لم يكن يخطر ببال العراقيين، وخصوصا البصريين، أن يأتي يوم لا يجدون فيه "سمك البني أو سمك الكطان"، بعدما كانت العوائل البصرية تتباهى فيما بينها بمن اشترى أطول سمكة بني، وهي تلك السمكة التي تغنى بها العديد من مطربيهم مرددين: "يا صياد السمك صد لي بنية"... غير أن ما لم يكن يخطر على بالهم قد حدث، وانقرضت تلك الأسماك الأصلية، وحلت محلها أسماك دخيلة لم يسبق للبصريين أن عرفوها.ومن خلال ما تنتجه المزارع التي يوجد أغلبها قرب شط العرب، وجد البصريون البديل المستزرع، ليتجه صيادو البني الأصلي إلى مهن أخرى، لأن الحصيلة كما يقول أحد سكان هذه المنطقة، واسمه زيد الفضيلة، "لم تعد مجزية ولا مربحة"، مشيراً إلى أن البني المزروع حل محل "الأصلي" الذي بات نادراً في الأسواق، وحتى إذا توافر فإنه يكون بسعر مرتفع.
وضمن مشروعهم العلمي عن "الشط"، شرح باحثون في جامعة البصرة أسباب اختفاء أنواع شهيرة من الأسماك العراقية كانت تستوطنه، ومنها "البني والكطان"، ومجيء أسماك لم تكن تعيش في هذه المنطقة سابقاً. وأرجع ماجد طاهر، أحد أعضاء اللجنة المشرفة على مشروع "أطلس شط العرب" تلك التغييرات إلى "ازدياد ملوحة مياه الشط، وارتفاع معدلات تلوثها، فضلاً عن ارتفاع درجات حرارتها، حيث بلغت قبل 3 أعوام 38 درجة مئوية، في حين لم يسبق قبل ذلك أن ارتفعت إلى أكثر من 33".يذكر أن مياه الشط لم تعد، منذ عام 2007، صالحة للاستخدامات الزراعية في ذروة فصل الصيف، بسبب زيادة التركيزات الملحية جراء ظاهرة طبيعية كانت تعد نادرة الحدوث، وهي تقدم اللسان الملحي القادم من الخليج في مجرى الشط، بسبب قلة الإيرادات المائية الآتية من أنهار دجلة والفرات والكارون، في وقت يواجه الشط تلوثاً خطيراً، وكلها عوامل أدت إلى انقراض الأنواع الأصلية من السمك هناك.
أخر كلام
«لا بُني ولا كطان» في «الشط»... والبديل «مزروع»
17-10-2017