أسيري: الكويت تمتلك نظاماً سياسياً قادراً على امتصاص الغضب
استعرض إصداره «سياسة الكويت الخارجية» في المكتبة الوطنية ضمن ندوة كتاب الشهر
في نتاج جهد دؤوب استغرق 3 سنوات، قدم د. عبدالرضا أسيري كتاباً قيّماً يراجع ويحلل سياسة الكويت الخارجية على مدار ربع قرن.
نظمت مكتبة الكويت الوطنية ندوة كتاب الشهر بعنوان "سياسة الكويت الخارجية"، حاضر فيها د. عبدالرضا أسيري، وأدارت الندوة أبرار ملك. في البداية، قال المدير العام للمكتبة كامل العبدالجليل: "يحل علينا د. أسيري ضيفا عزيزا ليكمل سلسلة ندوات كتاب الشهر، وهي الخامسة ضمن الندوات التي نعقدها كل شهر، لإلقاء الضوء على كتب جديدة صدرت من دور نشر كويتية لمؤلفين كويتيين، ودعما وتشجيعا وتحفيزا لمزيد من الإنتاج الفكري والثقافي والأدبي لمؤلفينا وكتّابنا الكويتيين، وإيمانا بدور المكتبة الوطنية برسالتها، وتقديمها كل الدعم الممكن لنشاط الثقافي والأدبي والفكري في الكويت".وأشار العبدالجليل إلى أن النشاط سيتواصل بإذن الله، وبجهود أسرة العاملين في مكتبة الكويت الوطنية مع كافة الكتّاب والأدباء الذين يقدمون هذه الندوات المهمة والمفيدة لمجتمع، والتي تلقي الضوء على كتبهم وما احتوته من فكر، ومن معلومات قيمة تفيد في البحث العلمي، والقراء.
وأضاف العبدالجليل أن سياسة الكويت الخارجية لا شك كانت ولاتزال وستبقى منارة في هذه المنطقة، سياسة تؤكد عدم الانحياز والحيادية، وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، مشيرا إلى أن من دعم متانتها وقوتها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وأنها لاتزال تسير على نهجه وزارة الخارجية، والدبلوماسية الكويتية في الخارج، مما يؤكد أننا ككويتيين محظوظون لهذه السياسة المتميزة في بحر يتلاطم أمواجه في المنطقة بصراعات وحروب ومشكلات كبيرة. من جانبه، استعرض د. أسيري مجموعة من الكتب التي نشرها وأعطى ومضات تعريفية عنها، وأشار إلى أن كتاب "سياسة الكويت الخارجية (1991 – 2016)... إنجازات الماضي... تحديات الحاضر... وآفاق المستقبل" قد نشر في هذا العام، لافتا إلى أنه نتاج جهد حوالي 3 سنوات، وأن لم تكن بسهولة الحصول على معلومات الكتاب. وأوضح أن الكتاب يراجع، ويقيم، يحلل، ينقد، سياسة الكويت الخارجية على مدار ربع قرن من بعد التحرير وحتى الآن وبالتحديد من سنوات (1991 – 2016).
الوجه المضيء
ووصف د. أسيري السياسة الخارجية الكويتية، باختصار، بأنها الوجه المضيء للسياسة العامة ولسياسة الدولة، وهذا لا يعنى أن السياسة الداخلية ليست ناجحة، لكن السياسة الخارجية فيها ديناميكية وتتميز بمصداقية بصورة كبيرة، وحرية، وحركة. وطرح د. أسيري تساؤلا: "لماذا نجحت الكويت والدول الأخرى لم تنجح؟" وإجابة عن هذا التساؤل قال: "هناك أسباب وظروف ومعطيات كثيرة، وأهم هذه المعطيات الخصوصية الكويتية ليس في البنية الداخلية فقط، إنما الخصوصية في طبيعة النظام السياسي في التفاعل والتحاور والتواصل في الخلفيات الاجتماعية والتاريخية والعرقية للكويت". وأضاف أنه حاول في سعيه بهذا الكتاب والكتابات الأخرى أن ينظر إلى ما هي أهداف الكويت في تحركها الخارجي، وقال: "نرى من أهداف الكويت الخارجية ثلاثة أهداف أساسية الهدف السياسي الأمني، حيث سعت الكويت ونجحت في اختيار نظام مختلف، وهو نظام وراثي وهو نظام أسرة حاكمة. الهدف الآخر التابع إلى الهدف الأول هو هدف أمني عسكري حماية هذه الدولة الصغيرة". وتحدث عن الهدف الثاني، وهو أن الكويت عربية الهوى والنشاط، والقومية جزء متأصل في البنية والكينونة الكويتية. أما الهدف الثالث فهو هدف تبشيري، وعلق قائلا: "تبشيري ليس بمفهومه اللغوي الديني، ولكنه يعني أن الكويت لديها رسالة، وهي خدمة الآخرين وتقديم العون والمساعدة، وتلك الرسالة متأصلة في الكيان والإنسان الكويتي، وهذه الرسالة تحولت مع النظام الديمقراطي والدولة الحديثة إلى رسالة تنموية".سلوك الدولة
من جانب آخر، تحدث د. أسيري عن العوامل التي تحدد هذا السلوك، وقال: "في الحقيقة هناك 7 عوامل تحدد سلوك الدولة خارجيا، أولها العامل الجغرافي، وهو لا يعني المساحة فقط، أما العامل الثاني فهو العامل الاقتصادي، حيث تمتلك الكويت موارد طبيعية، وأما الثالث العامل فهو السكاني والمجتمعي، والرابع هو العسكري، وفلسفة العسكرية الكويتية مبنية على الردع لا الهجوم، أما العامل الخامس فهو العامل السياسي، وهو مهم، العامل السادس وهو الدولي، وأخيرا العامل السابع النفسي، ونقصد به البيئة النفسية للقائد السياسي، وفهم القائد لدور الدولة".وذكر د. أسيري سمات السياسية الخارجية، ومنها أنها سياسة مسؤولة بمعنى الوفاء بالالتزامات، وتتصف أيضا بأنها ذات بعد عالمي، حيث تقدم رؤى لعديد من المشكلات، إضافة إلى أن الكويت كعضو بازر تتنوع في عضوية المنظمات في القضايا المطروحة وتكون جزءا من خلال تقديم رؤى كويتية خالصة. أما الأمر الرابع فهو التنوع في توظيف الأدوات ومنها الأداة الاقتصادية والدبلوماسية والإنسانية من أجل تحقيق أهداف الدولة، أما آخر الأمور فهو أن الكويت توظف القوى الناعمة.التحديات
عن التحديات التي ستوجهها السياسة الخارجية، قال د. أسيري: «أنا أعتقد أن تحديات في البيئتين الداخلية والخارجية، طبعا في البيئة الداخلية وهي تراجع أسعار البترول سيؤثر حتما على ديناميكية أي دولة، وحرية الحركة ستكون أقل. الأمر الآخر هو التماسك الاجتماعي والتوليفة الداخلية، حيث إن التعاضد والتعاون والتماسك ستقوى من قدرة الدولة في التعامل وفي التفاوض في العمل بالخارج، وكل ما حصل من انكسار داخلي في الأمن المجتمعي سيؤدي إلى العكس. أما الأمر الثالث وهو الاستقرار السياسي، فصحيح أن الكويت مرت قبل سنوات عدة ببعض المشكلات الداخلية، ولكن في الكويت تمتلك نظاما سياسيا قادرا على امتصاص الغضب واستيعاب التناقضات». وفي حديثه عن التحديات على المستوى الخارجي، وصف د. أسيري أنها أكثر تهديدا من البيئة الداخلية، وقال: «أولها ثورات الربيع العربي، أما الأمر الثاني فهو انتشار الإرهاب الدولي، وثالثا عدم الاستقرار الإقليمي، ورابع الأمور صعود اليمين المتطرف في النظام الدولي، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا».