهيك عما بدأت تشعر به قطاعات واسعة من شعوبنا من خوف ورعب وعدم اطمئنان نفسي على أمنها الاجتماعي نتيجة استمرار عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية.
صحيح أن سياسة النظام الإيراني ذات النفس الطائفي الكريه، والتي تجنح إلى التوسع في المنطقة تسبب قلقاً لشعوب المنطقة وأنظمتها، ولكن الطريق الأسلم لمعالجة هذا الأمر المُقلق وتخفيف غطرسة النظام الديني الإيراني الذي يشغل الداخل بالنزاعات الخارجية، هو الحلول السياسية عن طريق طاولة الحوار الدبلوماسي من أجل الوصول إلى توافقات سياسية تعزز التعاون المشترك بين الدول والشعوب على قاعدة حسن الجوار والتعايش السلمي، مما سيفضي إلى نشر السلام في المنطقة، وإنهاء بؤر التوتر الدائم أو «الحرب الباردة»، وحماية شعوب المنطقة من ويلات الحروب المُدمّرة كي يتفرغوا لحل مشاكلهم الحياتية كالبطالة والفقر وغياب الحريات وضعف المشاركة السياسية أو غيابها وتخلف التعليم، ثم استخدام ثرواتهم الوطنية في التنمية الإنسانية المستدامة وتحسين المستوى العام للمعيشة. لهذا، ومن جديد، فلترتفع أصواتنا جميعاً عالية للمطالبة بوقف الحروب الدائرة حالياً في المنطقة، وضد قرع طبول حروب عبثية جديدة، ومن أجل السلم والتنمية، وحل المشاكل العالقة بين دولنا بالوسائل السياسية السلمية والمتحضرة.
مقالات
لا للحرب... دعونا نعيش بسلام
16-10-2017