طلب ترامب من الكونغرس إصلاح الصفقة النووية الإيرانية نيابة عنه، وهدد "بإنهاء" الاتفاق إذا لم ينصع المشرعون. لكن استراتيجية الإدارة الملتفة هذه تضمن تقريباً عدم نجاح الكونغرس، مما يُنبئ بأزمة أخرى وربما انسحاب الولايات المتحدة في غضون ثلاثة أشهر.لا شك أن هذه الخطوة لا تختلف عما ألفناه من ترامب، فكما هي الحال مع وعود حملته الأخرى، بما فيها الرعاية الصحية والهجرة، جمع الرئيس بين خطاب متشدد بشأن عكس جزء من إرث الرئيس باراك أوباما وخطة متذاكية تحول دون قيامه هو بالعمل المضني، وهكذا تُرك الكونغرس اليوم ليعالج الفوضى الناجمة، فيما راح المجتمع الدولي يتأمل ما يحدث باستغراب.
لكن ديمقراطيي الكونغرس والشركاء الدوليين سارعوا إلى رفض خطة ترامب، ودافع قادة فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا عن الصفقة، كذلك أعلن الديمقراطيون في كلا المجلسين أنهم لن يشاركوا فيما يعتبرونه خطة غير مكتملة وغير مدروسة.يذكر النائب إليوت ل. إنجل (ممثل نيويورك الديمقراطي)، وهو عضو ديمقراطي بارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: "خطة الرئيس ليست منطقية. يتطلب التفاوض بشأن شروط أخرى تُضاف إلى الصفقة النووية ائتلافاً من الشركاء الدوليين لا خطوة أحادية يتخذها الكونغرس".يدرك الديمقراطيون أن ترامب يوقع بهم ليتحملوا اللوم في حال أخفق الكونغرس في اتخاذ الخطوات الضرورية، ويتوقعون أن ينعتهم ترامب بالضعف في الشأن الإيراني، ورغم ذلك ذكر مساعدون ديمقراطيون في مجلس الشيوخ أنهم لا يريدون التورط في عملية قد تقود إلى انتهاك الولايات المتحدة الاتفاق.يعرب بعض الجمهوريين في الكونغرس أيضاً عن استيائهم، ويشير المساعدون الجمهوريون إلى أن ترامب يتمتع بكل الصلاحيات التي يحتاج إليها لإطلاق العمليات، وإعادة فرض العقوبات، والقيام بكل ما يطلب من الكونغرس إنجازه. وفي رد على إعلان ترامب، أصدرت قيادة مجلس النواب بيانات تحذيرية، إلا أنها لم توافق على تبني قانون كوركر-كوتون. ذكر مساعد جمهوري بارز في الكونغرس، متحدثاً عن البيت الأبيض: "لا يريدون أن يتحملوا مسؤوليته".وعندما سئل تيلرسون عن الأسباب التي تدفع الإدارة إلى إحالة هذه المسألة إلى الكونغرس بدل التعاطي معها بنفسها، أجاب أن عمل الكونغرس يعزز مصداقية الإدارة أمام الحلفاء وإيران على حد سواء، وادعى أن هذا قد يحرك أيضاً عملية دبلوماسية جديدة للتفاوض بشأن اتفاق ملحق.لكن تيلرسون لم يأتِ على ذكر سلبيات إلقاء المسؤولية على عاتق الكونغرس، وإذا رفض هذا الأخير الخطة فستفقد الإدارة مصداقيتها على المسرح العالمي، وستبدو الحكومة منقسمة، وستُعزل الأمة، وفي تلك المرحلة لن يتبقى لمؤيدي الحفاظ على الصفقة، أمثال تيلرسون، وزير الدفاع جيم ماتيس، ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، أي خيار آخر ليقدموه لترامب بغية إصلاح الاتفاق.ربما هذا ما يريده ترامب بالتحديد: الانسحاب من الصفقة خلال ثلاثة أشهر، مدعياً أنه كان يود إصلاحها إلا أن المعارضة في الكونغرس والتصلب الدولي حالا دون ذلك، وإذا كان ترامب مصمماً على مسار مماثل، فما من خطة تشريعية غامضة وبعيدة المنال ستمنعه من ذلك.* جوش روجين* «واشنطن بوست»
مقالات
ترامب يترك المسألة الإيرانية للكونغرس
19-10-2017