صدح كلام الشاعر محمد الفايز الخالد "مذكرات بحار" في أرجاء أوبرا الكويت بألحان موسيقار الكويت غنام الديكان منذ أسابيع، لتهز مشاعر الكويتيين، وليعودوا إلى الزمن الجميل الذي افتقدوه منذ عقود، تلك الكلمات الرائعة المعجونة بتراب الكويت وأهلها وتراثهم بكيان الفذ المبدع الفايز وشياطين إبداعات أوتار الديكان خلقت ملحمة فنية تاريخية يجب أن تعرض طوال العام على مسرح أوبرا الكويت، وتتنقل بين دور الأوبرا الخليجية والعربية والعالمية.مئات الآلاف من الكويتيين في مسرح الأوبرا والبيوت والدواوين والمقاهي وفي الخارج والداخل، وفي كل مكان، غرغرت عيونهم بالدموع، وتحولت لدى البعض إلى سيل من الدموع، وهم يسمعون شادي الخليج والعماري والمطرف يرددون "ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة... ها نحن عدنا يا كويت... عدنا للمدينة"... نعم عدنا لـ "المدينة" للمدنية والتحضر والاندماج والانصهار في المجتمع الذي ضم البدوي والحضري، النجدي والبصراوي، الفارسي والمتحرر من الرق، الشيعي والمسيحي، السني والإسماعيلي.
نعم بكى الكويتيون في ليلة "مذكرات بحار"، ولكن كل منهم كان يبكي لسببه، الأغلبية كانت تبكي لتعثر مشروع الكويت النهضوي والمميز الذي انطلق في خمسينيات القرن الماضي وضاع، وآخرون كانوا يبكون ربما ندماً وحسرة على ما فعلوه بالكويت، سواء من سرقها أو دمرها بالتشدد والعنصرية والطائفية، وكذلك من تبنى مشروعاً خارجياً على حساب مصلحة وطنه، ومزق فيه وحدة أبناء الكويت وتآلفهم.بالطبع هناك آخرون من الكويتيين الذين ابتلينا بهم مؤخراً من الجلفين قساة القلوب وسراق المال العام وعباد الكراسي والفاجرين في الخصومة، ومن يتوارثون المناصب، هؤلاء لم يهزهم شيء، بل هم قادرون على تجيير كل حدث لمصلحتهم، هؤلاء فقط "الدينار والكرسي" هو مشروعهم وغايتهم ولا شيء آخر للوطن، ولن يتعظوا ممن ملأت الأموال أرصدتهم، وملت الكراسي الرفيعة من جلوسهم عليها، ورحلوا دون ذكرى سوى اسم طريق عام مفروض على الناس، بينما قبضة من رمال "سِيف الكويت" عجنت بروح الفايز والديكان صنعت تحفة فنية تخلدهم، وستظل تُبكي الكويتيين على مشروعهم المدني المفقود.
أخر كلام
مذكرات بحار... ودموع «البحرية»!
22-10-2017