الرياض وبغداد تتوجان تقاربهما... برعاية أميركية
● الملك سلمان: فرصة تاريخية لشراكة فاعلة
● العبادي لوقف سياسات التدخل
● تيلرسون يدعو إيران وميليشياتها إلى الخروج من العراق
برعاية أميركية، وصل مسار التقارب بين السعودية والعراق المتواصل منذ أشهر، إلى ذروته، أمس، بالإعلان عن مجلس تنسيقي بين البلدين.
وأضفى الحضور الأميركي المباشر، على الخطوة، أبعاداً إقليمية تتضح معالمها في المستقبل القريب، وقد تعيد قليلاً من التوازن إلى المنطقة.
وأضفى الحضور الأميركي المباشر، على الخطوة، أبعاداً إقليمية تتضح معالمها في المستقبل القريب، وقد تعيد قليلاً من التوازن إلى المنطقة.
توجت المملكة العربية السعودية تقاربها مع العراق بمجلس اقتصادي تنسيقي مشترك، أطلقه رسميا في الرياض، أمس، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.وجرى الاحتفال بانطلاق أعمال «مجلس التنسيق السعودي العراقي» بحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الساعي الى إظهار قدرة الولايات المتحدة على التأثير في سياسات المنطقة، في مواجهة نفوذ إيران.وجاءت الخطوة في إطار التقارب الذي بدأ مؤخراً بين بغداد والرياض، بعد قطيعة دامت نحو أكثر من 27 عاما.
الملك سلمان
وأكد الملك السعودي، دعم بلاده لوحدة واستقرار العراق، قائلا في كلمة ألقاها خلال التوقيع على تأسيس المجلس، إن «الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة»، مؤكدا في الوقت ذاته «دعم وتأييد وحدة العراق واستقراره».وتابع الملك سلمان: «نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا، ونبارك لأشقائنا في العراق ما تحقق من إنجازات في القضاء على الإرهاب ودحره»، مشيرا إلى أن «ما يربطنا بالعراق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة، ولكن أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد».العبادي
من جانبه، أكد العبادي أن «المجلس التنسيقي هو تعبير عن توجهنا وسياستنا، التي لمسناها في نفس الوقت من أشقائنا في المملكة، وبالأخص الملك سلمان»، مبينا أن «المجلس سيكون منعطفا مهما ومنطلقا للتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية».وأضاف العبادي: «إننا نؤمن بأن التعاون والشراكة وتبادل المصالح وربطها بشبكة علاقات بمختلف المجالات هي السبيل لتحقيق تطلعات شعوبنا في الأمن والاستقرار والتنمية وتوسيع التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري»، مشيرا الى «أننا اطلقنا برنامجاً لمستقبل المنطقة يقوم على التنمية وبسط الأمن بدل الخلافات والحروب التي عانينا منها، ويتكون من خمس نقاط أساسية للتنمية وإعطاء أمل للشباب».وتابع أن «تركيز التعاون ضد الإرهاب هو هدف مشترك لبلدينا، ولابد أن نعمل معا ونثبت للعالم أجمع ان هذا الإرهاب لا يمثل ديننا الإسلامي»، مؤكدا: «إننا حررنا مدننا ونتجه لإعمارها، وتمكنا من إعادة معظم النازحين الى ديارهم، وحفظنا وحدة العراق أرضا وشعبا، وخرج العراق موحدا، كما استطاعت السلطة الاتحادية بسط سلطتها في عموم البلاد، وتم فرض القانون في أبعد نقطة».وبين: «إننا نحترم التنوع الديني والقومي والفكري والمذهبي في بلادنا ونعتز به، ودستورنا ضامن لحقوق الجميع، وهو الوثيقة العليا التي وقع عليها شعبنا وصوّت عليها والتزمنا بالعمل بها، والذي يساوي بين حقوق العرب والأكراد والتركمان وبقية المكونات، ويضمن توزيعا عادلا للثروة الوطنية».وأشار الى أن «الخروج عن الدستور والإجماع الوطني عرّض أمن البلاد ووحدتها وسلامة شعبنا للخطر، كما حصل في الاستفتاء الاخير، وقد وقف جميع العراقيين ضد محاولة التقسيم وأحبطوها»، معتبرا أن «المنطقة لا تحتمل المزيد من التقسيم ولا تحتمل استمرار النزاعات، ونحن نرى ضرورة انهاء النزاعات المسلحة».وطالب العبادي بـ»وقف سياسات التدخل في شؤون الآخرين من أجل مصلحة خاصة لهذه الدولة أو تلك، والبدء بمرحلة جديدة من التعاون الشامل والتكامل الاقتصادي المشترك»، مؤكدا أن «أمننا واستقرارنا واقتصادنا ومصالحنا يجب أن يتم صياغتها بعمل مشترك بين دول المنطقة، فليس هناك دولة تنهض بمفردها وسط محيط مليء بالنزاعات المسلحة والدمار والفقر والمرض».مؤكدا: «إننا جادون في التعاون وصادقون في مد يدنا، وسنعمل على إنجاح أي خطوة من شأنها ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية».تيلرسون
من جهته، حث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، العبادي والملك سلمان على الاستمرار ببناء العلاقة بين بلديهما.وقال تيلرسون: «نأمل أن تكون هذه بداية لسلسلة من الإجراءات لتعزيز العلاقة المهمة»، مضيفاً: «نحن نحثكم على أن تستمروا ببنائها».وقالت وكالة الانباء الرسمية السعودية إن المجلس المشترك الجديد يؤسس لمرحلة «طموحة من العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري غير المحدود»، على أن يشكل «حجر الأساس في العمل والتخطيط المتوسط والبعيد المدى».العبادي وبن سلمان
واستقبل العبادي في مقر اقامته بالمملكة العربية السعودية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وبحثا الإسراع بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، والتأكيد على دعم السعودية لوحدة العراق، ومباركة الانتصارات التي حققها العراق، والتطلع للمزيد من التنسيق المشترك بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين.يذكر أن السعودية وجمهورية مصر العربية قد شاركتا بأكبر وفدين في معرض بغداد الدولي.لقاءات تيلرسون
واستقبل خادم الحرمين، في مكتبه بقصر اليمامة، أمس، وزير الخارجية الأميركي، واستعراضا العلاقات الثنائية، وآفاق التعاون بين البلدين، وبحثا تطورات الأحداث في المنطقة.كما بحث ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان مع تيلرسون تطورات الاوضاع الإقليمية والجهود المشتركة في مكافحة الارهاب. وحضر الاجتماع السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الاميركية الأمير خالد بن سلمان ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان.وأعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي، ريكس تيلرسون، في الرياض أمس، أن الجانبين بحثا خطر إيران على المنطقة وأزمة قطر. وأكد الجبير أن اتفاق الملجس التنسيقي العراقي - السعودي سيصب في مصلحة البلدين اقتصاديا وتجاريا وأمنيا. وأضاف الجبير: «نتشاور مع الإمارات والبحرين ومصر بشأن الخطوة المقبلة في أزمة قطر».من جانبه، قال تيلرسون إن «زيارتي الثالثة للرياض تؤكد عمق العلاقات بين البلدين»، مؤكداً: «سنعمل على تنفيذ الالتزامات المنبثقة عن القمة الأميركية - السعودية».وتابع: «بحثت في الرياض دور إيران المزعزع للأمن في المنطقة. ونأمل أن تنضم الشركات الأوروبية لآلية العقوبات المفروضة على إيران». كذلك دعا الوزير الأميركي الميليشيات الإيرانية إلى مغادرة العراق مع اقتراب حسم المعركة مع تنظيم داعش.وأوضح: «بالطبع هناك ميليشيات إيرانية، والآن بما أن المعركة ضد تنظيم داعش شارفت على نهايتها، فإن على تلك الميليشيات العودة الى موطنها، على جميع المقاتلين الأجانب العودة الى مواطنهم»، كما أشار إلى أن «المجلس التنسيقي السعودي العراقي سيعمل على نقل العراق إلى المستقبل، ونتطلع لعراق قوي، وهذا يتطلب علاقات عراقية جيدة مع الجوار»، مضيفا: «مهتمون بنزع فتيل الأزمة مع قطر وإعادة وحدة التعاون الخليجي».جولة إقليمية
وفي وقت لاحق، زار العبادي القاهرة وبعدها عمّان، على أن ينهي جولته الإقليمية في تركيا وإيران. وأعلنت سفيرة العراق لدى الأردن، صفية السهيل، أن «رئيس الوزراء العراقي الذي عقد اجتماعا مع العاهل الأردني عبدالله الثاني حمل معه، في جولته الإقليمية، مشروع رؤية عربية يتضمن طي صفحة الخلافات والحروب بين دول المنطقة والتركيز على التنمية وبسط الأمن والاستقرار، خصوصا أن الصراعات لم تجلب للمنطقة سوى الدمار والتخلف، ومن ثم زار مصر ويلحقها بعد ذلك زيارة تركيا ويختتم جولته في زيارة طهران».وطالب وزير الخارجية الأميركي أيضا الدول والشركات الأوروبية التي تقيم "علاقات تجارية مع الحرس الثوري الإيراني" بوقف هذه الأعمال، معتبرا أن هذه الدول والشركات "تواجه مخاطر كبيرة".
رئيس الوزراء العراقي يزور القاهرة وعمان ويختم جولته في طهران وأنقرة