«الأوروبي» يتعهد بإنقاذ «اتفاق إيران»
«استراتيجية ترامب» تعمق الصراعات الداخلية في طهران
في وقت يخشى انهيار الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في 2015 عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجية هجومية ضدها واتهامها بعدم الالتزام بالمعاهدة، تعهد الاتحاد الأوروبي، أمس، بالدفاع عن هذا الاتفاق، وحث أعضاء "الكونغرس" الأميركي على عدم العودة لفرض العقوبات على طهران.وقادت ألمانيا وفرنسا الأصوات المحذرة للولايات المتحدة، أقرب حليف للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية، من أن أي إضعاف للاتفاق الذي يمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية قد تكون له عواقب وخيمة على السلام.وقال وزير الخارجية الألماني زيجمار غابرييل قبل اجتماع مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد: "نشعر نحن الأوروبيين معا بقلق بالغ من أن يقودنا قرار الرئيس الأميركي إلى مواجهة عسكرية مع إيران"، مضيفاً أن تهديدات ترامب بالانسحاب ستفاقم أزمة كوريا الشمالية.
وعقدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، فيدريكا موغيريني، التي رأست المرحلة الأخيرة من مفاوضات الاتفاق، محادثات مغلقة بشأن كيفية تعامل دول الاتحاد مع استراتيجية ترامب الجديدة التي تهدف إلى مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، كما بحث الاجتماع الأوروبي كيفية التعامل مع برنامج إيران الصاروخي. وأعلنت موغيريني أنها ستزور واشنطن مطلع نوفمبر المقبل للدفاع عن الاتفاق النووي.وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن "منع الانتشار النووي من العناصر الأساسية المتعلقة بالأمن العالمي والإضرار به سيكون مضراً للغاية"، مضيفا: "نأمل ألا يعرض الكونغرس الأميركي الاتفاق النووي الإيراني للخطر".وذكرت العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي، ومنها هولندا وبريطانيا، أن صواريخ إيران الباليستية وتدخلاتها في سورية واليمن تدعو للقلق لكن الوزراء أكدوا أن التركيز في الوقت الراهن يجب أن ينصب على "إنقاذ الاتفاق النووي".ويعتبر الاتفاق المبرم مع إيران أكبر نجاح دبلوماسي للاتحاد منذ عشرات السنين وأبرم بعد محادثات استمرت 12 عاما ساعد دبلوماسيو الاتحاد في بدئها واستمرارها. ويفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على بعض أفراد "الحرس الثوري" الإيراني الذي تستعد واشنطن لتشديد العقوبات عليه.ولدى حلف شمال الأطلسي درع صاروخية نشرت حديثا في رومانيا للتصدي لأي صواريخ إيرانية يحتمل إطلاقها، لكن حكومات الاتحاد تريد من إيران تفكيك ترسانتها الكبيرة.ويشعر الكثيرون بالقلق من أن تتضرر سمعة الاتحاد الأوروبي كوسيط نزيه في عدد من الصراعات المستقبلية إذا أعاد الكونغرس الأميركي فرض العقوبات على طهران، مما قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق.في غضون ذلك، رأى محللون أن الإيرانيين سارعوا إلى توحيد مواقفهم في مواجهة النهج الأميركي الجديد المتشدد تجاه طهران، غير أن من المرجح أن يستغل معسكر المتشددين الذي يتمتع بنفوذ كبير في إيران النزاع مع ترامب في إضعاف خصومهم المنفتحين على الغرب.وقال مسؤولون إن "تهديدات ترامب تهيئ الساحة السياسية لعودة الخلافات السياسية داخل هياكل السلطة المركبة في إيران ويضر بمستقبل الرئيس حسن روحاني الذي دعم الاتفاق".وذكر محللون أن الأمر سينتهي بزيادة التوترات في الشرق الأوسط مع اعتماد طهران سياسة إقليمية عدوانية.وبمقتضى نظام الحكم الثنائي، الديني والجمهوري، يخضع الرئيس المنتخب لسلطة خامنئي غير المنتخب الذي سبق أن أكد سيطرته عندما هددت الخلافات الداخلية وجود الجمهورية الإسلامية.ومنذ رفع العقوبات بدأ روحاني إصلاح الاقتصاد، الذي أضرت به عقوبات وقيود فرضت مدة عشر سنوات على صناعة النفط الحيوية، وأبدى ترحيبه الحار بالمستثمرين العالميين.غير أن كبار المستثمرين الأوروبيين قد يفكرون مرتين قبل دخول إيران إذا تصاعدت التوترات مع الولايات المتحدة وتزايدت الشكوك في بقاء الاتفاق.