في أول رد فعل رئاسي، على واقعة الواحات الإرهابية، التي أودت بحياة 16 شرطياً، وأدمت قلوب المصريين، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي اجتماعاً، أمس، بوزراء الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، والداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، ورئيس جهاز المخابرات العامة خالد فوزي.ووفق المتحدث الرئاسي، السفير علاء يوسف، أكد الرئيس المصري أن الحرب على الإرهاب لها طبيعة خاصة تختلف عن الحروب النظامية، مشددا على أن "مصر ستواصل مواجهة الإرهاب ومن يموله ويقف وراءه بكل قوة وحسم وفاعلية، حتى القضاء عليه".
وقال المتحدث إن "الرئيس المصري استمع خلال الاجتماع إلى تقارير مفصلة" بشأن هجوم الواحات، و"تقدم بالتعازي في ضحايا الحادث من شهداء الوطن، وأعرب عن خالص المواساة لأسرهم"، مؤكدا أن "هؤلاء الأبطال ضربوا المثل في الشجاعة والإخلاص للوطن، وأن تضحياتهم لن تذهب سُدى". وحسب المتحدث، وجه الرئيس بـ "بذل أقصى الجهد لملاحقة العناصر الإرهابية التي ارتكبت الحادث، وتكثيف الجهود الأمنية والعسكرية لتأمين حدود البلاد من محاولات الاختراق".كما أكد أن "الحرب على الإرهاب لها طبيعة خاصة تختلف عن الحروب النظامية، وأن رجال القوات المسلحة والشرطة البواسل نجحوا خلال السنوات الماضية في تجنيب الوطن المسارات التي شهدتها الدول التي تفشى فيها الإرهاب، ونجحوا في استعادة الاستقرار والأمن ومحاصرة الجماعات الإرهابية والتضييق عليها".وطبقا للمتحدث، شدد الرئيس على "ضرورة عدم السماح بتحقيق أهداف الإرهاب في التأثير على الروح المعنوية للشعب المصري، الذي يعي تماماً حجم التحدي ويقدر تضحيات الشهداء الذين يقدمون أرواحهم الغالية فداء لأمن الوطن وسلامة المواطنين".وفي حين علمت "الجريدة" أن الاجتماع حضره قائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، ورئيس جهاز المخابرات الحربية اللواء محمد الشحات، وأنه تم خلاله تنسيق الجهود بين الجيش والشرطة لملاحقة العناصر الإرهابية في جميع الاتجاهات الاستراتيجية، وتأمين حدود البلاد من محاولات الاختراق.
فرض الطوارئ
إلى ذلك، وافق البرلمان على العمل بقانون الطوارئ في البلاد، لمدة 3 أشهر جديدة، حيث ألقى رئيس الوزراء شريف إسماعيل بيان الحكومة المتعلق بالقانون، وتعهد بعدم اتخاذ أي إجراءات استثنائية إلا في إطار مواجهة الإرهاب والتطرف.وأعلن رئيس البرلمان علي عبدالعال، الموافقة على القانون، إلى جانب العمل على تقنين تعويض ضحايا العمليات الإرهابية، وتابع: "لا غنى عن العمل بقانون الطوارئ في ذلك التوقيت".من جانبه، قال نائب رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق، اللواء فؤاد علام، لـ "الجريدة": "الأجهزة تستخدم قانون الطوارئ في أضيق الحدود، ولا يمكن أن يثير التجديد الجديد للعمل بالقانون قلقاً أو خوفاً من أحد"، فيما عول الخبير العسكري طلعت مسلم، على القانون في التصدي للجماعات الإرهابية وتوجيه ضربات استباقية لها.وبينما شيَّع أهالي ضحايا الأحداث ذويهم، مساء أمس الأول، علمت "الجريدة" من مصادر رفيعة أن وزارة الداخلية أمرت بتشكيل لجنة رفيعة المستوى من جهاز الأمن الوطني والأمن العام والمخابرات الحربية، للتحقيق في الواقعة، لافتة إلى أن المؤشرات الأولية تظهر أن الخلية الإرهابية تمكنت من رصد تحرك القوات، وأن معظم عناصر تلك الخلية جاءت عبر الحدود الغربية، وتحديداً من منطقة "السلوم" الحدودية مع ليبيا، وأن أحد العناصر البدوية ساعدهم في الارتكاز في تلك المنطقة عند الكيلو 135 طريق الواحات البحرية، جنوب غرب محافظة الجيزة.ولفت المصدر إلى أن هجوم العناصر الإرهابية اتبع تكتيكات جديدة في القتال، بينها العمل على تخريب أجهزة التتبع "GBS" الموجودة في المدرعات لتضليل قوات الأمن وعرقلة وصول أي دعم لتلك العناصر، فيما أشارت التحقيقات إلى أن عناصر إرهابية وثقت العملية عبر تصويرها، بينما لفت التقرير المبدئي للطب الشرعي إلى أن كثيراً من إصابات الجنود كانت في الذراعين والساق، وأن من بين الوفيات طلقات مباشرة في الرأس، مما يؤكد غزارة إطلاق النار.تجاوزات موسى
وبينما طالبت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، وكالة "رويترز للأنباء" وموقع "بي بي سي" الإخباري، بالاعتذار عما نشرته الوكالتان بشأن وصول أعداد قتلى الواحات من قوات الشرطة إلى أكثر من 50 قتيلا، نفت وزارة الداخلية المصرية، أمس، صحة ما نشر بشأن تسجيلات صوتية، نشرها الإعلامي المثير للجدل أحمد موسى خلال برنامجه "على مسؤوليتي" المذاع على فضائية "صدى البلد"، وزعم أنها تخص اشتباكات الواحات، وقالت الوزارة: "جميعها لا يمت للواقع بصلة".وقررت الهيئة الوطنية للإعلام وقف موسى عن العمل، في حين حرك عدد من المحامين عددا من القضايا ضده، متهمين إياه بالإضرار بالأمن القومي المصري، بينما قال نقيب الإعلاميين حمدي الكنيسي لـ "الجريدة": "قرار الوقف مؤقت لحين الانتهاء من التحقيق معه فيما نشره".وقال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد، في بيان أصدره أمس، إن غالبية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، رغم نقص المعلومات المتاحة، التزمت في تغطيتها للحادث بالمعايير والقواعد الإعلامية والمهنية، وأن عدداً محدوداً من الصحف والفضائيات ارتكب تجاوزات أسهمت في تضليل الرأي العام.إلى ذلك علمت "الجريدة" أن الإعلامي أحمد موسى سيظهر على شاشة "صدى البلد" مجدداً، حال اعترافه بفبركة التسجيلات وتقديم القناة اعتذارا عما حدث، بينما قال صاحب القناة، رجل الأعمال محمد أبوالعينين، لأحد المواقع الإخبارية: "موسى سيظهر على شاشة القناة".ووصف وكيل نقابة الإعلاميين، طارق سعدة، ما قام به موسى بـ "الكارثة"، وتابع: "التصرف ينم عن غياب أساسيات العمل الإعلامي في وقت حرج للغاية وفي قضية أمن قومي، في حين قال الخبير الإعلامي، صفوت العالم، لـ "الجريدة": "التعتيم الإعلامي على الأحداث اضطر المواطن إلى اللجوء إلى نوافذ تبث معلومات خاطئة، مما تسبب في كل هذا اللغط حول الأحداث"، وشدد على ضرورة أن يكون لتلك الأجهزة مسؤول إعلامي يضع الأمور في نصابها منذ اللحظات الأولى، حتى لا تسمح بحدوث تلك التجاوزات.